< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/07/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لو تعارض الأصل مع الخبر، ماذا نفعل؟

     لو كان العام أو المطلق من الأصول اللفظية وكان مفاد العام ترخيصيا والرواية مفادها الزامي.

     بناء على وجوب العمل بالخبر من باب الحجية يقدّم الخاص على العام.

     بناء على وجوب العمل بالخبر من باب الاحتياط فأصالة التخيير جارية لدوران الأمر بين الوجوب والحرمة.

     كلام صاحب الوافية في وجوب العمل بالأخبار الموجودة في الكتب المعتبر عند الشيعة.

 

الحالة الثانية: فيما لو كان العام أو المطلق من الأصول اللفظية وكان مفاد العام ترخيصيا والرواية أي الخاص مفادها حكم الزامي. عكس الحالة السابقة.

لو كان العام أو المطلق مفاده حكما ترخيصيا ومفاد الخاص حكما إلزاميا، كقوله تعالى: ﴿وأحل الله البيع﴾ [1] ، فهذا عام (ومطلق) [2] مفاده: " كل بيع حلال" وهو ترخيص لجواز تركه وفعله، وقد ورد مقابله عن الامام (ع): "نهى النبي عن بيع الغرر" خاص الزامي فيه نهي.

فعل القول بالعمل بالخبر من باب الحجية وجب العمل بالخبر من باب تقديم الخاص على العام.

وعلى القول بالعمل بالخبر من باب العلم الاجمالي إي بالاحتياط، فيجب العمل به أيضا، لان العلم الإجمالي بصدور بعض الروايات المخصصة المشتملة على أحكام إلزامية تسقط ظهور العام الترخيصي في عمومه وحجيته، فلا يشمل قوله تعالى: ﴿وأحل الله البيع﴾، بظهوره بيع الغرر، وحينئذ يجب الانتهاء عن بيع الغرر من باب الاحتياط.

بيانه: عندما يرد العام "احل الله البيع" واعلم أن هذا العام له مخصص، لكن لا اعلم بأية رواية هو مخصص، لوجود بيوع محرّمة في الروايات مثل بيع الغرر، وبيع الخمر وغيرها. وهذه كلها تخصص العام، لكن لا أدري الصادر منها تفصيلا، نعم اعلم اجمالا بصدور بعض الروايات الناهية المخصصة للعام، فهل تبقى حجيّة للعموم؟

والجواب: يسقط العموم عن الحجيّة للعلم الإجمالي بوجود المخصص، لذلك نعمل بالخاص لارتفاع ظهور العام عن الحجيّة باعتبار اننا نقطع اجمالا بوجود المخصص المتردد بين الاخبار. فنعمل حينئذ بالخبر من باب الاحتياط.

الحالة الثالثة: ما لو كان العام الروائي مظنونا والعمل بها من باب العلم الإجمالي يخالفه الخاص الروائي المظنون والعمل بها من باب العلم الإجمالي ايضا، وكان كلاهما إلزاميا، فيهما نقدّم؟

فإذا كان العمل بالخبر من باب الحجيّة نقدّم الخاص على العام.

لكن بناء على من ذهب إلى ان العمل بالخبر من باب العلم الإجمالي ومؤداه الاحتياط،

كما لو كانا روايتين، كما لو قال: " اكرم العلماء" وورد أيضا: "لا تكرم الفاسق" فما هو حكم محل الالتقاء؟

لو كان العمل بالخبر من باب الحجيّة لكان حكمهما من باب اجتماع الأمر والنهي.

واما بناء على وجوب العمل بالخبر من باب الاحتياط أي ان اعمل لما فيه براءة الذمّة، فانه لا يمكن الاحتياط بين الوجوب في العام والحرمة في الخاص، أي دار الأمر بين وجوب العمل بالعام ووجوب العمل بالخاص الذي مضمونه الحرمة، فيدور الأمر بين الوجوب والحرمة، وهما متناقضان لا يمكن الجمع بينهما، حينئذ الحكم هو التخيير من دون تقديم أحدهما على الآخر، لأن كليهما يعمل بهما من باب العلم الإجمالي. فمع العلم بثبوت احدهما وعدم امكان الجمع نقول بالتخيير. واما التساقط فلا مجال له للعلم بصدور احدهما.

ولا بأس بعد الانتهاء من الوجوه بذكر بعض الوجوه التي ذكرها صاحب الكفاية (ره) على حجية الظن من باب حكم العقل:

منها: أنا نعلم إجمالا بصدور جملة من الأخبار من المعصوم (ع) ولا نحتمل أن يكون جميعها مجهولا. فيجب وجوب العمل بالخبر من باب الاحتياط، وذكرنا المسائل المتفرعة.

منها: ما ذكره صاحب الوافية مستدلا على حجية الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة عند الشيعة، كالكتب الأربعة مع عمل جمع بها من غير ردّ ظاهر، وهو انا نقطع ببقاء التكليف إلى يوم القيامة، ولا سيما بالأصول الضرورية، كالصوم والصلاة والحج والزكاة، مع ان جلّ اجزائها وشرائطها وموانعها انما يثبت بالخبر غير القطعي، بحيث نقطع بخروج حقائق هذه الأمور عن كونها هذه الأمور عند ترك العمل بخبر الواحد.

وفيه: انه ادعاء ركّز على الكتب المعتبرة، وان منشأ العمل بالكتب هو القطع ببقاء التكليف، وهذا خلط بين علمين اجماليين، فتارة نقول ان الاخبار نعلم بصدور بعضها ويجب العمل به، وتارة نقول إن التكاليف نعلم بثبوت بعضها، والعلم الإجمالي بالتكاليف يوجب العمل بكل ما دلّ على التكليف، سواء كان من الكتب الأربعة أو المعتبرة أو عيرها من الأمارات كالشهرة والسيرة المظنونة. وفي كلامه هنا انتقل من التكاليف إلى الاخبار

ثم ان في كلامه (ره) ان الاخبار الموجودة في الكتب المعتبر " مع عمل جمع بها من غير رد ظاهر".

تعليقنا: ان الأكثر لم يعمل بها جميعا وان عمل بأكثرها، ويكفيك المتعارضات، ومن يقول بعدم صحّة كل ما في الكتب الأربعة قد لا يقل عمَن يقول بصحتها. وقوله " من غير ردّ ظاهر" يكفي الشريف المرتضى (ره) حيث يقول ان خبر الواحد ليس بحجّة سواء كان بالكتب المعتبر أو بغيرها، وأيضا اجماعا خبر الواحد عند الشيعة ليس بحجّة.

اما الجواب عن السؤال المقدّر: لماذا عمل المرتضى (ره) بالأخبار؟

فهو انه كان يقول بان معظم الروايات التي بأيدينا مقطوع الصدور، سواء كان بالتواتر أو بالقرائن القطعية.

وهذا احد وجوه الجمع بين الاجماعين: اجماع الشريف المرتضى (ره) بعدم جواز العمل بخبر الواحد، والشيخ الطوسي (ره) نقل جواز العمل بخبر الواحد اجماعا.

ومنها: ما عن صاحب الحاشية (ره) (الملا عبد الله صاحب الحاشية على تهذيب المنطق للتفتزاني)....

 


[2] استطراد: " احل الله البيع " بحسب اصطلاحنا هذا عام ومطلق، فالاصطلاح المتداول ان البيع يدل على شمول الافراد، بمقدمات الحكمة فيسمى مطلقا. اما عندنا فنحن نسميه مطلقا لشموله الأحوال والامكنة والازمنة، لكنه عام أيضا لشموله الأفراد ولو بمقدمات الحكمة. المشهور فرّق بين العموم والاطلاق: العام ما كان الشمول بالوضع وهو العام، والمطلق ما كان الشمول بمقدمات الحكمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo