< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

41/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التوثيقات العامة:

     من التوثيقات العامة: ترحم أحد الاعلام كالطوسي والمفيد والصدوق وابن قولويه واضرابهم.

     عدم الدلالة على التوثيق إذ لا مانع من الترحم على الفاسق والكاذب.

     من التوثيقات العامة: كثرة الرواية عن المعصوم: استدل له بروايات مفادها علوّ منزلة الراوي بكثرة روايته عن المعصوم (ع).

     الرواية الاولى ونقاشها سندا ودلالة.

ترحّم أحد الاعلام:

ما يقول السيد الخوئي (ره) في المعجم سنتبناه قال: واستدل على حسن من ترحم عليه أحد الاعلام - كالشيخ الصدوق ومحمد بن يعقوب وأضرابهما - بأن في الترحم عناية خاصة بالمترحم عليه، فيكشف ذلك عن حسنه لا محالة.

نحن نقول ان هذه قيمة ولا تدل على توثيق ولا حسن مرتبط بالنقل والاخبار، نعم تدل على انه ممن يجوز عليه الترحم وتنه محل اهتمام من المترحم، الرحمة تكون للحي والميت والصالح والطالح.

والجواب عنه: أن الترحم هو طلب الرحمة من الله تعالى، فهو دعاء مطلوب ومستحب في حق كل مؤمن، وقد أمرنا بطلب المغفرة لجميع المؤمنين وللوالدين بخصوصهما [1] . وقد ترحم الصادق عليه السلام لكل من زار الحسين عليه السلام، بل إنه سلام الله عليه قد ترحم لأشخاص خاصة معروفين بالفسق لما فيهم ما يقتضي ذلك [2] ، كالسيد إسماعيل الحميري وغيره، فكيف يكون ترحم الشيخ الصدوق أو محمد بن يعقوب وأمثالهما كاشفا عن حسن المترحم عليه ؟ وهذا النجاشي قد ترحم على محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن البهلول، بعد ما ذكر أنه رأى شيوخه يضعفونه وأنه لأجل ذلك لم يرو عنه شيئا وتجنبه. [3]

 

كثرة الرواية عن المعصوم:

من القرائن العامة على الاعتبار كثرة رواية الراوي عن المعصوم (ع) واستدل على ذلك بثلاث روايات:

    1. رجال الكشي باب فضل الرواية والحديث: حمدويه بن نصير الكشي، قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (ثقة)، عن محمد بن سنان (اختلف فيه والارجح توثيقه)، عن حذيفة بن منصور (ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ( إعرفوا منازل الرجال منا على قدر رواياتهم عنا ). [4]

اما السند ففيه محمد بن سنان والظاهر اعتباره في نفسه، ولذلك نميل إلى قبول روايته، والكلام في رواياته، ذكرنا انه قبل وفاته قال: " ما رويته فهو وجادة لا سماعا " هذا سبب في الاشكال على رواياته لان الكتب قد تم فيها الدس كثيرا، وسبب آخر هو روايات ذم وردت فيه وهناك مدح ايضا وترض ودعاء.

واما الدلالة فظاهرها انه كلما ازدادت الرواية عن المعصوم كلما كانت منزلته لديهم اعظم. وهذه منزلة جليلة وتحسين للراوي.

وقد اورد السيد الخوئي (ره) على الاستدلال بالرواية بعد تضعيف السند بمحمد بن سنان الذي يضعّفه السيد الخوئي، بقوله: على أنه لو أغمضنا عن ضعف السند فالدلالة فيها أيضا قاصرة، وذلك فإن المراد بجملة: ( قدر رواياتهم عنا ) ليس هو قدر ما يخبر الراوي عنهم عليهم السلام، وإن كان لا يعرف صدقه وكذبه، فإن ذلك لا يكون مدحا في الراوي، فربما تكون روايات الكاذب أكثر من روايات الصادق، بل المراد بها هو قدر ما تحمله الشخص من رواياتهم عليهم السلام، وهذا لا يمكن إحرازه الا بعد ثبوت حجية قول الراوي، وأن ما يرويه قد صدر عن المعصوم عليه السلام. [5]

وهذا الكلام معقول، فان سهل بن زياد الآدمي قد أكثر من الرواية عن المعصوم ومع ذلك فقد ضعفه الكثيرون.

وانا الفقير إلى رحمة ربه تعالى اقول لعلّ في الدلالة وجها آخر، قال: ( إعرفوا منازل الرجال منا ) لم يقل " عندنا "، فرق بين " منا " وعندنا " عندنا يعني عند الامام (ع) له مقام، اما " منا " التقرب من نفس الشخص. ونقول إن الدواعي لكثرة الرواية متعددة:

منها: تلميع صورة الراوي من انه سمع الامام (ع) كثرا، ولعلّ هذا الداعي كان في وهب بن وهب المعروف بضعفه، وقاضي القضاة في بغداد، ومع هذا الداعي لا دليل على اعتبار الراوي أو توثيقه أو حسنه.

ومنها: المتاجرة بصحبة الامام (ع) عند الناس، ومع هذا الداعي لا دليل على الاعتبار أو الحسن.

ومنها: كثرة المعاشرة والالتقاء مع الامام (ع)، وهذه ايضا لا دليل فيها على الاعتبار.

ومنها: محبة الراوي وقربه النفسي إلى الامام، فان من يحب شخصا يأنس بالحديث عنه. وهذه منقبة ولكنها لا تدل على اعتبار رواية الراوي. ولعلّ هذه الرواية تشير إلى ذلك. فقد قال (ع) " اعرفوا منازل الرجال منا " ولم يقل " عندنا "، فان كلمة " منا " تدلّ على قربهم هم من الامام (ع) ولو من دون منزلة عنده هو، أما كلمة " عندنا " فتدل على منزلة عند الامام (ع) وهذه هي التي فيها مدح جليل، فهنيئا لمن يكون له منزلة عند الامام المعصوم (ع).

 


[1] نحن نتعلم بر الوالدين لكن لا نتعلم بر المؤمن، وذلك بقوله تعالى: " وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا "، فهل اصبح كل والد ووالدة ثقة بمجرد الاستجابة لامر الله؟.
[2] سؤال: هل يصح الترحم على الكفار من أهل الكتاب؟ الجواب: الكافر ليس مجرد من انكر وجود الله عز وجل او نبوة النبي محمد (ص). الكافر هو الجاحد لذلك سورة الكافرون تسمى بسورة الجحد، يعني ان الذي يعرف ان الله حق مع ذلك يعاند نفسه، وليس بمعنى النفاق امام الناس، النفاق هو الانكار امام الناس، اما الجحود فهو الانكار امام نفسه. ورد في القرآن الكريم: " وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم " اليقين بالنفس يكون مع الجحد. الانكار تارة يكون بقناعة عن شبهة، وتارة الانكار امام الناس هذا نفاق، وتارة الانكار اما نفسه وفي اعماقه يعلم ان الذي ينكره صحيح فهذا الجحود.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo