< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/11/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الأصول العملية، البراءة.

     حديث الرفع يشمل الاحكام التكليفية والاحكام الوضعية.

     ويشمل متعلق الحكم وموضوع الحكم.

     هل يبقى المركب الخالي من الجزء المضطر اليه أو المكره عليه او غير المقدور عليه على وجوبه؟

     القاعدة الاوليّة سقوط الوجوب، ويحتاج ثبوته إلى دليل آخر.

     تطبيقات في السلوس والمبطون وفاقد الطهورين والمضطر لترك جزء من الصلاة.

 

التنبيه الثاني: حديث الرفع يشمل الاحكام التكليفية والاحكام الوضعية، فـ"رفع عن امتي ما لا يعلمون تشمل بإطلاقها كلا الحكمين.

بيانه: قلنا أن التكاليف هي دفع وزجر، ولذلك هي خمسة: الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والاباحة. كحرمة شرب الخمر وحرمة التعدّي على مصالح الناس.

اما الاحكام الوضعية هي انشاء وضع لا دفع ولا زجر فيها، كالزوجية زوجية فلانة لفلان، والملكية، والجزئية والشرطية، والمانعية، كلها احكام وضعية نشأت عن وضع مبتكر يكون مصبا للأحكام التكليفية. فلو شككنا بالزوجية كذلك بإطلاقها بـ "رفع عن امتي ما لا يعلمون" تنتفي الزوجية وتترتب الآثار الشرعية بجواز الزواج منها وغير ذلك.

ويشمل متعلق الحكم وموضوعه، أن الإفطار في شهر رمضان حرام للمختار، فمتعلّق الحرمة هو حرمة الإفطار في شهر رمضان، كما أن موضوع الكفارة هو الإفطار. فبحديث الرفع يرتفع حكم الموضوع وحكم المتعلق. وهذا الشمول أيضا للإطلاق.

توضيح الفرق بين المتعلق والموضوع بمثال: إذا قلت: "أكرم الرجل العادل"، الحكم هو الوجوب ودلت عليه الصيغة "أكرم"، ومتعلق الحكم هو "الاكرام"، وموضوع الحكم "الرجل"، الموضوع وهو كل ما يحتاجه الحكم للوصول إلى الفعلية والتحقق، وقيد الموضوع "العادل". هذا التسميات تستعمل غالبا واحيانا يمكن ان تختلف ويعبر عن المتعلّق بالموضوع.

وكما يشمل التكاليف الاستقلالية والتكاليف الضمنية، التكاليف الاستقلالية كما في الخمر حرام.

والتكاليف الضمنية مثل الحكم بالأجزاء، فلو اضطر المكلف إلى ترك جزء أو شرط جاز له ذلك، فمثلا لو اضطررت إلى ترك السورة أو الفاتحة في الصلاة جاز لي ذلك، ولا شك في سقوط التكليف بالصلاة المشتمل على السورة حينئذ للاضطرار، وهذا واضح لا ريب فيه، فان المركب التام قد سقط لان بعض اجزائه قد اضطررت إلى تركه.

ويأتي السؤال: ما هو حكم الباقي هل يبقى على وجوبه أم ينتفي؟

فإذا اضطررت إلى ترك جزء أو شرط واصبح الباقي خاليا من هذا الجزء، المأمور به هو تمام المطلوب مع جزئه ككل، وإذا سقط الجزء سقط الكل. فهل يبقى الباقي الخالي من الجزء على وجوبه؟

لا شك بسقوط التكليف الكامل المشتمل على الجزء المضطر إلى تركه.

وان كنا نتحفظ على تعبير الأصوليين بالتكاليف الضمنية، فإن المقدمة الداخلية أي الأجزاء، لا وجوب لها، كما بيّنا في مباحث مقدمة الواجب في مبحث المقدمة الداخلية أي الأجزاء الواجبة، والمشهور بينهم ان الجزء واجب مجعول كوجوب الكل، ونحن ذهبنا إلى عدم وجوب الجزء بانه لا يوجد جعل للتكاليف الضمنية، ليس هناك جعل خاص للجزء بجعل غيري مقدمي. نعم عقلا نحن استفدنا انه لا بد من اتيانه.

نعم يسقط وجوب امتثال الكل الاستقلالي لعدم القدرة عليه بعد عدم القدرة على الجزء، فإن عدم القدرة على الجزء عدم القدرة على الكل، وهذا امر وجداني لا يحتاج إلى دليل.

وهنا سؤالان:

السؤال الأول: هل يبقى المركب الخالي من الجزء المضطر إليه على الوجوب؟

بعبارة أخرى: هل يجب الاتيان بالباقي؟

ربما يقال بالوجوب، نظرا إلى أن المرفوع بحديث الرفع إنما هو خصوص الأمر الضمني المتعلّق بالمضطر إليه، فيسقط الأمر بالجزء، أما بقية الأجزاء والشرائط فتبقى على حالها من الوجوب. وهذه المسألة مبنائيّة لأنه إذا قلنا أن الوجوبات الجزئية موجودة والترشح من الكل موجود فإذا سقط احدها تبقى الأجزاء الباقية على حالها من الوجوب.

اما على ما ذهبنا إليه وقلنا بعدم الترشح وعدم الانحلال، وقولنا بان الجزء لا وجوب له فلا يبقى الوجوب على حاله فلا وجوب للباقي.

والتحقيق: عدم وجوب الباقي إلا بدليل من الخارج. إن المضطر إليه هو ترك الجزء، لا رفع الجزئية، وهذا مفاد حديث الرفع، مثلا: ترك السورة في حديث الرفع: الاضطرار هو لترك السورة لكن تبقى السورة جزءا من الصلاة فالجزئية ليست أمرا مضطرا إليه.

أما رفع الجزئية فلا يدل عليه الحديث، فإذا بقيت الجزئية فهنا فعلان:

المركب الشامل للجزء المضطر إليه، وهذا هو الواجب والمطلوب في الأساس الذي تعلق به الوجوب.

والمركب الخالي من الجزء المضطر إليه، وهذا لا دليل على وجوبه لا أساسا ولا استمرارا، إلا بناء على وجوب المقدمة الداخلية بجعل خاص، وقلنا ان هذا لا دليل عليه في بحث مقدمة الواجب.

وتطبيقا على مثال الصلاة: إذا اضطر المكلّف إلى ترك القراءة مثلا في تمام الوقت، مثلا: بين صلاة الظهر والغروب هناك صلاتان، صلاة الظهر وصلاة العصر، واضطر إلى ترك القراءة، تارة نعرف ان هناك بعض الوقت ويمكن ان نأتي بالقراءة، حينئذ يجب ان ننتظر إلى ذلك الوقت، من قبيل المسلوس والمبطون، إذا كان هناك متسع من الوقت ويستطيع ان يأتي بالقراءة فيجب عليه انتظار تلك الفترة.

نعود لمثال الصلاة: إذا اضطر المكلّف إلى ترك القراءة مثلا في تمام الوقت، كان التكليف بالصلاة مع القراءة ساقطا لحديث الرفع.

واما حكم المركب الخالي كوجوب الصلاة بغير القراءة فيحتاج إلى دليل آخر ولا يكفيه حديث الرفع.

ومن تطبيقات المسلوس والمبطون الذي ليس لديه وقت يمكن فيه البقاء على طهارة، فالقاعدة الأولية هو سقوط وجوب الصلاة لعدم القدرة على شرطها، لولا الدليل الخاص في كون الصلاة لا تسقط بحال.

ومن التطبيقات فاقد الطهورين كذلك.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo