< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

41/07/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجية قول الرجالي:

     الوجه الخامس في حجية قول الرجالي: الظن المطلق ودليل الانسداد.

     بيان المقدمات الخمسة إلى وجوب العمل بالظن.

     الجواب: اولا: نقول بانفتاح باب العلمي، وثانيا: لا علاقة لهذا الدليل بإثبات وجوب العمل بالظن في قول الرجالي، لان المدار هو الظن بالحكم وان حصل من راو ضعيف، وثالثا: انحلال العلم الاجمالي بالتوثيقات إلى علم تفصيلي وشك بدوي.

     الوجه السادس في حجية قول الرجالي كونه من باب وجوب العمل بخبر الواحد مع مشكلة وحلّ.

نكمل الكلام في حجية قول الرجالي:

الوجه الخامس: الظن المطلق بناء على دليل الانسداد:

انسد باب العلم والعلمي في احوال الرجال، واحوال الرجال لا بد منها فنعمل بالظن، رغم ان الظن لا يجوز العمل به ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ﴾ [1] لا عقلا ولا عقلائيا وشهرة. لكنهم قالو إذا طبقنا دليل الانسداد على مسألتنا نستطيع استخراج قاعدة انه يجوز العمل بالظن المطلق في التوثيقات والتضعيفات.

ذكر صاحب القوانين دليل الانسداد الكبير لإثبات حجية خبر الواحد المظنون وهو مؤلف من خمس مقدمات نذكره ملخصه.

ونحن قلنا ان العمل بخبر الواحد هو من باب سيرة العقلاء على العمل بالخبر وليس من باب آخر، وان كان هناك وجوه اخرى في جواز العمل كالاستدلال بالكتاب أو بالسنة أو بالاجماع.

صاحب القوانين (ره) ذهب إلى ان الظن حجة وقدّم للاستدلال على ذلك مقدمات:

المقدمة الاولى: انسداد باب العلم وهو القطع واليقين، والعلمي أي المنسوب إلى العلم، فهو علم اعتبارا، كخبر الواحد الذي ثبت حجيته.

المقدمة الثانية: عدم جواز إهمال امتثال الأحكام الالهية والحال اننا نعلم ثبوتها إجمالا، وإلا اصبحنا كالبهائم والمجانين لا تكليف علينا.

المقدمة الثالثة: اذا انسد باب العلم والعلمي ونحن لا نزال مكلفين ونعلم اجمالا بوجود بعض التكاليف. ولأجل تحصيل فراغ الذمة من الاحكام المعلومة اجمالا لا بد من سلوك أحد أمور اربعة:

     إما أن نقلد من يرى انفتاح باب العلم والعلمي، وهذا لا يجوز لأنه من باب تقليد الجاهل، لان من يرى انسداد باب العلم والعلمي يرى من يقول بالانفتاح جاهلا مخطئا.

     واما ان نقول بالاحتياط وهو أمر مدفوع بأدلة العسر والحرج، وقد يكون محالا أو متعسرا جدا أو متعذرا.

     واما ان نجري الاصول العملية من براءة أو احتياط أو تخيير أو استصحاب، وهذا يلزم منه الخروج عن الشرع والدين، لانني عندما أشك في التكليف فالأصل البراءة، وحينئذ تصبح معظم الاحكام بل الغالبية العظمى هي البراءة إلا النادر منها المعلوم تفصيلا.

     واما ان نرجع إلى حكم العقل في المسألة.

المقدمة الرابعة: حكم العقل في المسألة هو العمل بما دون العلم، فيدور الامر بين العمل بالظن أو بالوهم (الاصطلاح المنطقي [2] ) ولا شك في ان العقل يحكم بالعمل بالطرف الراجح وهو الظن، وبالتالي يتم العمل بالمظنون ويكون هو الحجة.

فإذا تمّت هذه المقدمات الخمسة تمّ دليل الانسداد

وتطبيقا لدليل الانسداد على ما نحن فيه من علم الرجال وهو كيف يصبح الظن بكلام الرجالي، قالوا:

انسد باب العلم والعلمي في التوثيقات والتضعيفات، ولا يمكن إهماله لاستناد معظم الاحكام الشرعية عليه فنعمل بالمظنون ولما كان قول الرجالي يورث الظن عملنا به.

والجواب: ان دليل الانسداد يجب العمل به بناء على المقدمة الثانية وهي: عدم جواز إهمال الاحكام الواقعية، ولو تمت المقدمات لوجب العمل بالظن من أي سبب كان.

وعليه: فإما ان نذهب إلى انفتاح باب العلم والعلمي في الاحكام الشرعية، وهو المهم، وإما أن نقول بالانسداد.

فإذا قلنا بالانفتاح وقلنا بحجية خبر الواحد في الموضوعات وقلنا بحجية التوثيقات وان اورث الظن يعني ان المقدمة الاولى سقطت، فلا تصل النوبة إلى انسداد باب ي في التوثيقات والتضعيفات، ولا يصح لنا العمل بالظن في علم الرجال ويصح حينئذ الاخذ باخبار الرجاليين.

وان قلنا بالانسداد، فلا يجوز العمل بالظن المطلق في علم الرجال، إذ المهم هو حصول الظن بالحكم ولو من الخبر الضعيف السند، فالظن هو الحجة، فلو اخبرني ضعيف بأمر وحصل لي الظن بسبب قوة مظنون الخبر لزم العمل به من باب حجية الظن حينئذ. هذا اولا.

وثانيا: اننا لا نذهب إلى انسداد باب العلم والعلمي في علم الرجال، فان في الاخبار المتواترة واخبار الآحاد المعتبرة في توثيق أو تضعيف بعض الرواة يؤدي إلى انحلال العلم الاجمالي بوثاقة بعض الرجال اجمالا إلى علم تفصيلي بوثاقة بعضهم وشك بدوي في الاخر.

إذن اولا نقول بانفتاح باب العلمي في علم الرجال، ثانيا: دليل الانسداد لا يطبّق هنا، ثالثا: هل ينحل العلم الاجمالي هنا او لا؟

فعندي هنا مثلا خمسة الاف راو، وعندي علم اجمالي بوثاقة بعضهم وعلم اجمالي بضعف بعضهم. العلم الاجمالي منجز إذن يجب ان احتاط بالجميع إلا في حالة انحلال العلم الاجمالي إلى علم تفصيلي وشك بدوي. فإذا انحل يتعلق الحكم بالمعلوم تفصيلا دون الباقي للشك البدوي فيه. كمثال: عندي عشر غنمات اعلم اجمالا بحرمة اكل بعضها لا اعلم عددها، لكن ثلاثة منها هي قدر متيقن في حرمة الاكل. ينحل العلم الاجمالي إلى علم تفصيلي بحرمة أكل ثلاثة والسبعة الباقية فيها شك ولا يتعلق بها علم، فانحل العلم الاجمالي إلى علم تفصيلي بالتكليف وشك بدوي في السبعة. حينئذ حكم العلم التفصيلي التنجيز اعمل حينئذ به، وحكم الشك البدوي البراءة. هذا من مسائل العلم الاجمالي التي نعلمها، ان العلم الاجمالي حجة إلا إذا انحل إلى علم تفصيلي وشك بدوي.

وهنا ايضا عندنا خمسة الاف راو مثلا، هناك علم تفصيلي بتوثيق الف راو فينحل إلى علم تفصيلي واطمئنان بوثاقة ألف وشك بدوي بالباقي، فآخذ بتوثيق الالف واترك الباقي.

إذن في مسألة الانسداد: اولا: لا نقول بانسداد باب العلمي. ثانيا: حتى لو تم باب الانسداد فهذه الدليل لا علاقة له بالظن بقول الرجالي، بل لها علاقة بالظن بالحكم. ثالثا: ان العلم الاجمالي ينحل إلى علم تفصيلي وشك بدوي، علم تفصيلي بتوثيق بعض الرجال، وشك بدوي في الباقي.

يبقى عندا الخيار الاخير أي الوجه السادس في حجة قول الرجالي، وهو المختار، وهو العمل به من باب الأخبار، وهذا له اثر، وانا ممن يقول بانه يكفي خبر الواحد الثقة في اثبات الموضوعات، رجالي واحد كاف في التوثيق.

نعم في حجية الاخبار مشكلة وهي ان الخبر لا يكون حجة إلا إذا كان من باب الحس لا من باب الحدس. ولذلك وقعوا في مشكلة، لكن بالنسبة لنا لا اشكال لانا نقول بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

وملخص الكلام أي ملخص الاشكال والجواب: إذا قلنا بحجية خبر الواحد أي إذا قلنا ان عمل الرجالي من باب الاخبار فيلزم ان اطبق احكام الاخبار. خبر الواحد لا يجوز العمل به إلا إذا كان حسيا، ماذا نعمل إذا شككنا ان النجاشي عندما يوثق شخصا فهل توثيقه هذا عن حس او عن حدس وتحليل منه. وتدخل المسألة في باب العمل بالعام في الشبهة المصداقية، هم قالوا بانه لا يجوز العمل بالعام في الشبهة المصداقية. لذلك وقعوا في مشكلة وهي: كيف يجوز لنا الاخذ بالمشكوك؟

فخرجوا جواز العمل بقول النجاشي واضرابه بأحد امرين: الامر الاول الذي ذهب اليه السيد الخوئي (ره) وهو اننا نطمئن بتوثيقات النجاشي والكشي واضرابهما انها على نحو الحس، بدليل ان كتب الحديث اكثر من مئة من الحسن بن محبوب إلى الطوسي. ونقول هذا الاطمئنان حجة عليه لا على الاعلام ولا علينا، وسنبيّن ذلك لاحقا.

والنحو الثاني ان خبر الواحد يكون حجة في الامور الحسية أو المحتمل الحس، وسَّعوا دائرة حجية الخبر إلى الحسي ومحتمل الحس. قالوا ان العقلاء تعملون بالخبر ان كان حسيا أو محتمل الحس.

نحن سنتأمل قليلا ان محتمل الحس حجة او لا؟.

فإذن للخروج من الاشكال هناك ثلاثة احتمالات: اما ان نقول بحجية التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، أو ان نقول بالطمأنينة بكون قول الرجالي عن حس كما يقول السيد الخوئي (ره)، أو ان نقول بان خبر الواحد الحسي والمحتمل الحسية.

 


[2] عندما اواجه مسألة هناك اربع حالات: إما ان اتوهم أي يغلب جانب الاقل أي يكون الاحتمال مرجوحا. وإما ان أشك فيكون الاحتمال متساويا، وإما ان اظن أي من النصف إلى تسعة وتسعين أي ان يكون راجحا، واما قطع. القطع ليس واردا فقد انسد باب العلم والعلمي، فنأتي للمرتبة الاقل، وهي الظن دون الشك والوهم. وهذا هو دليل الانسداد، ولذلك صار الطن المطلق طنا معتبرا. وسمي ظنا مطلقا لانه غير مقيد بسبب معيّن ولانه مقابل كالظن الخاص المعتبر، الظن الصادر من خبر الواحد أو الظن الصادر من الشهرة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo