< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

43/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فائدة: النتيجة لاسانيد الحلّي في مستطرفات السرائر،

والبحث في كتاب الاشعثيات:

     النتيجة: إن الكتاب الذي فيه الدسّ احتمالا معتدا به وروى عنه ابن ادريس فهذا لا نعتبر ما رواه ابن ادريس عنه، واما الكتاب الذي توافرت القرائن على عدم احتمال معتد به لتزويره فهذا لا يبعد الاخذ به.

     الاشعثيات والجعفريات كتاب واحد.

     سند النجاشي والطوسي واحد.

     البحث في سند الاشعثيات.

     الحسين بن عبيد الله الغضائري جليل من وجهوه الطائفة.

     سهل بن احمد بن سهل.

     نكمل الكلام في كتاب السرائر وهو لوقوع اعتبار من جهة مؤلّفه، في اسانيده التي حذفها ابن ادريس الحلي (ره)، فاختلط الامر بين ان يكون هذا التوثيق بسند معتبر لدينا أو لا، مع ان ابن ادريس كان لا يقول بحجيّة خبر الواحد وهذا يعني ان الروايات معتبر عنده ويعمل بها، هل هذا حدس منه أو حس؟ إذا كان حدسا منه فهو حجّة عليه لا علينا، اما إذا كان حسّ فهو حجّة علينا. حاولوا تخريج هذه المعضلة بتخريجات غير موّفقة فيها ثغرات لا يمكن الخروج منها.

وبالتالي: فان ابن ادريس يعمل بالأخبار الموثقة لديه، وهي غالبا تأتي من خبر الثقة، وقليلا ما تأتي الوثاقة من القرائن الخاصة.

ذكرنا في الدرس السابق تخريجا لقول المرتضى وابن ادريس وغيرهم بعدم حجيّة خبر الواحد، وعملهم به، وكذا تخريج للتعارض بين نقل الشريف المرتضى (ره) إجماع الطائفة على عدم جواز العمل بالخبر الواحد الظني ونقل الشيخ الطوسي الإجماع على عدمه، وهما متعاصران، والثاني تلميذ الأول والتلميذ يعرف أفكاره وخصوصا في مسألة محل ابتلاء كبير.

ذكُرت في رسائل الشيخ الانصاري عدّة تخريجات لهذا التعارض بين الاجماعين، والذي اراه ان التخريج يكمن في فهم مراد الشريف المرتضى (ره) من اننا لا نعمل بخبر الواحد، مقصوده بالخبر الواحد الخبر غير الموثوق، عنده ان خبر الواحد انما يعمل به إذا كان موثوقا مطمأنا به، وكثيرون يقولون بذلك.

من يقول ان السيرة العقلائية هي الحجة والسبب المعتبر والدليل الأساس في حجية خبر الواحد، وهو الصحيح وهو المختار والمؤيّد والمنصور، لكن لنتأمّل ان السيرة العقلائية على ماذا هي قائمة: قائمة على العمل بخبر الواحد إذا كان مطمأنا به، نعم الوثاقة في الخبر تأتي من المخبر، خبر الثقة هو الذي يؤدي غالبا إلى وثاقة الخبر.

ولهذا اختلط الامر على كثيرين بين حجيّة خبر الثقة أو الخبر الموثوق. [1] .

بلا شك ان العقلاء يعملون بالخبر الموثوق، وهناك مسألة لم تذكر في كتب الأصول انه: سيرة خبر الثقة غالبا يؤدي إلى وثاقة، يؤدي إلى اطمئنان بالخبر، الشارع لم يأخذ طريقة أخرى غير الطريقة العقلائية بالعمل بالأخبار.

وذكرت سابقا ان الوثاقة صفة نفسيّة وجودية كالأمانة والصدق والشجاعة تأتي من تكرار صدق الاخبار. السيرة العقلائية هي الدليل على حجيّة الخبر والدليل على الشيء دليل على كل لوازمه، وفي السيرة العقلائية اصالة السند وهي الأصل ان لا يكون ساهيا، واصالة الجهة إذا شككت في انه امر واقعي او امتحاني، واصالة الظهور.

وقلنا ان الذي أتبناه في علاج التعارض بين الاخبار أيضا ان السيرة العقلائية وهي التي أدت إلى حجيّة الخبر قائمة إلى انه إذا تعارضت الاخبار نأخذ بالأرجح عقلائيا وإن لم يكن منصوصا وما ورد في اخبار الترجيح: " خذوا بالأتقى والأورع وما خالف القوم وغير ذلك " فهذه تطبيقات، والدليل عند تعارض الروايات عقلائيا الناس تأخذ بالأرجح، وقلنا اننا لا نقتصر على المرجحات المنصوصة.

نعود للسرائر، هو كتاب محترم، فيكون توصيف روايته بانها مقبولة ليس ببعيد رواياته أضعف من دون بلوغها حد الاعتبار، خصوصا مع قرب زمن الكتاب إلى ابن ادريس، ومع ملاحظة عدم الداعي للدس والتزوير لتعدد الكتب التي اخذ منها وذكرناها، سواء كان حصوله عليها اما سماعا وإما قراءة، وإما مناولة أو وجادة، بل حتى لو كانت من السوق. ويؤيد هذا الاستنتاج ما ذكره الشيخ محمد آصف محسني (ره) عن بعض تلامذة الخوئي (ره): " والظاهر ان ابن ادريس يرويها عن نفس الكتب والأصول من دون ان يذكر طرقه اليها ولذلك رميت بالضعف ... ولكننا بعد التتبع التام في جملة من الطريق رأينا إمكان تصحيح هذه الروايات .... فقد عثرنا في ثمان إجازات أن لابن إدريس طريقا إلى هذه الكتب، لأنه ورد في هذه الاجازات ان ابن ادريس يروي جميع كتب الشيخ ومنها كتاب الفهرست. وعليه: فان كان ابن ادريس يروي كتاب الفهرست بما فيه من الكتب، فتكون طرق الشيخ طرقا لابن ادريس ".

نقول: لا بد من النظر في تلك الاجازات ودلالتها وكيف وصلت إلى ابن ادريس، وهذا ما لم يتسنّ لي مراجعته.

ولكن نقول: إن الكتاب الذي فيه الدسّ احتمالا معتدا به وروى عنه ابن ادريس فهذا لا نعتبر ما رواه ابن ادريس عنه، واما الكتاب الذي توافرت القرائن على عدم احتمال معتد به لتزويره فهذا لا يمكن اغماض النظر عنه.

كتاب الاشعثيات:

كتاب قديم مشهور يسمى أيضا كتاب الجعفريات، فتارة ينسب لمحمد بن محمد بن الاشعث وتارة ينسب إلى إسماعيل بن جعفر (ع) باعتبار ان الروايات الموجودة فيه رويت عنه (ع). وهو كتاب كبير يحتوي على أكثر من ألف حديث بسند واحد، واوصلها بعضهم إلى أكثر من 1700 حديث. فما هو مقدار الاخذ بهذا الكتاب؟

وهو من الكتب القديمة المعروفة وقيل انها من المعوّل عليها لإسماعيل بن موسى بن جعفر (ع)، لكن استعرضت الكتب التي يتكل عليها الحر العاملي (ره) لم اجد كتاب الاشعثيات ولم اجد كتاب الحر العاملي الذي ذكره في الكتب التي اعتمد عليها.

سند الكتاب: ذُكر سند الكتاب في رجال النجاشي وفهرست الطوسي وهو التالي: الحسين بن عبيد الله الغضائري اخبرهما عن سهل بن احمد بن سهل، عن محمد بن محمد بن الاشعث بمصر قراءة عليه عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر (ع) عن ابيه إسماعيل بن موسى بن جعفر عن الكاظم (ع).

وذكر في مستدرك الوسائل ان ابن طاووس قال في محكي كتاب عمل شهر رمضان المدرج في الاقبال: رأيت ورويت من كتاب الجعفريات، وهي ألف حديث بإسناد واحد عظيم الشأن إلى مولانا موسى بن جعفر (ع).

ولننظر في السند:

     الحسين بن عبيد الله الغضائري: هو رجل جليل فقيه وجه. يقول عنه صاحب الوسائل: الحسين ن عبيد الله الغضائري كثير السماع، عارف بالرجال، له تصانيف، شيخ الطائفة، سمع منه الطوسي، واجاز له وللنجاشي، قاله العلامة، ونحوه الشيخ والنجاشي. نعم لم يصرح بالتوثيق لكن ما ذكر قرائن أعظم من التوثيق.

وهذا مدح له، وإن يوثق صريحا، لكنه كبير الطائفة في زمنه.

     سهل بن احمد بن سهل: قال النجاشي: سهل بن احمد بن عبد الله بن سهل الديباجي لا باس به، كان يخفي امره كثيرا، ثم ظاهر بالدين في آخر عمره، له كتاب " إيمان ابي طالب (رض) "، اخبرنا به عدّة من اصحابنا، واحمد بن عبد الواحد، وعدّه الشيخ من رجاله في من لم يرو عنهم (ع) قائلا: احمد بن سهل بن عبد الله بن سهل الديباجي بغدادي وكان ينزل درب الزعفران، سمع منه التلعكبري سنة 370 ه، وله منه إجازة، ولابنه، اخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله، يكّنى أبا احمد.

وقال الغضائري في كتابه: سهل بن احمد بن عبد الله بن سهل الديباجي كان ضعيفا، يضع الاحاديث، ويروي عن المجاهيل، ولا باس بما رواه عن الاشعثيات ومما يجري مجراها مما روى غيره. وقلنا ان كتاب ابن الغضائري ذكر كثرا من اجلاء الشيعة بسوء، ويبدو ان الذي زوّر كتاب الغضائري الذي يحتمل انه كما قال السيد الخوئي (ره) قد وضعه بعض أعداء مذهب اهل البيت ويريدون ان يشوّهوا هذا المذهب، أراد اسقاط سهل بن احمد الديباجي الذي كان رجلا جليلا في مصر عن الاعتبار.

بعد هذا كلّه: لا نجد دليلا تطمئن له النفس على الوثاقة.

مع ملاحظة ان الكتاب الذي بين أيدينا لابن الغضائري (ره) هو منسوب إليه، لكننا شَككنا في هذه النسبة، وقلنا ان من كتبه دسا وتزويرا واتهامات وتضعيفا لكثير من اجلاء الاصحاب، ولعلّ سهل هذا منهم، فانه كان جليلا يخفي أمره، ثم ظاهر بالدين.

 


[1] ذكر اخ من الطلاب من أصحاب الفضيلة ان هناك عام وهو فارجعوا إلى رواة احاديثنا، المعلوم عدم وثاقته نخرجه اما المشكوك ندخله لمكان اطلاق الرواة: الجواب مختصرا: إن متعلّق الحكم " ارجعوا " هو قيّد لبيا بان المراد من روى وأخذ بروايته العقلاء بنحو عقلائي، أي ان السيرة مقيّدة لاطلاق المتعلّق والعقلاء يعملون برواية من ثبت وثاقته ولا يعملون بالمشكوك لعدم انطباق المراد من العنوان، والاحكام تابعة لعناوينها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo