< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ادلّة القول بحجية خبر الواحد من الأخبار:

 

     من الادلّة على الحجيّة الأخبار.

     تقسيم الاخبار إلى أربعة طوائف، الاخبار العلاجيّة، الاخبار الآمرة بالرجوع إلى اشخاص بعض الرواة، الاخبار الآمرة بالرجوع إلى الثقات عموما، الاخبار الآمرة بحفظ الحديث وضبطه والاهتمام به ونشره.

     تعليق على العنوان الذي ذكره الحر العاملي (ره).

     تقسيم مدارس الأخذ بالحديث إلى ثلاثة: مدرسة الاخذ بالكتب المعتبرة، ومدرسة الاخذ بالسند، ومدرسة الاخذ بالمضمون.

قلنا وباختصار ان من يستدل بالآيات القرآنية يمكن ان يأتي بالعشرات من الآيات بنفس الاستدلالات، وهي تدور مدار ان الامر بالتبليغ يقتضي قبوله من الطرف الآخر، هذا الدليل مشترك بين جميع الآيات، فمثلا حرمة الكتمان تقتضي وجوب العمل بالخبر، ووجوب السؤال من أهل الذكر يقتضي وجوب العمل على الطرف السائل، إلى آخره من الأمثلة الكثيرة في كتاب الله عز وجل ولنا اطيل.

أما الاستدلال بالأخبار:

بداية قد يقال ان الاستدلال بالأخبار دور، كيف استدل على حجيّة الخبر بنفس الخبر وهو ليس بحجّة؟ فيكون دورا، أو مصادرة على المطلوب.

قالوا كصاحب الكفاية (ره) ان الاستدلال يكون بالخبر المتواتر إجمالا، ومنه إلى بقيّة الاخبار، وقبل البحث بالتواتر لننظر إلى الأخبار.

قسّم الشيخ الأنصاري (ره) الأخبار الدالّة على حجيّة خبر الواحد إلى أربع طوائف.

     الطائفة الاولى: الأخبار العلاجية في باب التعارض، من قبيل: "خذ باوثقهما، بافقهما، خذ ما خالف القوم، خذ ما وافق الكتاب، خذ ما اشتهر بين اصحابك.

هذه الأخبار لو لم يكن قول الافقه حجّة لم قال (ع) خذ بهذه الاخبار، فأن توقف السائل عن الأخذ بالخبر ليس بسبب أصل الحجيّة، بل هو بسبب التعارض، فكأن الحجيّة أمر مفروغ منها، فالمقتضي موجود وهو حجيّة خبر الواحد في مرحلة سابقة عن هذه الأخبار، والمانع أيضا موجود وهو وجود الخبر المعارض.

فإذن الأخبار العلاجيّة تدل بالدلالة الالتزامية على ان الخبر حجّة في مرحلة سابقة، أي مفروغ من حجيّته، لكن المشكلة في المعارضة، فان كليهما ثقة، وكلا الخبرين حجّة لولا المعارضة، فيأتي السؤال، وليس عن حجيّة خبر الواحد فلو عارض الخبر الثقة ماذا نفعل؟

     الطائفة الثانية: الأخبار الآمرة بالرجوع إلى أشخاص معينين من الرواة، كقوله (ع): "إذا اردت الحديث فعليك بهذا الجالس" مشيرا إلى زرارة، وقوله (ع) في جواب من سأله: "افيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني؟ قال نعم". وغيرها.

فكأن الأخذ بالخبر ثابت عند السائل، إلا أنه يسأل عن التشخيص.

     الطائفة الثالثة: الأخبار الآمرة بالرجوع إلى الثقات كقوله (ع): "لا عذر لأحد في التشكيك فيما يرويه ثقاتنا"، وقد ادعى المحقق النائيني (ره) تواتر هذه الطائفة في المعنى، لكنها دعوى بعيدة، لعدم صدورها من جماعة يجتمع تواطؤهم على كذب. اما إذا قلنا ان التواتر ما بلغ من الكثرة بحيث تؤدي إلى الاطمئنان فكذلك لا يثبت التواتر إذ ليس هناك هذه الكثرة الواسعة التي تؤدي إلى التواتر، إلا إذا اراد (ره) من هذه الطائفة الآمرة بالرجوع إلى الثقات كقوله (ع): "لا عذر لأحد في التشكيك فيما يرويه ثقاتنا" ليس هذا المعنى بالتحديد بل يشمل حتى التعارض وضم كل المضامين التي تؤدي إلى حجيّة الخبر، فيحصل التواتر. فالقول بان الطائفة الثالثة بخصوصها ماتواترة فلا نسلّم به تحتاج إلى دليل.

     الطائفة الرابعة: الأخبار الآمرة بحفظ الروايات واستماعها وضبطها، وكتابتها، والاهتمام بها بشتى الالسنة المختلفة والالفاظ، وهي كثيرة، جمع قسما منه صاحب الوسائل الحرّ العاملي (ره) في كتاب القضاء الباب الثامن بعنوان: باب وجوب العمل باحاديث النبي (ص) والأئمة (ع) المنقولة في الكتب المعتبرة وروايتها وصحتها وثبوتها.

أقول تعليقا: ذكر الحر (ره) في عنوان الباب "الكتب المنقوله"، عنوان الباب هو رأيه في كيفية تشخيص الأخبار المعتبرة، وهي مدرسة الرجوع إلى الكتب المعتبرة، ففي خاتمة الوسائل الجزء العشرين الحر يبيّن فيها مبانيه الرجالية، ويقول انه اخذ الروايات من كتب وذكرها، فهو يعتبر ان الاخذ من الكتاب المعتمد هو ما اعتمدة الشيعة في ذلك الزمن ولذلك يعتبر صحيحا.

وتذكرون أننا تطرقنا إلى أنحاء أثبات الحديث وأخذ الأخبار، وقلنا حينها أن المدارس على ثلاثة أنحاء:

منها: مدرسة الكتب المعتبرة المعتمدة، هذه المدرسة لها انصارها حتى في زمننا هذا، وهي التي سلكها صاحب الوسائل (ره) وغيره. مثلا تفسير العياشي رجل ثقة وعالم لكن المشكلة انه حذف الاسانيد، العياشي أخذ من الكتب، فإذا كان الكتاب مُعتَمدا عند الشيعة يعنى ان كله صحيح حتى الروايات الضعيفة والمرسلة والمقطوعة والمرفوعة والتي يرويها كاذب نأخذ بها.

ومنها: مدرسة الرجوع إلى السند، الرجوع إلى الثقاة أو العدول، وهو مختارنا ورأينا، وهو مذهب السيد الخوئي (ره) وغيره.

ومنها: مدرسة محاكمة الرواية بالمضمون، ما وافق الكتاب أو ما خالف القوم، أو ما اشتهر بين اصحابك. أو مضمونها يكون قويا لدرجة اننا نثق بصدوره عن المعصوم (ع) فيكون دليلها معها كما في دعاء الصباح: "يا من دلّ على ذاته بذاته" وكما في رواية: "على اليد ما خذت حتى تؤدي" رواية مستفيضة لكن في اسنادها خدش.

هذا من جهة دلالة الروايات على حجيّة خبر الواحد. لكن هذه الروايات المذكورة في الباب يحتمل دلالتها على وجوب الحفظ والنشر والكتابة لتحصيل العلم والاطمئنان بالصدور، كما في عرض كتاب الحلبي وغيره على الائمة (ع).

نذكر بعض من هذه الروايات من الطائفة الرابعة لما فيه من فوائد اخرى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo