< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

40/01/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص مباحث علم الرجال.

قلنا في مسألة الحاجة إلى علم الرجال ان الدليل الاساسي في نفي الحاجة إلى هذا العلم ان الكتب الاربعة كافية ومقطوعة الصدور فلا داعي للبحث في سند الرواية انه معتبر أو ضعيف وغيره، ولذلك لا بد من بحث مسألة صحة الكتب الاربعة التي ينتج عنها إذا كانت صحيحة انه لا داعي لعلم الرجال بناء على أن كل الاحكام الشرعية موجودة في الكتب الاربعة.

لاحظت شيئا في مسألة الحاجة إلى علم الرجال ان البحث فيها طويل وكثير يدور حول محور واحد وهو ما معنى كلمة " الصحيح " عند القدماء؟ مثلا : الكليني (ره) يقول عن كتابه أنه يحتوي على " الصحيحة عن الصادقين (ع) " . تمسكوا بهذا اللفظ بصحة كل أخبار الكافي وصدورها، فصار الخبر مقطوع الصدور، ولذلك السيد الخوئي (ره) ينقل عن شيخه الاستاذ النائيني (ره) يقول: " ان البحث في اسانيد الكافي حرفة العاجز ". منشأ هذا الوهم كلمة " الآثار الصحيحة " ولذلك كان لا بد من بحث معنى هذه الكلمة عن القدماء كانوا يستعملونها كثيرا " الصحيحة ".

الصحة لها ثلاثة معان محتملة، والسؤال: أي معنى هو المراد عند القدماء؟:

المعنى الاول: الصحيحة هي الصادرة قطعا.

المعنى الثاني: الصحيح بمعنى المعتبر، قد يكون ظنيا لكن قام الدليل على حجيته واعتباره، من قبيل ادلة حجية خبر الواحد.

المعنى الثالث: وهو من المتأخرين من ابن طاووس والعلامة (ره) وهو عندما قسموا الخبر إلى أربعة اقسام: الصحيح، الموثق، الحسن، والضعيف. والصحيح هو خبر عدل عن عدل.

تحقيق معنى الصحة: الظاهر هو المعنى الثاني أي الحجة والمعتبر بدليل قول الشيخ الطوسي (ره) وهو صاحب

كتابين من الكتب الاربعة: التهذيب والاستبصار. يقول عندما يقسم الاخبار إلى مقطوعة الصدور: المتواترة، ومحفوفة بقرينة قطعية، ثم يقول: " ومنها (الاخبار) ما لا يوجد فيه هذا ولا ذاك، ولكن دلّت القرائن على وجوب العمل به ". فإذن هذا أخبار ظنية دل الدليل على وجوب العمل بها.

هنا لا باس من ملاحظات:

الاولى: ان القرائن على حجية الخبر عند الطوسي قد لا تكون قرائن عندنا، فان خبر الطوسي (ره) حجة علينا كثقة، ولكن اجتهاده ليس حجة علينا، وقد عبّر الشيخ الطوسي في التهذيب: " نعلم أن كل حديث عمل به فهو محفوف بقرائن تفيد العلم أو توجب العمل ".

الثانية: إن الشيخ الطوسي (ره) الذي هو قريب جدا لم يلمح ولو من بعيد بقطعية صدور الكتابين: الكافي ومن لا يحضره الفقيه. وهما قد كانا قبله. وسنرى أيضا أن الشيخ الطوسي اسقط بعض روايات الكافي.

الثالثة: إن كلمة الشيخ الطوسي: " بقرائن تفيد العلم أو توجب العمل "، فانه واضح في أن ما يوجب العمل مظنون لانه قسم لما يفيد العلم، ليدل استعمال كلمة " أو " ولم يستعمل كلمة " واو " التي يمكن حملها على العطف التفسيري البياني لما قبله.

الرابعة: إن قول الصدوق (ره) : " أن الاحاديث الموجودة في كتابه " من لا يحضره الفقيه " هو ما يفتي به ويعتقد انه حجة بينه وبين ربه"، ظاهره في أنه اجتهاد منه لا قطع بالصدور.

ويؤيده أن صاحب الوسائل (ره) قد استفاد من قول الصدوق " من كتب عليها المعوّل وإليها المرجع "، ثبوت جميع الاحاديث الموجودة في تلك الكتب. ولكن الحر (ره) يقول في نفس الصفحة ص 62 من ج 20 من الوسائل: إن غيره (الصدوق) أوردوا جميع ما رووه ورجحوا أحد الطرفين ليعمل به كما فعل الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار، ولا ينافي ذلك ثبوت الطرف المرجوح على الائمة (ع) كما لا يخفى.

ونقول للحر (ره): ولا ينافي ايضا عدم ثبوته فإذا كان لدينا خبران متعارضان، فإما أن يكونا صادرين، وإما أن يكون أحدهما صادرا دون الآخر، وإما غير صادرين. ثم تأتي المرجحات: " خذ ما اشتهر بين اصحابك ودع الشاذ النادر"، " وخذ بقول أصدقهما، واعدلهما، وأفقههما " وغير ذلك، وهذا اللسان لسان كون أحدهما صادرا دون الآخر.

نعم في التقية أو في أخذ المتأخر يكونان صادرين.

وبالنتيجة: إن الاخذ بالراجح هو اجتهاد من عنده، لا قطع بالصدور، ونحن ملزمون بنقله لا باجتهاده.

ولذلك يقول الحر في الوسائل: " وأما الصدوق فلم يورد المعارضات إلا نادرا" ولذلك نحمل تعبير الصدوق " كتب عليها المعوّل " بأنها كتب معتبرة إجمالا لا تفصيلا.

الخامسة: إن الشيخ الطوسي (ره) صرّح في كثير من أحاديث التهذيب التي يتعرض لتأويلها ولا يعمل بها، يقول: " هذا من أخبار الآحاد التي لا تفيد علما ولا عملا ".

السادسة: إن الصدوق (ره) يصرّح بانه يتبع في التصحيح وعدمه شيخه ابن الوليد، فهل من المعقول أنه يتبع في القطع بالصدور وعدمه ابن الوليد؟! لكن الانصاف أن هذا يصلح مؤيدا لا دليل، لاحتمال حدوث اطمئنان عند الشيخ الصدوق من تصحيح شيخه ابن الوليد، لكن اطمئنانه هذا شخصي حجته عليه لا علينا.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo