< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: دليل حجية خبر الواحد بالعلم الاجمالي

 

     انحلال العلم الإجمالي إلى علم اجمالي أصغر وهي الاخبار في الكتب المعتبرة والشك البدوي في غيرها.

     عدم وجود علمن اجمالي أصغر من الكتب المعتبرة كما قد يقال في: الكافي كاف لشيعتنا.

     الاشكال بوجود اخبار صحيحة في غير الكتب المعتبرة كما في كتب غير الاماميّة وكتب أبناء العامّة. والجواب على ذلك.

     الفرق بين العمل بالخبر من باب الحجية وبينه من باب العلم الإجمالي من ثلاثة أوجه: جواز النسبة إلى المعصوم وثبوت اللوازم غير الشرعية، وجريان الأصل وعدمه.

نكمل الكلام في الدليل على حجية خبر الواحد بالعلم الإجمالي وقلنا ان هناك عدّة علوم اجمالية نستطيع ان نتصورها: أولا: علم اجمالي واسع بالتكاليف، ثانيا: علم اجمالي بالأخبار، ثالثا: علم اجمالي بخصوص الاخبار الموجودة في الكتب العتبرة، ونستطيع ان نتصور اكثر من هذه الثلاثة بعدّة لحاظات.

لكن كل علم اجمالي ينحل إلى علم إجمالي أصغر منه وشك بدوي، العلم الإجمالي يقتضي التنجيز فأكون مسؤولا عن جميع الأطراف فتجب الموافقة القطعية، اما الشبهة البدوية فتقتضي عدم وجوب الالتزام. إذن العلم الإجمالي الأوسع ينحل إلى الأصغر منه والاصغر ينحل إلى اصغر منه حتى نصل إلى ما كانت اطرافه الاخبار الموجودة في الكتب المعتبرة، فالأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة لا شك انه يجب العمل بها للعلم الإجمالي بوجود عدد كبير من الاخبار الصحيحة الصادرة فيها. النتيجة ان الكتب الأربعة يجب العمل عليها من باب العلم الإجمالي ولم تصبح كل رواية بشخصها حجّة، وقد ذهب صاحب الحدائق (ره) إلى القول بان: ان الكتب الأربعة كلها صادرة حتى الاخبار الضعيفة السند.

النتيجة: العلم الإجمالي الأصغر منجز، والباقي شبهات بدوية لا يجب العمل على طبقها.

والانصاف: أن العلم الإجمالي الرابع، أي الأصغر، وهو ما كانت اطرافه خصوص الأخبار في الكتب المعتبرة التي نعلم بوصول بعضها، والذي تنحل به كل العلوم الإجمالية السابقة، ولا يوجد عمليا اصغر من هذا العلم.

إذ قد يقال إن العلم الإجمالي في الكتب المعتبرة ينحل إلى علم اجمالي أصغر منه وهو ما كان في كتاب الكافي للكليني (ره) باعتبار "الكافي كاف لشيعتنا" وشك بدوي في غيره.

فانه يقال: هذا الانحلال غير تام، لأننا لا نعلم ان جميع الروايات أو التكاليف بالقدر المتيقّن موجودة في الكافي.

الانصاف ان العلم الإجمالي الأصغر وهو في خصوص الكتب المعتبرة يمكن ان يقال انه تام، إذ أننا نعلم أن القدر المتيقن من الأخبار الصحيحة أو التكاليف موجود فيها، أما في غيرها فنشك في وجود تكاليف أخرى فيها، وبذلك يجب العمل بالأخبار الموجودة فيها دون غيرها لوجوب الموافقة القطعيّة.

لكن بالنسبة إلينا، وقد ثبت عندنا لزوم العمل بخبر الثقة بالسيرة العقلائية، ينحل العلم الإجمالي الأصغر إلى علم تفصيلي بوجود الأخبار أو التكاليف ضمن الأخبار المعتبرة، ونشك بوجود تكاليف واقعية غيرها، أي ينحل إلى علم إجمالي وشك بدوي. وحينئذ يجب العمل بأخبار الثقة من باب حجية الخبر لا من باب الاحتياط بموافقة العلم الإجمالي.

اشكال وردّ لا يقال: إننا نعلم إجمالا بوجود أخبار صحيحة أو تكاليف واقعية ضمن الأخبار والكتب والأمارات غير المعتبرة، إذ لا نحتمل أبدا كذب جميعها، فمثلا كتب الحديث عند أبناء العامّة وغيرهم نقطع بصدور بعض الأحاديث فيها، فإننا لا نحتمل كذب آلاف الأخبار وأنها كلها موضوعة، وبالتالي يوجد علم إجمالي وأخبار صحيحة ضمن الأمارات غير المعتبرة، فأين الانحلال؟، فيجب الموافقة والعمل بالاحتياط وذلك بالعمل بها جميعا ونقطع بعدم وجوب الالتزام بذلك؟، فلا ينحل العلم الإجمالي إلى علم اصغر وشك بدوي، فالعلم الإجمالي موجود في التكاليف في الاخبار جميعا.

فانه يقال: إننا نعلم بمطابقة الروايات الصحيحة إجمالا عندهم ولو بمضمونها للأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة عندنا، وهذا يكفي في الانحلال.

بتعبير اخر: هناك اخبار صحيحة اجمالا، ومضمونها ينطبق على نفس مضمون الاخبار الصحيحة عندنا ونقطع بذلك، فلا يكون الانحلال في الاخبار بل يكون الانحلال في التكاليف وهذا يكفينا. فالتكاليف الموجودة في غير الكتب المعتبرة بعضها قطعا صحيح ومروي وموجودة فيها.

ولا بأس بالتذكير في الفرق بين العمل بالخبر من باب الحجية وبين العمل به من باب الاحتياط العقلي، وذلك بثلاثة أمور:

الأول: يجوز نسبة الخبر إلى المعصوم (ع) إذا كان العمل من باب الحجيّة، كما فعل الصدوق (ره) حيث كان يقول: قال رسول الله (ص)، وقال الصادق (ع)، دون ما كان العمل به من باب الاحتياط أي من باب العلم الإجمالي فلا يمكن نسبته للمعصوم. وللتوضيح: اناءان احدهما نجس يجب الاحتياط بالاجتناب، ولا يمكن ان أقول هذا الاناء نجس او هذا نجس، فلا استطيع ان انسب احدهما إلى النجاسة.

الثاني: تثبت اللوازم العرفية، والعادية، والعقلية، في ما كان من باب الحجيّة لأنه أمارة، دون ما كان من الاحتياط لأنه أصل عملي فلا يثبت اللوازم.

الثالث: لا يجري الأصل العملي مع الاخبار بناء على هذا الدليل أي العلم الاجمالي.

بيانه: إذا كان دليل الخبر سيرة العقلاء، والامارات مقدّمة على الأصول، فالأمارات جوهرها كشف والأصول مجرّد وظيفة عملية وتكون حاكمة من جهة وواردة من جهة أخرى، فمع وجود الأمارات لا تجري الأصول العمليّة.

اما بناء على الاحتياط أي الأصل العملي، هل يقدم العمل بالخبر لأنه اصل عملي على الأصل لو كان موجودا؟

هنا نحتاج إلى تفاصيل سنذكرها لثمرتها.

توضيح: إذن بناء على ان الخبر يجب العمل به من باب الحجية بالدليل الخاص يقدم على الأصول العملية بلا شك، كالبراءة والاحتياط، وجاءت رواية باستحباب، هنا اقدم الدليل من باب تقديم الامارة على الأصل حكومة وورودا. اما لو كان العمل من باب العلم الإجمالي وهو أصل أي الاحتياط، فمتى وكيف يقدم هذا الأصل الثاني على الأصل الأول؟!.

ولننتقل لبحث جريان الأصول مع وجوب العمل بالخبر.

إذن فرع: مع وجود الخبر المعتبر الحجّة، متى تجري الأصول ومتى لا تجري؟

بعبارة أخرى: لو تعارض الأصل مع الخبر فأيهما يقدّم؟

ذكرنا سابقا ان الخبر يقدّم، لكن هناك تفاصيل بناء على أصل دليل حجية الخبر. فإذا كانت الخبر السيرة أو الآيات يقدم الخبر، اما إذا كانت حجية الخبر مما ذكروه من دليل الانسداد، والاحتياط، والعلم الإجمالي التي هي اصل عملي فما هو حكمها؟

والتحقيق: الأصول على قسمين: أصول عمليّة واصول لفظية.

والاصل العملي على قسمين: أصول محرزة واصول غير محرزة. ثم التقسيم إلى محرزة وتنزيلية، سنبحث معانيها اصطلاحا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo