< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

40/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص مباحث علم الرجال.

قاعدة مشايخ الثقات:

نكمل الكلام في الاشكال الاخير على قاعدة مشايخ الثقات، هو ان هؤلاء الثلاثة قد رووا عن ضعاف، فكيف يقول الشيخ الطوسي (ره) انهم لا يروون إلا عن ثقة؟!

إذا استطعنا ان نخرج من هذا الاشكال كما خرجنا من الاشكالات الاخرى ان القاعدة تتم ونستطيع البناء عليها. [1]

الاحتمال السادس: إن الرواية عن ضعيف أو ضعيفين لا تخدش القاعدة، فما من عام إلا وقد خصّ.

وفيه: إن الحكم يتعلّق بالطبيعة لا بالافراد، بلحاظ وجودها الخارجي، لا وجودها الذهني وإلا اصبحت قضية ذهنية، فكلما انطبقت الطبيعة على فرد انطبق عليه الحكم، استلزام المقتضي لمقتضاه والعلّة للمعلول، لكن العلاقة والعليّة بينهما اعتبارية، فلو كان بعض الافراد خارجا عن الحكم لوجب بيان ذلك على الآمر الحكيم، وإذا لم يبيّن فهو خدش في حكمته، لانه يكون قد أوقع المكلف في المفسدة من دون مبرر.

ولذا لا يكون الاستثناء غالبا إلا عندما يجتمع ملاكان متنافيان: احدهما في موضوع العام، والآخر في فرده، فإذا كان ملاك الفرد أقوى من ملاك العام قدّم عليه، وهكذا يكون التخصيص والاستثناء. [2]

ولما كان بعض الافراد في اغلب العمومات يتضمن ملاكا خاصا أقوى، كان اغلب العمومات مخصَّصا، ولهذا اشتهر قول الناس: " ما من عام إلا وقد خص ". [3]

رد الاشكال على القاعدة بالنقل عن الضعاف:

بعدما بيّنا احتمالات وتوجيهات النقل عن الضعاف نشرع في استعراض الضعاف المروي عنهم راويا راويا. ولكن قبل ذلك لا بد من بيان المسقط لنقل القاعدة.

المسقط للنقل: إذا كان مضمون القاعدة عموما نقل بواسطة الحس أو اللب، فلا بد من العمل به إذا كان الراوي ثقة موثوقا به يطمأن إلى حديثه، إلا في اربعة حالات:

الاولى: معارضته للعقل أو للكتاب أو السنة القطعية المتواترة أو المحفوفة بالقرائن، وحينئذ لا بد من اسقاط حجيته او تأويله من قبيل ) يد الله فوق ايديهم ( إذا قلنا ان اليد موضوعة للعضو. ولكن هذا المسقط غير موجود، يعني " كل من يروي عنه صفوان فهو ثقة " هذا هو العموم، المعارض القطعي غير موجود لا في آية ولا في نص.

الثانية: وجود معارض ظني حجة ثابت بنقل حسي أو لبي عن ثقة موثوق به، فإذا نقل الشيخ الطوسي (ره) هذا العام: " كل من يروي عنه ابن ابي عمير هو ثقة "، فلو فرضنا ورود نقل آخر كمثل: " كل من يروي عنه ابن ابي عمير هو كذاب "، فحينئذ نحكِّم علاجات باب التعارض.

الثالثة: استثناء اكثر الافراد، فهذا لا يكون عرفا لانه مستهجن في لغة الناس.

الرابعة: خروج بعض الافراد عن حكم العام من دون مبرر عقلائي او احتمال مبرر عقلائي. نكمله ان شاء الله غدا.

 


[1] الفرق بين القاعدة والحكم: كلاهما جعل، لكن القاعدة جعل على موضوع مأخوذ فيها الشك، وعند الشك ارجع اليها. بينما الحكم فهو جعل على موضوع غير مأخوذ فيها الشك. مثلا: إذا قلنا ان " كل شيء لك طاهر، فهذه قاعدة، اي ارجع أليها عند الشك بقرينة " حتى تعلم انه قذر " بخلاف قوله تعالى: " اوفوا بالعقود ".
[2] مثلا: إذا قلت لك " اكرم العلماء " يعني كل العلماء، وهذا عالم انطبق الحكم عليه، فإذا قلت لماذا اكرمت زيدا وهو فاسق. اجيب بانك لم تقل لي لا تكرم الفاسق. فإذا اردت خروج بعض الافراد من الحكم يجب ان تبين . استطراد: الاستثناء على قسمين: متصل ومنقطع. في المتصل يكون المستثنى احد افراد المستثنى منه العام. اما المنقطع يجب فيكون خارج العام، مثلا: ما رأيت فيها احدا إلا حمارا، هنا لا نستطيع ان نقول " ان ما من عام إلا وخص " لان الحمار ليس احدا. هذا ليس تخصيصا. ومثلا: " معاوية الثاني (ره) ابن يزيد ابن معاوية كان رجلا صالحا خروجه من اللعن " اللهم العن بني اميّة قاطبة " خروج تخصيصي. والفرق بين التخصيص والتخصص: ان التخصص خروج موضوعي، والتخصيص خروج حكمي. من قبيل: " فسجد الملائكة كلهم إلا ابليس " هنا خروج تخصصي لان ابليس ليس من الملائكة بل هو من الجن. التخصيص والتخصص لا علاقة له بادوات، ادوات الاستثناء. التخصيص تارة يكون بلفظ، وتارة لا يكون بلفظ، والتخصص ايضا تارة يكون بلفظ وتارة لا يكون بلفظ. إذن التخصيص خروج عن الحكم، مثلا: " اكرم العلماء " ثم قلت " لا تكرم زيدا " زيد من العلماء فهو استثناء متصل أخرجته عن حكم الاكرام، اما التخصص خروج عن الموضوع، كما لو قلت " اكرم الملائكة إلا ابليس "، خرج ابليس من الملائكة موضوعا لانه من الجن لا من الملائكة.
[3] الظهور في العموم كـ " اكرم العلماء " يعني قابلا للتخصيص لان الظهور فيه احتمال الطرف الآخر أي التخصيص وهو عدم العموم، لكنه ملغى عقلائيا. نتيجة الظهور انه عبارة عن الغاء احتمال الطرف الآخر. بينما النص لا يوجد فيه احتمال للطرف الآخر، فلو قلت لك: " رأيت اسدا " فهذا ظاهر في الحقيقة ويبقى هناك احتمال ان المراد من الاسد الرجل الشجاع مجازا. فالظهور هو الغاء احتمال المجاز وهو امر وجودي وليس عدما. ولذلك في الظهور يمكن التقييد والتخصيص والمجاز، اما في النص فلا يمكن المجاز والتخصيص فيصبحا متعارضين وليسا عاما وخاصا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo