< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

40/01/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ملخص مسائل علم الرجال.

علم الرجال يرجعه بعضم إلى القرن الاول، إلى زمن ابن ابي رافع الذي اول من كتب في علم الرجال وكان صاحب بيت المال عند امير المؤمنين (ع)، وسيأتي ملخصا تاريخ علم الرجال.

ففي كل علم عندما نبدأ هناك مبادئ تصورية ومبادئ تصديقية.

المبادئ التصورية لأي علم هي كل ما يبحث عن الموضوع والمحمول والنسبة بينهما، كل ما ينفع في هذا التصور، مثلا في النحو، النحو: هو البحث عن الكلمة من حيث البناء والاعراب. فموضوع النحو الكلمة، فتعريف الكلمة مبدأ تصوري، وما ينفع في تعريف الكلمة ايضا مبدأ تصوري. الكلمة امر كلي وجزئياتها الفاعل المفعول والمبتدأ والخبر مبدأ تصوري، فكل ما ينفع في تصور الموضوع والمحمول وما بينهما والغاية والهدف من العلم، هذه نعبر عنها بالمبادئ التصوري

وهناك مبادئ تصديقية وهي كل ما ينفع في الاستدلال على المسألة مثلا في علم النحو الفاعل مرفوع، فكل ما دل على أن الفاعل مرفوع هذا مبدأ تصديقي ينفعني في التطبيق.

الفرق بين علم الرجال وعلم السيرة وعلم التاريخ وعلم التراجم:

هذه العلوم متداخلة إلى حد كبير، وتشترك بان معظم مسائلها ذات موضوعات جزئية، أي تبحث عن أحوال أناس بخصوصهم، لكنها تختلف من حيث الغايات والاغراض، ولذلك اشكلوا على علم الرجال ان معظم موضوعاته جزئية والعلم يجب ان يكون موضوعه كليا. وبرأي أنه لزوم ما لا يلزم.

علم الرجال: يبحث في رجال الحديث بما ينفع في استنباط حكم شرعي أو أمر ديني من خلال الحديث، والذي أعتقده كاستشراف لمستقبل علم الرجال أنه سيولد من رحمه علم آخر وهو قواعد علم الرجال.

علم السيرة: يبحث عن أحوال أشخاص بعينهم وتصرفاتهم الشخصية أو العامة.

علم التراجم: البحث في أحوال أشخاص لهم ميزة ودور اجتماعي أو ثقافي أو سياسي أو غير ذلك.

وقد كان علم التراجم وعلم السيرة متداخلين، ولم ينفصل العلمان ولم يتمايزا إلا في العصور المتأخرة، حيث ألف الشيخ المحدث الحر العاملي (ره) كتابين: أحدهما في الرجال وهو في خاتمة الوسائل يبيّن فيها مشيخة الشيخ الصدوق (ره) والكتب التي أخذ منها، ويبيّن قواعد علم الرجال، ويبيّن ايضا الرجال. واخر في التراجم وهو " أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل، وغيره.

 

الفرق بين علم الرجال وعلم الدراية وعلم الحديث:

علم الرجال: يبحث في أفراد السند من حيث ما يؤثر في الأخذ بالرواية، فموضوعه المحدِّث، والغاية منه التعرف إلى وثاقته وضعفه.

علم الدراية: ما يبحث عن السند من حيث المجموع بما له من أثر في الأخذ بالرواية، فيقسّم إلى صحيح وموثق وحسن وضعيف ومهمل وغير ذلك.

علم الحديث: فهو ما يبحث عن العلمين معا كما قيل. لكن الذي الاحظه في استعمالات التعبير فهو نقل الاحاديث والبحث عن كل ما ينفع في فهم الحديث وفي اعتبار متنه.

الشهيد الثاني في منية المريد: علم يعرف به أقوال النبي (ص) وأفعاله وتقريراته، وحال الرواة.

الرواية والدراية: هناك كلام آخر للشهيد ان الحديث رواية ودراية.

فالاول: العلم بما ذكر من الروايات.

الثاني: هو المراد بعلم الحديث عند الاطلاق وهو علم يعرف به معاني ما ذكر ومتنه وطرقه وسقيمه وصحيحه وما يحتاج إليه من شروط الرواية.

الحاجة إلى علم الرجال:

الاخبار على قسمين: مقطوع الصدور وغيره. ومقطوع الصدور إما متواتر وهو خبر جماعة يمتنع تواطؤهم على كذب أو خبر واحد محفوف بقرينة تفيد القطع.

وغير مقطوع الصدور هو الذي نبحث عن حجيته ان الظن لا يغني من الحق شيء، وهو معظم الاخبار. ومع وجود الوضاعين والكذابين والمدلسين وما دسّوه من أخبار، " الامام (ع) يقول: لعن الله المغيرة بن سعيد دس في كتب اصحاب ابي الباقر (ع) اربعة آلاف حديث تغالي فينا حتى يبغضنا الناس ". " والرسول الاكرم (ص) يقول: سيكثر من بعدي الوضاعون ". " وكما يقول عبد الله بن عباس: اذا لعق احدهم من الاسلام لعقة قال حدثني حبيبي رسول الله، والله ما رآه ولا حدثه ".

ومع وجود الاخبار المتعارضة وما ورد من أحاديث علاج المتعارضين كما ورد في الحديث " .... وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ ( حديثنا ) فقال: الحكم ما حكم به أعدلهما وافقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ... " مما كان من صفات الراوي. وهذا هو من اهم الادلة على الحاجة إلى علم الرجال.

والمتعارضان قد يكونا صادرين، كما لو كان أحدهما للتقية، أو كان أحدهما متأخرا عن الآخر، ولكن قد يكون أحدهما كاذبا، ولذلك ورد في الترجيح: " أصدقهما وأعدلهما ..."

دليل النافين للحاجة إلى علم الرجال:

الدليل الاول: قطعية صدور الكتب الاربعة، وهذا الدليل يحتاج إلى تتمة وهي: وجود الاحكام الشرعية بأجمعها في روايات الكتب الاربعة [1] ، وإلا، فمع احتمال وجود أحكام شرعية أخرى في غيرها فلا يتم الدليل لوجوب البحث في غير هذه الكتب، مما يلزمه البحث في أحوال الرجال، رجال الحديث وفي الاسناد.

وقالوا إن الدليل على قطعية صدورها من نفس المؤلفين، يقول محمد بن يعقوب الكليني في ديباجة الكافي في جواب من التمس منه التصنيف: " وقلت: إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلّم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين، والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين، والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدّي فرض الله وسنة نبيّه ". [2]

وقال الصدوق في ديباجة " من لا يحضره الفقيه ": إني لم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته، واعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي تقدّس ذكره، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع. [3]

واما الشيخ في العدّة فقد ذكر أن ما رواه من الروايات مأخوذ من الأصول المعتمد عليها، وكلمة " معتمدة " تدل على الشياع.

ويذكر في الاستبصار كلاما طويلا لخصه صاحب الوسائل: وقال الشيخ في كتاب العدة وفي الاستبصار كلاما طويلا ملخصه: أن أحاديث كتب أصحابنا المشهورة بينهم ثلاثة أقسام: منها ما يكون الخبر متواترا. ومنها ما يكون مقترنا بقرينة موجبة للقطع بمضمون الخبر.

ومنها مالا يوجد فيه هذا ولا ذاك ولكن دلت القرائن [4] على وجوب العمل به.

وأن القسم الثالث ينقسم إلى أقسام: منها خبر أجمعوا على نقله ولم ينقلوا له معارضا.

ومنها ما انعقد إجماعهم على صحته وأن كل خبر عمل به في كتابي الاخبار وغيرها لا يخلو من الأقسام الأربعة.

وذكر في مواضع من كلامه أيضا أن كل حديث عمل به فهو مأخوذ من الأصول والكتب المعتمدة، وقد صرح في كتاب العدة بأنه لا يجوز العمل بالاجتهاد ولا بالظن في الشريعة، ....... [5]

فإذن فحوى الكلام ان اصحاب الكتب الاربعة شهدوا بصحة رواياتهم لكن لنبحث معنى كلمة صحة وهي لبّ المطلب ومفصله: الصحة لها ثلاثة احتمالات: الاول بمعنى الصدور، الثاني بمعنى المعتبر والحجة، والثالث بمعنى ما اخبر به عدل عن عدل وهو مصطلح المتأخرين.

معنى الصحيح ما هو؟ سنصل انه يدور بين الاول والثاني، بعضهم توهم ان الصحيح هو الصادق الصادر، سنقول ان الصحيح هو بمعنى الحجة والمعتبر، أي بحسب الادلّة مثل دليل خبر الواحد ما هي حجته، حينها نقول ان للشيخ الطوسي والشيخ الصدوق وغيرهم انه اجتهاد منك وهو حجة عليك لا علينا، نعم نقلك حجة علينا.

 


[1] انا مثلا استدللت على ان أم طفل الانبوب هي صاحبة البويضة وليست الحامل برواية لزيد الزراد الموجودة في كتاب علل الشرائع للصدوق (ره، وهي ليست موجودة في من لا يحضره الفقيه. هذه الرواية انتجت حكما شرعيا " من هي الأم " وليست موجودة في الكتب الاربعة.
[4] القرائن هي من قبيل ادلة حجية خبر الواحد. سنرى ان جواب هذه النقطة: انك يا شيخنا عندك دليل على حجية خبر الواحد من قال انه دليل عندنا، نقلك حجة علينا لكن اجتهادك حجة عليك.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo