< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

43/02/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فائدة: اسانيد الحلّي في مستطرفات السرائر:

     بيان الكتب التي اخذ منها ابن ادريس في المستطرف.

     الاشكال على المستطرف ان اسانيد ابن ادريس اليها محذوفة، فهل مرسلة؟.

     الجواب بان ابن ادريس لا يعمل بغير القطعي.

     الاشكال على هذا الجواب: لكنه قد عمل قطعا به.

     نظرية في تخريج هذا الاشكال والتعارض بين نقل المرتضى (ره) اجماع الطائفة على عدم حجية خبر الواحد، ونقل الطوسي (ره) إجماع الطائفة على حجيّته.

     ملخص النظرية: ان العمدة في حجيّة الخبر هو سيرة العقلاء، وهي قائمة على اعتبار الموثوق، نعم إخبار الثقة يقتضي موثوقية الخبر إلا مع معارض يسقط الوثوق. ومراد المرتضى وابن ادريس هو حجيّة الخبر الموثوق وان كان ناشئا عن أخبار الثقة دون غيره.

نحن تقريبا انتهينا من ذكر الأمور الاساسيّة في علم الرجال كالتوثيقات والتوثيقات الخاصّة، بقي هناك فوائد مهمّة جدا خاصة في بحوث الكتب والرجالية، سنتطرّق اليوم إلى مستطرفات السرائر.

كتاب السرائر معروف ومشهور للشيخ محمد بن ادريس أبو علي الحلّي (ره)، كتاب قديم من الكتب المعتبرة، لكن هناك مشكلة في كتاب السرائر وهي ان ابن ادريس اختار مجموعة كبيرة من الاحاديث وجعلها في آخر الكتاب وسمّاها بالمستطرفات اخذها من كتب ذكرها، ولكنه لم يذكر سنده إلى هذه الكتب. سنرى ببحثنا ما هي مقدار حجيّة واعتبار هذا الروايات.

وقد ذكر (ره) أسماء من اخذ عنهم في كتابه، نذكر ذلك بحسب ترتيبه:

    1. موسى بن بكر الواسطي، له كتاب.

    2. معاوية بن عمار، له كتاب.

    3. أحمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي، كتاب النوادر.

    4. ابان بن تغلب، له كتاب.

    5. جميل بن دراج، له كتاب.

    6. أبو عبد الله السياري، له كتاب.

    7. البزنطي، له الجامع.

    8. البزنطي، له كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم.

    9. حريز بن عبد الله، له كتاب.

    10. الحسن بن محبوب، من المشيخة.

    11. محمد بن علي بن محبوب، من نوادره.

    12. الصدوق، من الفقيه.

    13. محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، من قرب الاسناد.( ويمكن ان يشكل بعضهم ان قرب الاسناد لعبد الله بن جعفر، أي للأب).

    14. جعفر بن محمد، له كتاب.

    15. الصدوق، من معاني الاخبار.

    16. الشيخ الطوسي، من تهذيب الاحكام.

    17. عبد الله بن بكير، له كتاب.

    18. أبو القاسم بن قولويه، من رواياته.

    19. الصفواني، من انيس العلم.

    20. احمد البرقي، من المحاسن.

    21. الشيخ المفيد، من العيون والمحاسن.

لكن هذه الكتب الذي اخذ منها ابن ادرس في بعضها بينها وبينه حوالي ثلاث مئة سنة، هذا الكتب كيف حصل عليها وما هو طريقه لها.

واعطي مثالا برواية على ذلك ما ذكرناه في بحث الحضانة (كتيّب تقرير الشيخ محمد شمص، ص47):

محمد بن ادريس في آخر السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم مولانا أبا الحسن علي بن محمد رواية الجوهري والحميري، عن أيوب بن نوح قال: كتبت إليه مع بشر بن بشار: جعلت فداك رجل تزوج امرأة فولدت منه ثم فارقها، متى يجب له ان يأخذ ولده؟ فكتب: إذا صار له سبع سنين، فإن أخذه فله، وإن تركه فله.

الاشكال في اسانيد المستطرف ان ابن ادريس (ره) لم يذكر سنده إلى تلك الكتب والمشيخات والروايات، بل نقل الاحاديث مرسلة إليها، فهل تسقط هذه الروايات عن الاعتبار لمكان الإرسال؟ [1]

هنا ابن ادريس عندما اخذ من هذه الكتب، كيف وصلته؟ مع ملاحظة ان هذه الكتب معروفة وموجودة، وليست ككتاب ابن الغضائري الذي كان مختفيا.

دليل من قال بالاعتبار والاشكال عليه:

عرف عن ابن ادريس انه لا يعتمد على أخبار الآحاد، لا يقول بحجية، ولا بالعمل بغير القطعي الصدور، ولذا نستنتج ان سنده إلى الكتاب قطعي. وبالتالي تكون هذه الروايات معتبرة إذا كان سند صاحب الكتاب إلى الإمام (ع) معتبرا.

واشكل عليه: إن ابن ادريس قد عمل بأخبار الآحاد لا محالة كما هو ظاهر واضح من كتبه، هل نستطيع ان ندعي ان كل الروايات التي عمل بها محفوفة بقرائن قطعيّة، ويكون كبعض الأخباريين. لقد اعتمد اعتماده على الروايات من هذه الكتب المذكورة وهي روايات آحاد، فإن سند الرواية من صاحب الكتاب إلى المعصوم (ع) هم آحاد، وليست الرواية متواترة في كل الطبقات، ومع ذلك عمل بها ابن ادريس (ره).

فان الاحتمالات في سند الرواية من ابن ادريس إلى صاحب الكتاب ثلاثة:

     ان يكون اخبار آحاد، فيسقط السند عن الاعتبار لانها مرسلة والسند غير مذكور.

     ان يكون متواترا وقد بيّنا عدمه [2] .

     ان يكون السند محفوفا بقرينة قطعيّة، مما يؤدي عنده إلى قطعيّة الصدور.

وهذا الاحتمال الأخير وان كان ممكنا، إلا انه حدس واجتهاد منه، فهو حجة عليه لا علينا.

إذن روايات ابن ادريس في المستطرف ساقطة عن الاعتبار لانها مرسلة إلا فيما صرّح هو (ره) ان نقله كان من الكتاب مباشرة، (وهذا التصريح سيف ذو حدين من ناحية ينفع الكتاب ومن ناحية يسأل لماذا صرحت هنا ولم تصرّح هناك، هذا يعني انه لم ينقل من الكتاب الأخرى مباشرة). كما صرّح في نوادر محمد بن علي بن محبوب، حيث قال ان هذا الكتاب كان بخط شيخنا ابي جعفر الطوسي (ره).

قد يقال: إن معرفة خط الطوسي أمر حدسي من الحلّي فلا يكون حجّة.

فانه يقال: إن معرفة خط الشيخ الطوسي (ره) وان كانت حدسية منه إلا انها قريبة من الحس [3] ، وعليه فتكون حجّة، وبالتالي يكون الشيخ قد أخبره بروايات النوادر من دون ارسال.

لكن يمكن ان يقال انه حين قال بخط شيخنا ان الكتب الأخرى ليست موجودة عنده.

فالجواب: انها موجودة عنده لكن ليست بخط الكاتب، نعم له سند اليها ولا يسقطها عن الاعتبار.

فملخص الاشكال: إن سند ابن ادريس إلى هذه الكتب غير تام.

والجواب: قد حققنا في مبحث حجيّة خبر الواحد ان مراد ابن ادريس من انه لا يعمل بخبر الواحد هو خصوص ما لم يكن موثوقا، وذلك لان ابن ادريس قد عمل بأخبار الآحاد التي بين أيدينا، ومع ذلك قال انه لا يعمل بخبر الواحد غير القطعي. ومعنى الخبر الواحد عنده وعند السيد المرتضى هو الظني لا الاطمئناني.

     تخريج لقول المرتضى وابن ادريس وغيرهم بعدم حجيّة خبر الواحد، وعملهم به، وكذا تخريج للتعارض بين نقل المرتضى إجماع الطائفة على عدم حجيّة الخبر الواحد ونقل الشيخ الطوسي الإجماع على عدمه:

الدليل الأساسي على العمل بالخبر الواحد هو السيرة العقلائية، وبعضهم استدل على حجية خبر الواحد بالروايات، وبعضهم استدل بالآيات القرآنية، وبعضهم استدل بدليل العقل، وبعضهم بدليل الانسداد الكبير أو الصغير إلى اخره.

والجمع بين هذين الأمرين هو الرجوع إلى ما ذكرناه في مبحثنا من ان حجية الخبر مستندة إلى سيرة العقلاء، وهم يعملون بالأخبار الموثوقة، نعم خبر الثقة بطبيعته يؤدي إلى موثوقية الخبر إلا ان يرد ما يسقط هذه الموثوقيّة من خبر معارض أو ما شاكل.

لكن هناك ثغرة لم يذكرها أحد وهي: ان الخبر الموثوق هو الحجّة، وتسأل ان كل هذا الاخبار هي موثوقة بما هي؟ الجواب انه توجد روايات غير موثوقة، لكن خبر الثقة يؤدي إلى وثاقة بحسب الاقتضاء، إلا إذا اتى معاض يسقط هذا الاطمئنان.

 


[1] ذكرنا سابقا ان كتاب ابن الغضائري رفضناه، لان العلامة الحلي ادعى ان الكتب عنده، والكتاب كان مفقودا ثلاث مئة سنة ثم ظهر من جديد. من اين حصل على الكتاب وخصوصا ان فيه الكثير من الغمز بالرواة، هناك داع للتشكيك بالكتاب. لذلك قلنا اننا لا نعتبره، وقلنا يمكن ان يكون كتابا موضوعا، ومع احتمال الوضع سقط عن الاعتبار.
[2] التواتر:" هو ان يكون الاخبار طبقة عن طبقة، وهو اخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب ". ولا دخل للكثرة وغيرها.
[3] درسنا في الخبر الواحد انه حجّة في الحسيات او في الحدسيات القريبة من الحس. مثلا: " كان علي (ع) شجاعا " خبر متواتر لكن الشجاعة لا ترى فهي ليست امرا حسيا، نعم عرفوها من الأمور القريبة من الحس من مواقفه وتصرفاته، ولذا كان الخبر معمولا به عند العقلاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo