< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

43/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فائدة: البحث في كتاب الاشعثيات:

     الاشعثيات والجعفريات كتاب واحد.

     سند النجاشي والطوسي واحد.

     البحث في سند الاشعثيات.

     الحسين بن عبيد الله الغضائري جليل من وجوه الطائفة:

     سهل بن احمد بن سهل: لا باس به كما عن النجاشي ولا يعارضه ما ورد في تضعيفه في كتاب ابن الغضائري.

     محمد بن محمد بن الاشعث: ثقة جليل.

     موسى بن إسماعيل بن الكاظم (ع): فيه مؤيدات للوثاقة من دون ان تكون دليلا حجة.

     اسماعيا بن الكاظم (ع): فيه مؤيدات من دون ان تصل عندنا إلى مرحلة الدليلية.

     النتيجة: الكتاب مشهور، لكن لا يمكن الاعتماد عليه بحث يكون معتبرا حجة.

نعود لكتاب الاشعثيات نقول: هو كتاب قديم مشهور يسمى أيضا كتاب الجعفريات، فتارة ينسب لمحمد بن محمد بن الاشعث وهو من الأجلاء وتارة ينسب إلى إسماعيل بن موسى بن جعفر (ع) باعتبار ان الروايات الموجودة فيه رويت عنه (ع). وهو كتاب كبير يحتوي على أكثر من ألف حديث بسند واحد ذكره الطوسي (ره) والنجاشي، واوصلها بعضهم إلى أكثر من 1700 حديث. فما هو مقدار الاخذ بهذا الكتاب؟

وهو من الكتب القديمة المعروفة وقيل انها من المعوّل عليها لإسماعيل بن موسى بن جعفر (ع)، لكن استعرضت الكتب التي يتكل عليها الحر العاملي (ره) لم أجد كتاب الاشعثيات في الكتب التي اعتمد عليها.

سند الكتاب: ذُكر سند الكتاب في رجال النجاشي وفهرست الطوسي وهو التالي: الحسين بن عبيد الله الغضائري أخبرهما عن سهل بن احمد بن سهل، عن محمد بن محمد بن الاشعث بمصر قراءة عليه عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر (ع) عن ابيه إسماعيل بن موسى بن جعفر عن الكاظم (ع).

وذكر في مستدرك الوسائل ان ابن طاووس قال في محكي كتاب عمل شهر رمضان المدرج في الاقبال: رأيت ورويت من كتاب الجعفريات، وهي ألف حديث بإسناد واحد عظيم الشأن إلى مولانا موسى بن جعفر (ع). [1]

ولا باس ينقل ما قال صاحب الجواهر(ره) في باب الامر بالمعروف: " بل الكتاب المذكور على ما حكي عن بعض الافاضل ليس من الكتب المشهورة، بل ولا المعتبرة، ولم يحكم أحد بصحته من اصحابنا، بل لم تتوافر نسبته إلى مصنّفه، بل ولم تصح على وجه تطمئن به النفس، ولذا لم ينقل عنه الحر في الوسائل، ولا المجلسي في البحار، مع شهرة حرصهما، خصوصا الثاني على كتب الحديث، ومن البعيد عدم عثورهما عليه.

والشيخ والنجاشي وان ذكر ان مصنّفه من أصحاب الكتب، إلا انهما لم يذكر الكتاب المزبور بعبارة تشعر بتعيينه، ومع ذلك فان تتبّعه وتتبع كتب الأصول يعطيان انه ليس جاريا على منوالها، فان اكثره بخلافها.

ولننظر في السند:

     الحسين بن عبيد الله الغضائري: هو رجل جليل فقيه وجه. يقول عنه صاحب الوسائل: الحسين بن عبيد الله الغضائري كثير السماع، عارف بالرجال، له تصانيف، شيخ الطائفة، سمع منه الطوسي، واجاز له وللنجاشي، قاله العلامة، ونحوه الشيخ والنجاشي. نعم لم يصرح بالتوثيق لكن ما ذكر قرائن أعظم من التوثيق. وهذا مدح له، وإن لم يوثق صريحا، لكنه كبير الطائفة في زمنه. لكن كتابه اختفى من بين أيدينا حولي ثلاث مئة سنة ثم ادعاه ابن طاووس وتبناه العلامة الحلي ويروون عنه.

     سهل بن احمد بن سهل: قال النجاشي: سهل بن احمد بن عبد الله بن سهل الديباجي لا باس به، كان يخفي امره كثيرا، ثم ظاهر بالدين في آخر عمره، له كتاب " إيمان ابي طالب (رض) "، اخبرنا به عدّة من اصحابنا، واحمد بن عبد الواحد، وعدّه الشيخ من رجاله في من لم يرو عنهم (ع) قائلا: احمد بن سهل بن عبد الله بن سهل الديباجي بغدادي وكان ينزل درب الزعفران، سمع منه التلعكبري سنة 370 ه، وله منه إجازة، ولابنه، اخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله، يكّنى أبا احمد.

وقال الغضائري في كتابه المنسوب اليه: سهل بن احمد بن عبد الله بن سهل الديباجي كان ضعيفا، يضع الأحاديث، ويروي عن المجاهيل، ولا باس بما رواه عن الاشعثيات ومما يجري مجراها مما روى غيره.

لذلك نقول كما قال النجاشي سهل بن احمد بن عبد الله بن سهل الديباجي لا باس به، فنأخذ بروايته بمعنى المقبولة وليس بمعنى التوثيق، وذكر ان سهل كان يعيش تقيّة في مصر وكان يخفي أمره ثم ظاهر في الدين في آخر عمره وله كتاب. فنحن نأخذ بكلام النجاشي واما تضعيف ابن الغضائري فلا يعارضه لان كتابه لم يثبت نسبته إليه عندنا فالنتيجة ان سهلا بن احمد بن سهل لا بأس به.

     محمد بن محمد بن الاشعث: يقول الحر في الوسائل: محمد بن محمد بن الاشعث أبو علي الكوفي، ثقة من اصحابنا، سكن مصر، قاله النجاشي والعلامّة.

     موسى بن إسماعيل بن الكاظم (ع): ذكر المحدث النوري (ره) انه كان الّف كتبا، وانه شيخ إجازة، وقد روى بعض الثقات عنه ذكرهم المحدث النوري، لكن هؤلاء الثقاة ليسوا ممن " لا يروي إلا عن ثقة " ولم يثبت عندنا أيضا ان كل شيخ إجازة هو ثقة. وهذه الأمور عندنا مؤيدات غير كافية للتوثيق، وإن كانت تقربه من الوثاقة، وهذه المؤيدات إذا وصلت إلى حالة الاطمئنان اخذنا بالاطمئنان، لان الحجة في هذه الحالة هو الاطمئنان وليس القرينة، وإلا فمع عدم الاطمئنان نعود للقواعد، وقاعدة هذه كلها ليست ادلّة، والذي ثبت عندنا كما ذكرنا سابقا بعد البحث، الشيخ الطوسي (ره) يقول: هؤلاء الثلاثة: صفوران وابن ابي عمير والبزنطي، واضرابهم، وبعد البحث ثبت ان من اضرابهم: محمد بن إسماعيل بن بزيع و أبو بصير الاسدي وزرارة بن اعين، والباقي يمكن ان يروي عن ثقة وغير الثقة. وذكر مثلا صاحب الوسائل وغيره: محمد بن خالد كان رجلا ليس في نفسه شيء _ثقة_ لكنه يروي عن الضعفاء ولا يأبه من أين أخذ وكيف أخذ. هم يصرحون ان الثقة الجليل يمكن ان يروي عن غير ثقة، فلا يمكن تأسيس قاعدة ان الثقة لا يروي إلا عن ثقة.

وقلنا أيضا ان ليس كل مجرد من روى احاديثنا نأخذ به، بل يجب أن أثبت الوثاقة، وهذا هو ديدن العقلاء.

النتيجة ان موسى بن إسماعيل بن الكاظم (ع) لم يثبت عندنا توثيقه وان كان حفيد الكاظم (ع)، نعم هو ليس كذابا ولم يثبت ضعفه، انا اعبّر عن السند حينئذ بغير التام، بحيث تطمئن النفس اليه ويكون دليلا على العمل.

     إسماعيل بن الكاظم (ع): وقع في اسناد كامل الزيارات، لكن ليس مباشرة، ولو كان مباشرة قلنا انه كل من وقع في اسناد كامل الزيارات وروى عنه ابن قولويه مباشرة نأخذ فيه، لكن مجرّد الوقوع ضمن السند غير كاف في التوثيق وان ذهب الكثيرون إلى ذلك.

نقل عن المفيد ان لكل واحد من أولاد الكاظم (ع) فضلا ومنقبة. وهذا نوع من المدح وليس توثيقا في النقل، فالكرم مثلا منقبة والشجاعة كذلك لكنهما ليسا توثيقا.

وذكر الكشي في اختيار معرفة الرجال:

ما روى في صفوان بن يحيى واسماعيل بن الخطاب: 961- حدثني محمد بن قولويه، عن سعد (ثقة)، عن أيوب بن نوح (ثقة)، عن جعفر بن محمد بن اسماعيل (مجهول)، قال: أخبرني معمر بن خلاد، قال: رفعت ما خرج من غلة اسماعيل بن الخطاب، بما أوصى به إلى صفوان بن يحيى، فقال: رحم اللّه اسماعيل ابن الخطاب بما أوصى به الى صفوان بن يحيى ورحم صفوان فانهما من حزب آبائي عليهم السّلام، و من كان من حزبنا أدخله اللّه الجنة.

صفوان بن يحيى مات في سنة عشر ومأتين بالمدينة وبعث اليه أبو جعفر عليه السّلام بحنوطه وكفنه وأمر اسماعيل بن موسى بالصلاة عليه. [2]

هل الصلاة على الجنازة تعتبر توثيقا؟ الصلاة على الجنازة لا يعتبر فيها العدالة. نعم قد يكون تكليف الامام (ع) بالصلاة على صفوان لغايات لا علاقة لها بالتوثيق مثلا لوجاهته ولكن ليس كل وجيه ثقة وهذه من المؤيدات، وفي تاريخ الإسلام شواهد كثيرة على ذلك، كما ورد عن النبي (ص) عند فتح مكّة " من دخل دار أبي سفيان هو آمن " هذا نوع من الاستقطاب، شخص وجيه ننظر اليه إما لكف شرّه أو لغير ذلك من الغايات، لنضع الأمور في واقعها السياسي والاجتماعي والثقافي. الزمني والمكاني في هذه الأمور.

إذن الامر بالصلاة وحده لا يكفي للتوثيق وان كان نوعا من تسليط الضوء على التجليل والتكريم. نعم بعض من ذكر هذه الرواية ان الامام (ع) امر إسماعيل بالصلاة على صفوان قال ان في سندها جعفر بن محمد بن اسماعيل (مجهول).

والظاهر ان الكلام من الكشي ان صفوان مات سنة 210 بالمدينة ... لا علاقة له بالرواية هو نقل منه وليس جزءا من الحديث وان جعفر بن محمد بن إسماعيل ليس هو الذي روى ان الامام امر إسماعيل بالصلاة على صفوان.

وذكر المفيد ان أولاد موسى بن جعفر لكل منهم منقبة مشهورة وفضل، وقلنا ان هذا ليس توثيقا.

وذكر في التهذيب ان موسى بن جعفر (ع) جعله متوليا على الوقف. هذا يحتاج للأمانة وحسن الإدارة وليس للتوثيق. والشاهد ان النبي (ص) ارسل أبا سفيان ليجبي الصدقات، اليس الامام علي بن ابي طالب (ع) عيّن على اصطخر زياد بن ابيه، والصدقات عبادة. وفي رواية ان امرأة جاءت إلى الامام علي (ع) تشكو والي البصرة عنده قال: " اللهم لم آمرهم بظلم عبيدك ". النبي (ص) والامام (ع) كانا يتعاملان مع الناس بشكل طبيعي، ظاهري، او يريد نوع من الإضاءة أو الاستقطاب كما ان بعض زيجات الرسول (ص) لعلّها كانت لأجل مصالح سياسيّة كالكف من شر بعض الأشخاص او بعض القبائل.

وقد بيّنا ان تولية المعصوم (ع) لشخص لا تدلّ عبى وثاقته في كتاب المختصر النافع في علم الرجال.

وذكر السيد الخوئي (ره) ان طريق الشيخ إلى إسماعيل بن موسى صحيح، أي انه روى عنه الثقاة وليس من السهل ان السيد الخوئي (ره) يوثّق.

كل هذه قرائن إذا جعلناها قرينة على التوثيق صار إسماعيل ثقة وإلا فلا.

والخلاصة: إن ما ذكر من السند لا يقوم دليلا على التصحيح والتوثيق، فان فيه موسى بن إسماعيل بن موسى (ع) وإسماعيل بن موسى وما ذكر في توثيقهما لا ينهض دليلا نعم يصلح مؤيدا للتوثيق عندنا.

ولا باس ينقل ما قال صاحب الجواهر(ره) في باب الأمر بالمعروف: " بل الكتاب المزبور على ما حكي عن بعض الأفاضل ليس من الأصول المشهورة بل ولا المعتبرة، ولم يحكم أحد بصحته من أصحابنا، بل لم تتواتر نسبته إلى مصنفه، بل ولم تصح على وجه تطمئن النفس بها، ولذا لم ينقل عن الحر في الوسائل ولا المجلسي في البحار مع شدة حرصهما، خصوصا الثاني على كتب الحديث، ومن البعيد عدم عثورهما عليه، والشيخ والنجاشي وإن ذكرا أن مصنفه من أصحاب الكتب إلا أنهما لم يذكرا الكتاب المزبور بعبارة تشعر بتعيينه، ومع ذلك فإن تتبعه وتتبع كتب الأصول يعطيان أنه ليس جاريا على منوالها فإن أكثره بخلافها، وإنما تطابق روايته في الأكثرية رواية العامة إلى آخره، كل ذلك مع اشتمال الخبر المزبور على الحكم الذي يرجع إليه فيه بالضرورة من المذهب،... [3]

النتيجة: الكتاب مشهور، لكن لا يمكن الاعتماد عليه بحيث يكون معتبرا حجة.

 


[1] المحدث النوري منحاه قبول الأحاديث والرواة، كأن الأصل عنده ان يكون الراوي ثقة، والكتب صحيحة. فمثلا عنده انه بمحرّد ان روى الحسن بن محبوب عن شخص أصبح ثقة، ومثل اخر حنان بن سدير عنده ثقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo