الموضوع: فائدة: كتاب سليم بن قيس:

    • كتاب سليم بن قيس الهلالي مشهور وقع فيه خلاف كثير.

    • سليم بن قيس من الاجلاء والاولياء.

قلنا ان من جملة الفوائد لا بأس بالتعريج على الكتب المشهورة، ما مقدار حجيّتها واعتبارها.

سنبحث اليوم كتابا كثر الكلام واللغط فيه، ما بين مؤيد ومعارض باعتباره، هو كتاب سليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي العربي، حصل اللغط الكثير بالكتاب، ولعلّ السبب هو ما نراه في حياتنا العملية العادية، من ان المواقف الحادة توجد حالة انجذاب. سليم بن قيس في كتابه أحيانا يسمى " السقيفة " و " اسرار آل محمد " ذكر أمورا كثيرة عن فترة حساسة في التاريخ الإسلامي والعربي والبشري، وهي فترة ما بعد رسول الله (ص)، السقيفة وما جرى بعد السقيفة، وما جرى في تاريخ صدر الإسلام، هذه الفترة الحساسة كيف تمّ الانقلاب على أهل البيت (ع) وعلى الإسلام ان صح التعبير في كثير من الأمور. الكثير من الأشخاص لم يتحمّلوا ما ورد في هذا الكتاب خصوصا أبناء العامّة، لذلك كثر اللغط في الكتاب. والكتاب كما قيل فيه أمور حتى عند علماء الشيعة الاماميّة غير مقبولة، من قبيل ان الأئمة ثلاثة عشر، وامور يصعب قبولها تاريخيا مثلا ان محمد بن ابي بكر نصح اباه. المؤرخون يقولون ان محمد بن ابي بكر كان عمره الشريف سنتين عندما توفي اباه، عقلائيا ليس لديه ادراك بحيث يستطيع ان ينصح اباه. هناك أمور مستهجنه ومستغربة حتى عند الشيعة الاماميّة، وما ورد في الكتاب لا يتحمّله أبناء العامّة في ذكر ما فعل الأول والثاني والثالث وبنو اميّة.

سليم بن قيس حضر معركة صفين الجمل والنهروان، وكان من أولياء وخواص امير المؤمنين (ع)، هذا المضمون في الكتاب اعتقد هو الذي أدى إلى هذا اللغط، واعتقد ان الكتاب بأساسه موجود وثابت لكن حصل فيه دس وتزوير وتحريف من قبل نفس الجهة التي دسّت في كتاب ابن الغضائري أي ليس الشيعة هم الذين دسوا وزوروا، الشيعي لا يقول ان الأئمة ثلاثة عشر، لكن لإسقاط الكتاب عن الاعتبار دسوا فيه ما لا يقبله عقل أو نقل، وذكروا المنامات التي تذكر بان سليم إلى جهنّم، لذلك اسقطه شعبة بسبب المنامات، هذه المضامين هي التي جعلت النوع من الشك والتشكيك في الكتاب مع العلم انه أخذ به واعتبره كثيرون ورفضه كثيرون، والامر فيه صعب.

الفرق بين كتاب سليم وكتاب ابن الغضائري: يختلف عن كتاب ابن الغضائري بان كتاب ابن الغضائري اختفى لعلّه مئتين وخمسين سنة ثم ظهر على يد ابن طاووس، اما كتاب سليم فقد اشتهر ولم يختف.

لذلك ما مدى اعتبار هذا الكتاب؟

سنتكلم أولا عن سليم بن قيس، ثم نتكلم عن أبان بن ابي عياش ناقل هذا الكتاب ، هل هو مجهول، صحيح، ثقة غير ثقة؟ لان تقريبا جميع اسانيد هذا الكتاب تنتهي إلى أبان الذي رواه عن سليم بن قيس، وإلا ضمن الاسناد الأخرى هناك أناس اعلائيين كابن ابن عمير وعمر بن ابي اذينة، لكن كل هذه الاسناد تصل إلى أبان بن ابي عياش. ثم المختار ومدى اعتبار هذا الكتاب.

إذن الكلام في نقاط ثلاث:

    • من هو سليم بن قيس.

    • من هو ابان بن ابي عياش.

    • مدى اعتبار الكتاب.

سليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي ولد 2 ق ه و ت 76) أي عمره 78 سنة. من المصنفين العرب في صدر الإسلام ورد المدينة في سن الصبا في زمن عمر بن الخطاب وادرك الامام علي بن ابي طالب (ع) وادرك أصحابه واشترك في حرب الجمل وصفين والنهروان، عاش في الكوفة إلى ان دخل الحجاج بن يوسف الثقفي العراق، وسأل عنه يريد قتله، فهرب إلى النوبندجان (في بلاد فارس قسم جنوبي يتبع لوالي البصرة وقسم شمالي يتبع لوالي الكوفة) ولجأ إلى دار أبان بن ابي عياش، فآواه فمات عنده، [1] فكان ابان هذه الفترة مع سليم والكتب معه يحملها.

الظاهر انه من خواص امير المؤمنين (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) وزين العابدين (ع) وأدرك الباقر (ع) أيضا كما يظهر من بعض الروايات الموجودة في كتابه، ذكر ذلك البرقي والطوسي وابن النديم صاحب اول فهرست ومتهم انه كان يتشيّع.

ولذلك روى ما جرى في السقيفة عن امير المؤمنين (ع) وعن سلمان وابي ذر والمقداد وابن عباس والبراء بن عازب.

شهد سليم مع امير المؤمنين (ع) وقعة الجمل في سنة 35 ه وكتب كثيرا من تفاصيل ما وقع في تلك الوقعة وبعد تلك الوقعة كما في الأحاديث: 28، 29، 53، 56، 59، 67من كتاب سليم.

شهد سليم وقعة صفين في سنة 36 ه وشهد واقعة الحكمين. وكان في شرطة الخميس.

شهد سليم وقعة النهروان في سنة 39 ه كما ورد في الأحاديث: 56، 57.

عاش سليم إلى سنة 76 ه.

من جهة عدالته ووثاقته: لا شك في انه من كبار الأولياء وخواص الخواص عند الشيعة في عصره، وإن كان خامل الذكر لولا كتابه، فيقول عنه ابن قتيبة الدينوري العامي في المعارف عند ذكر فرق المسلمين والمشهورين من كل الشيعة: الحارث الأعور، وصعصعة بن صوحان، والاصبغ بن نباتة، وعطية العوفي، وطاووس، والاعمش، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو صادق ( الظاهر انه سليم بن قيس ).

كان من أولياء امير المؤمنين (ع)، يقول العلامة في الخلاصة: روى الكشي أحاديث تشهد بشكره ومدحه ، والوجه عندي الحكم بتعديل المشار إليه، ثم أورده في أولياء امير المؤمنين (ع).

ذكره المجلسي (ره) في البحار في عداد الثقات العظام والعلماء الاعلام.

عدّه البرقي من أولياء امير المؤمنين (ع) كما ذكر السيد محسن الأمين (ره) في كتابه اعيان الشيعة [2] وقال انه صاحب كتاب مشهور.

عدّه الشيخ في أصحاب امير المؤمنين (ع).

عبّر عنه العلامّة الاميني (ره) في كتابه الغدير انه التابعي الكبير الصدوق الثبت.

السيد الخوئي (ره) في معجم رجال الحديث: ثقة جليل القدر عظيم الشأن، ويكفي في ذلك شهادة البرقي، فانه من الاولياء من أصحاب امير المؤمنين (ع).

النتيجة: سليم بن قيس الهلالي من الاجلاء الممدوحين والاولياء الصالحين وهذا فوق التوثيق، نفهم ذلك من مجموع ما ذكر فيه.