< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: والاستحسان

     الاستحسان بالاجماع بيانه ومثاله الاستصناع. وجوابه.

     الاستحسان بالكتاب ومثاله الوصيّة. وجوابه.

     بقيّة اقسام الاستحسان.

    

النتيجة: الاستحسان بالمعنى الشخصي أمر لا دليل عليه كما قال الشافعي. اما ما كان عن دليل فلا مانع منه.

 

نكمل الكلام في الاستحسان بعد ان ذكرنا تعاريفه وذكرنا ان الاشكال في تقديم قياس على قياس هو في اصل القياس وليس فيما كان عن دليل خاص، وقلنا ان الاشكال في التطبيقات.

ومن اقسام الاستحسان:

     الاستحسان بالاجماع، أي ان القاعدة تقتضي شيئا والاجماع يقتضي خلافه، وهو تقديم الاجماع على القياس، أو على أي دليل آخر.

مثاله: بيع الاستصناع، أي بيع ما سأصنعه وهو معدوم، وليس المراد الإجارة والقاعدة والقياس المنع والبطلان، لان المعقود عليه معدوم، ويشترط في البيع وجود العوضين واحدهما معدوم الذي هو المثمن واستصنعه، ولكنه استحسن بالاجماع وسيرة المتشرعة على صحته والعمل به، فأجيز ذلك لتعامل الناس به من غير نكير، فقدمنا هذا الاجماع على القاعدة التي هي عدم جواز بيع المعدوم. والامثلة الموجودة في الواقع كثيرة على ذلك.

وفيه: أن صحة البيع ليست من باب الاجماع، وليست من باب تقديمه على القياس، بل هو من باب انطباق عنوان البيع عرفا، تطبيق العام على افراده. وهذا كاف في صحة البيع، لعدم كون البيع حقيقة شرعيّة، بل هو حقيقة عرفيّة.

وهنا أذكرِّ بالقاعدة التي أسسناها وهي: في الحقائق اللغويّة سواء كانت في المعاملات أم في العبادات:" ما ثبت عرفا ثبت شرعا". ومن هنا: الشروط المأخوذة في عقد البيع عرفا، لا بد منها شرعا سعة وضيقا إلا ما خرج بدليل.

وهنا: بيع المعدوم باطل عرفا، فهو باطل شرعا، لانه مبادلة الشيء بالعدم، وأما بيع المستصنع فهو عرفا صحيح، ولذا كان صحيحا شرعا، ومن أمثلته: ما هو سائد حاليا من بيع الشقق السكنيّة قبل بنائها على الخرائط.

فقد يقال: إن الشقة معدومة حين البيع فكيف صحّ بيعها؟

نقول: البيع مفهوم عرفي، ولما كان هذا البيع عرفا صحيحا، كان شرعا صحيحا، لانطباق الآية الكريمة: ﴿واحلّ الله البيع﴾[1]

     الاستحسان بالكتاب: مثل الوصية فإن مقتضى القياس عدم جوازها لانها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، وهو زمن تزول فيه الملكيّة فكيف نملّك بها؟، إلا أنها استثنيت من تلك القاعدة العامّة بنص القرآن الكريم: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [2] .

وجوابه: ان التمليك بمعنى عرفي، وهو مقبول عرفا، وأقرّه الشارع وليس من باب الاستحسان في شيء.

ث- الاستحسان بالعادة والعرف.

ج- الاستحسان بالضرورة.

ح- الاستحسان بالمصلحة.

خ- الاستحسان بالسنّة.

د- الاستحسان بالقياس الخفي.

وامثلتها مبثوثة في كتب الأصول.

حجيّة الاستحسان:
إن تقديم دليل على آخر لأقوائيته لا مانع منه، بل هو المتبع عند العقلاء، ومنه تقديم الخاص على العام، والمقيّد على المطلق، بل حتى المبيّن على المجمل، والاظهر على الظاهر، والنص على الأصل اللفظي، والامارات على الأصول العمليّة، والحاكم على المحكوم في الحكومة والوارد على المورود عليه في الورود، وتقديم احد المتعارضين على الآخر لترجيحه. لكن التقديم هو بأدلّة وليس مجرّد ذوقيات أو تعسّف أو تحكّم.

لذلك الشافعية أنكروا الاستحسان منذ الشافعي الذي عبّر عن الاستحسان بالتلذذ، إلى ما قاله الفخر الرازي في كتاب "المحصول" حيث ختم الرازي بحثه في الاستحسان بقوله: "يظهر أن الاستحسان باطل".

ملخص الكلام في الاستحسان انه إذا كان بالمعنى الشخصي فلا دليل عليه وهو باطل، اما إذا كان بمعنى تقديم دليل على دليل بأمر معتبر عند الشرع أو العقلاء فقد خرج عن كونه استحسانا، وهذا نقول به ولا مانع منه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo