< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ادلّة القول بحجية خبر الواحد، ان عمل المشهور يجبر ضعف الرواية:

 

     هل عمل المشهور يجبر ضعف الرواية؟ دليل من قال بالجبر.

     دليل النائيني (ره) من الآية الكريمة "النبأ"، "فتبينوا" وجوابه.

     دليل آخر: هو الاطمئنان باستناد المشهور إلى قرائن خفيت علينا، مع علمهم بضعف الخبر، والحال انهم محققون اتقياء.

     الجواب كبرى وصغرى.

 

إذن أصل دليل حجية خبر الواحد والاساس والعمدة كما يقول الميرزا النائيني (ره) هو سيرة العقلاء، والشارع يعمل به وعمله ليس تأسيسيا ولا جعلا.

ذكرنا أن هناك استثناءات وتوضيحات.

الاستثناء الثالث: إذا كان خبر الواحد ضعيفا هل عمل المشهور يجبر ضعف الرواية، وهو ما يسمّى بالشهرة العمليّة، وهي على قسمين: قسم وهو العمل برواية صحيحة، وقسم العمل برواية ضعيفة.

فإذا كان الخبر ضعيفا في نفسه، كأن كان المخبر كذابا أو غير ثقة، فهل عمل المشهور من الفقهاء يجبر ضعفه فيصبح حجّة ومعتبرا؟ المشهور بين المتأخرين هو ذلك، أي الجبر.

والبعض عبّر بعمل الاصحاب بدل العمل بالمشهور، والفرق بينهما أنه عندما يقال عمل الاصحاب قد ينصرف إلى ما كان المشهور القريب من عصر المعصوم.

دليل من قال بالجبر:

1- ما عن المحقق الميرزا محمد حسين النائيني (ره): أن الخبر الضعيف المنجبر بعمل المشهور حجّة بمقتضى آية النبأ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [1] حيث إن منطوق الآية: "إن خبر الفاسق يجب التبين عنه" وعمل المشهور تبيّن وقد تمّ، أي ان الشهرة عامل مساعد لحجية الخبر فيصبح الخبر حجّة. إذ أن عمل المشهور به وقولهم باعتباره من التبيّن عرفا. أي أن عمل المشهور سبب لتبيّن الأمر ووضوحه، خبر الفاسق إذا تبيّنا يصبح حجة وعمل المشهور تبيّن، فتدل الآية بمنطوقها على حجيّة الخبر الضعيف المشهور العمل به.

وفيه: أن التبيّن إما وجداني حقيقي، وإما اعتباري بأن لا يكون واقعا بيّنا ولكن الشارع اعتبره بيّنا، فيكون توسيعا لمفهوم التبيّن، نوعا من الحكومة.

أما الوجداني فهو أن تقوم قرينة على صحة الخبر، خارجيّة أو حالية أو لفظية أو معنوية أو غير ذلك، بحيث يطمأن إلى صحة الخبر. وهذا لو تمّ فلا كلام فيه لانه يرجع للإطمئنان.

لكنه مفقود وجدانا، فإن المشهور يوجد قول بخلافه، فكيف يحصل الاطمئنان بالصدور مع وجود الخلاف؟!

وأما الاعتباري فإن الآية القرآنية المذكورة لا تنهض دليلا، لأن الحكم لا يثبت موضوعه، فالآية لا تثبت بنفسها معنى التبيّن، فلا هي كذلك عند الناس أي العرف أو أهل اللغة، ولا تثبت اعتبارا خاصا من الشارع لمعناه على نحو الحكومة، فالتبيّن الاعتباري منتف أيضا إلا إذا ثبتت الأدلة الأخرى التالية.

لذلك دليل الميرزا النائيني (ره) غير تامّ.

2- إن أخذ المشهور بالخبر توثيق عملي له، كاجماع عملي وهو أقوى بكثير من الاجماع اللفظي، إذ أنهم فقهاء كبار أجلاء محققون اتقياء، فلا يمكن أن يعملوا بالخبر مع علمهم بضعفه، فلا بد أن استندوا إلى قرائن على صحته خفيت علينا مع طول الزمن.

وفيه: الكلام في الكبرى والصغرى.

أما الكبرى، فاولا: إن هذا لا ينهض دليلا على الأخذ بالشهرة كشهرة. نعم تورث ظنا قويا كظن وهذا لا يكفي.

وثانيا: لو سلّمنا بوجود قرائن، فمن قال بأننا لو علمنا بها لعملنا بها، فقد لا نعمل بها، ألا تجد أن عدة أمور أو قواعد كانت مشهورة ثم نقضت على أيدي المحققين بعدها.

مثلا: السيد المرتضى (ره) بناء على قاعدة ان الاستعمال علامة الحقيقة عنده، اشكل على ذلك الافتاء في عدّة مسائل. ونحن لا نقول بها. ومثلا عند الفقهاء "مقدمة الواجب واجبه" كانت شبه مسلّمة اجمالا، وهي عندنا غير مسلّمة. وايضا المشهور قاعدة ان النهي عن العبادة يقتضي الفساد، ونحن لا نقول بهذه القاعدة مطلقا، بل نقول بذلك في خصوص ما كان النهي عن العبادة بعنوانها، ولذا قلنا ان الوضوء بالماء المغصوب مثلا صحيح، نعم يأثم. هذا من ناحية الكبرى.

أما الصغرى: فمن قال أن الجميع استند إلى هذه الرواية الضعيفة، فقد يكون بعضهم مستندا إلى ما يستظهره من آية أو رواية أخرى، وقد يستند بعضهم إلى قاعدة أصوليّة أو فقهيّة، وهكذا، فمجرّد المطابقة في الفتوى لا تدل على أنهم استندوا في الفتوى إلى هذا الخبر. مثال على ذلك وذكرته في دروس سابقة: مسألة طفل الانبوب من تكون امّه؟، كل مجتهد استند إلى دليل مختلف عن المجتهد الآخر في بيان رأيه والفتوى، مثلا من قال بان الأم هي الحامل، استند بعضهم إلى آية قرآنية، وآخر إلى اطلاق اللفظ عرفا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo