< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/10/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الأصول العملية.

 

     الكواشف: إما وجدانية وهي خصوص القطع، واما تعبدية وهي الامارات الظنيّة.

     الكشف التعبّدي وهو على نوعين: صغروي وكبروي.

     الصغروي: كمباحث الالفاظ وما ينقح صغريات حجية الظهور.

     الكبروي: كمباحث حجية خبر الواحد، والشهرة وغيرها.

     الوظائف: بحث عن قواع يعمل بها عند اليأس من الوصول إلى الكواشف.

     الدليل على الكواشف اجتهادي، والدليل على الوظائف فقاهتي.

     وجه التسمية عنج السيد الخوئي (ره).

 

أذن الأصول بحث عن كواشف فان لم نجد فبحث عن وظائف، وهذه الكواشف اما كواشف حقيقّة تكوينية عقلية وهي منحصرة بخصوص القطع الذي له حجيّة ذاتيّة. اما غير القطع فيحتاج إلى تعبّد لإتمام حجيّته، وهي ما يسمّى بالأمارات التي عبّر عنها بالظنيات، أي من شأنها ان تفيد الظن لأنه أحيانا قد يكون الظن على خلافها، من الاخبار، والشهرة، والاجماع المنقول، والاستحسان، وسد الذرائع، والقياس، وقول اللغوي وغير ذلك، بغض النظر عن ثبوتها وتفاصيل حجيّتها.

فالأمارات تحتاج إلى تتميم كشف تعبدا، عبرنا عنه بالكاشف التعبّدي.

الكشف التعبدي: أي ما يوصلني إلى الحكم الشرعي بالتعبد، ومباحثه على قسمين:

أحدهما: ما يكون البحث فيه صغرويا، أي تشخيص حجيّة الظهور. كمباحث الألفاظ، وهي مباحث تشخيصيّة، كتشخيص ظهور صيغة الأمر ومادته، مثلا نقول: أن صيغة الامر ظاهرة في الوجوب وكل ظهور حجّة. وكذلك ظهور صيغة النهي ومادته، والمشتق في كونه حقيقة في خصوص المتلبّس بالمبدأ أو الأعم، وكمبحث الحقيقة الشرعيّة في العبادات والمعاملات، والمفاهيم هل للجملة الشرطية مفهوم أو لا؟ وغيرها من المفاهيم كالوصف والعدد، وغيرها من المباحث مما ذكره الأصوليون في مباحث الالفاظ. [1]

نعم، ذكر الكثير من الأصوليين الملازمات العقليّة ضمن مباحث الالفاظ، وهذا غير سليم، لان الملازمات العقلية ما يحكم به العقل من غير المستقلات العقليّة، ومباحث الالفاظ ما نستظهره من أهل اللسان والعرف اللغوي.

نعم، لو كانت هذه الملازمات من الملازمات البيّنة بالمعنى الأخص لأمكن ادراجها ضمن مباحث الالفاظ. أما إذا كانت الدلالة بيّنة بالمعنى الاعم فلا تكون دلالة لفظية.

وثانيها: ما كان البحث فيه كبرويا، وذلك كالبحث عن حجيّة خبر الواحد، وعن حجيّة الاجماع المنقول وعن حجيّة الشهرة، وهكذا القياس والاستحسان وسدّ الذرائع، أو حجيّة الظن المطلق بناء على الكشف وليس على الحكومة، وهذه كلّها من شأنها أن تفيد الظن فلا مانع ان يظن بها بالخلاف. ولذلك عبّر بعض الأصوليين بأنها حجة من باب الظن.

وأما حجية الظواهر: يقول السيد الخوئي (ره): وأما الكبرى وهي حجية الظواهر فمسلمة عند العقلاء والعلماء بلا خلاف فيها. ولا يبحث عنها في علم الأصول، وان توهم اختصاصها بمن قصد افهامه وتقدم دفعه في محله. [2]

ذكرنا سابقا انه في كتاب القوانين ذكر ان الظواهر حجّة لخصوص من قصد افهامه. يفرع عن هذا القول ان الأئمة (ع) إذا كانوا يتحدثون مع شخص معيّن، فلا حق لي أن أفهم الحديث أي ان فهمي ليس حجّة، بل فهم الشخص الذي خاطبه الامام (ع) هو الحجّة، فإذا قرأت رواية فلا علاقة لفهمي فيها. وهذا يعني انا فهمنا في زماننا للروايات غير معتبر، وهذا غير سليم بالتأكيد.

ونجيب: السيد الخوئي (ره) بأن حجية الظواهر على نحو الاجمال مسلّمة وصحيحة، لكن وقع فيها أبحاث تناولت الكثير من التفاصيل، كالمثال الذي ذكره من أن حجية الظواهر مختصة بمن قصد إفهامه أو لا، والمشافهين وغير المشافهين، كذلك في حجية ظواهر القرآن [3] . ولذلك لا مانع من درجها في أبحاث علم الأصول وإن كانت مسلّمة في الجملة.

هذه هي أقسام الكواشف إجمالا.

أما الوظائف: إذا يئس المكلّف من الوصول إلى الحكم الواقعي، سواء كان بالعنوان الأولي أو بالعنوان الثانوي كالاضطراري، وسواء أكان بالقطع أم بالتعبّد، أي يئس من الوصول إلى العلم والعلمي، يقف المكلف حائرا ماذا يفعل؟ وما هو حكمه؟ فيبحث عن قواعد توصله إلى الأحكام الظاهرية، بعد يأسه من الوصول إلى الأحكام الواقعيّة، أي يبحث عن وظيفته العمليّة، ومن هنا سميّت بالأصول العمليّة.

وقد سمّي الدال على الحكم الواقعي بالدليل الاجتهادي، والدليل على الحكم الظاهري - أي الوظيفة العمليّة- بالدليل الفقاهتي. وقد ذكر الشيخ الانصاري في رسائله ان اوّل من انشأ هذا الاصطلاح هو الوحيد البهبهاني لمناسبة في تعريف الفقه والاجتهاد.

أما وجه التسمية فقد ذكر السيد الخوئي (ره) في ذلك: ووجه المناسبة في هذا التعبير والاصطلاح ما ذكروه في تعريف الفقه والاجتهاد، فإنهم عرفوا الفقه: بأنه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية. ومرادهم من الاحكام هو الأعم من الاحكام الظاهرية والواقعية، بقرينة ذكر لفظ العلم (تعريف) ضرورة أن الاحكام الواقعية لا طريق إلى العلم بها غالبا، فناسب ان يسمى الدليل الدال على الحكم الظاهري بالدليل الفقاهتي، لكونه مثبتا للحكم المذكور في تعريف الفقه.

وعرفوا الاجتهاد بأنه استفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي.

ومن الواضح أن المراد بالحكم هو خصوص الواقعي بقرينة أخذ الظن في التعريف، فإنه هو الذي قد يحصل الظن به للمجتهد.

 


[1] ردا على جواب احد الطلاف الافاضل: مقدمة الواجب واجبة او لا؟ ذكرت في مباحث الالفاظ، فصاحب الكفاية (ره) في منهجيته لتنظيم على الاصول هي منهجية القدماء، جعل مقدمة الواجب واجبة في مباحث الالفاظ، وفي النواهي دلالة النهي على الفساد الذي هو مبحث عقلي جعله في مباحث الالفاظ. اكثر القدماء كانوا يبحثون هذه المسائل في مباحث الالفاظ، اما المتأخرون فيستنكرون ويستغربون ذلك لان هذه ملازمات عقليّة. ولذلك الشيخ محمد حسين الاصفهاني الكومباني (ره) قسّم الاصول بمنهجيّة اخرى وتبعه على ذلك الشيخ المظفّر (ره) في كتابه المعروف "اصول الفقه" وهي: القسم الاول مباحث الالفاظ - ظهورات أي ماذا نفهم، دلالات -، الثاني: الملازمات العقليّة، الثالث: مباحث الحجيّة، الرابع: الاصول العمليّة. اما نحن فاتبعنا منهجيّة اخرى وهي: أن أقسام الاصول: شبهة حكميّة، وشبهة مفهوميّة، وشبهة مصداقيّة. نعم، حتى نكون منصفين نستطيع الدفاع عن القدماء بأن الملازمات العقليّة إن كانت ملازمات بيّنة بالمعنى الاخص كما يدّعى فتكون من مباحث الالفاظ. ونلاحظ ان صاحب المعالم قد لخص المنهجية القديمة كلها، وذكر ان الملازمات العقلية من مباحث الالفاظ لان اللفظ إما دلالة مطابقيّة أو تضمنيّة أو التزاميّة. وفي حاشة المنطق للملّا عبد الله (ره) يقول في الدلالة الالتزامة انه: "لا بد من اللزوم عقلا أو عرفا".
[3] كما عند الاخباريين - قلنا سابقا ليس هناك اخباريين واصوليين بل هي آراء -، فالمعروف عن الاخباريين ان ظواهر القرآن ليست بحجّة، لكن بعد مراجعة كلام الاسترآبادي وغيره لم أر شيئا واضحا بهذا المضمون.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo