< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لو تعارض الأصل مع الخبر، أي مع الامارة ماذا نفعل؟

     الفرق بين الامارة والاصل.

     الفرق بين الأصول اللفظية والأصول العمليّة.

     الفرق بين الأصل المحرز والاصل غير المحرز.

     الفرق بين الأصل المحرز والاصل التنزيلي عند النائيني (ره).

     الأصل المحرز عنده كالاستصحاب، والاصل التنزيلي كقاعدة الحليّة.

 

مسألة: لو تعارض الأصل مع الخبر، والخبر مع الامارة ماذا نفعل؟

درسنا هو درس اصطلاحات، بفهمها نعلم متى الجريان.

بيان بعض الاصطلاحات: الأصول على قسمين: أصول عمليّة وأصول لفظية.

المراد من الأصول اللفظية هو كل ما ينقّح أصالة الظهور، أي المراد من اللفظ، والذي يتكفل بهذا مباحث الألفاظ، وهو أصالة العموم، وأصالة الاطلاق، وأصالة الحقيقة تعبدا، وما درسناه في مباحث الالفاظ كظهور المشتق، ولو دار الأمر بين المجاز المشهور وبين الحقيقة فأيهما نقدّم؟ وهكذا، والجميع يحتاج إلى مقدمات الحكمة.

والأصل العملي هو وظيفة عملية لا دخل لها بالظهورات، وهو عندما نعجز عن الوصول إلى علم أو علمي، والأصول اللفظية من العلميات، كأصالة الإطلاق وأصالة العموم وأصالة الحقيقة، وهي من الامارات وليست أصلا عمليا.

فالعلم والعلمي من الكواشف، العلم كشف تام، والعلمي كشف ناقص، ومن العلميات الأصول اللفظية وتأتي في آخر درجة الامارات، اما الأصول العملية قلنا أنها مجرّد وظيفة عندما يقف الأنسان حائرا ماذا يعمل؟ حينئذ تأتي البراءة وأصالة الاحتياط.

والأصل العملي على قسمين: أصول محرزة وأصول غير محرزة.

والمحرز منها بمعنى أن لها جهة نظر إلى الواقع مع كونها وظيفة عمليّة، وذلك كالاستصحاب، وقاعدة الفراغ، وقاعدة التجاوز، بناء على كونها من الأصول لا من الأمارات.

وغير المحرزة منها بمعنى أن ليس لها أي جهة نظر إلى الواقع، فهي مجرّد وظيفة عملية عند الشك، وذلك كأصالة الإشتغال والاحتياط.

الاستصحاب له زاويتان: زاوية النظر للواقع، وزاوية انه عمل، عندما اعتبره الشارع نظر إلى الزاوية العمليّة واعتبرها ولم ينظر إلى زاوية النظر إلى الواقع، لكنها لا تنتفي كليّا، مثلا: لو قلت اكرم العالم وزيد عالم وشاعر، فعندما اعتبر العلمية في الاكرام لا تلغي الشاعرية، فالاعتبار من لحاظ وجهة العلم دون غيره، فالغير مسكون عنه.

فالأصل المحرز هو ما كان يلاحظ فيه جهة الأصل العملي -الجري العملي- ولا تلاحظ جهة الكاشفيّة، بالرغم انها موجودة. ففي قاعدة الفراغ " فإنك حين تعمل اذكر منك حين تشك" هناك جهة علميّة.

اما في غير الأصل المحرز فليس لها أي جهة نظر للواقع، فهي مجرّد وظيفة عمليّة عند الشك.

توضيح: أنها في الأساس ومن ناحية عقلائية لهما جهتان:

فهي- للقاعدة مثلا- لها لحاظ للواقع وهي أيضا وظيفة عمليّة، أي ماذا اعمل؟ وعند الإعتبار أعتبر الشارع جهة الوظيفة العمليّة، من دون نظر إلى جهة إحراز الواقع، لا إلغاء ولا اعتبارا، ولهذا قدّموا الاستصحاب على الأصول العمليّة الثلاثة: البراءة والاحتياط والتخيير.

ثم إنه يوجد اصطلاحان في علم الأصول: الأصول المحرزة والأصول التنزيلية، وهما إصطلاحان جديدان ليسا موجدين لا في الكفاية ولا في رسائل الشيخ الانصاري (ره) ولا في الفصول، ولا في هداية المسترشدين، ولا في المعالم، ولعلّ الشيخ الميرزا النائيني (ره) هو أوّل من ذكرها، وذلك للتفريق بين حالتين:

تارة يكون تنزيل الاحتمال منزلة اليقين أو العلم أو القطع، فهذا أصل محرز كالاستصحاب.

وتارة تنزيل المحتمل منزلة المؤدّى - متعلق الاحتمال- فهذا أصل تنزيلي من جهة العمل.

فما الفرق بينهما؟

إن الأصل والاساس في الحجيّة هو القطع، فالقطع حجيته ذاتية بمعنى انها ليست بحاجة إلى اعتبار معتبر، وما كان بخلافه يحتاج إلى دليل، فالأصل عدم الحجيّة.

والقطع له ثلاث صفات لها خصوصية ذاتية لا تحتاج إلى ادعاء واعتبار ودليل واما في غير القطع فهي تحتاج إلى اعتبار ودليل وهي:

الخصوصية الأولى: الكاشفية التامّة، وهي خصوصية ذاتية تكوينية لا تنفك عنه، لدرجة أنك لا يلتفت إلى القطع غالبا أصلا، فإذا جاء زيد أمس لا التفت إلى قطعي بأن الجائي هو زيد.

وهذه الخصوصية هي المجعولة عند النائيني (ره) في الامارات، فالمجعول هو العلميّة.

الخصوصية الثانية: التنجيز والتعذير، أي عند مطابقة الواقع صار منجزا، وعند مخالفة الواقع انت معذور.

والتنجيز والتعذير لا يحتاج في القطع إلى دليل واعتبار، اما في غير القطع كالأخبار، والشهرات، والأصول، فهما يحتاجان إلى دليل واعتبار.

فالنائيني (ره) لاحظ الجهة الأولى في القطع وقال ان الاعتبار يكون في الخصوصيّة الأولى في الامارات، اما في الأصول لاحظ الأولى والثانية.

الخصوصية الثالثة: وهي وجوب الجري العملي عليه، وقد ذكرنا سابقا أنه ليس بحكم العقل فقط بل هو أمر غرائزي فطري، ألا ترى أن الحيوان يهرب من عدوّه إذا رآه، وهذه الخصوصيّة المجعولة في باب الأصول العمليّة. وهذه هي جهة الاشتراك بين الأصل التنزيلي والأصل المحرز، فالأصل المجعول فيها هو العمل دون الكاشفية، لكن الفرق بينهما هو: في أن الأصل المحرز نزّل إحتمال الواقع منزلة العلم به كالاستصحاب، أما في التنزيلي فقد نزّل المحتمل والمؤدّى منزلة الواقع كقاعدة الحليّة، طبعا التنزيل في كليهما في الجري العملي.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo