< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/04/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ادلّة القياس من السنّة

     الدليل من السنّة، رواية معاذ، ورواية الخثعميّة، ورواية بيع الرطب بالثمر، واجوبتها.

     الدليل من الاجماع، وفيه: إشكال في الصغرى والكبرى.

     نقل كلام ابن حزم الظاهري في ابطال القياس.

 

الدليل الأول على القياس عند أبناء العامّة كان بكتاب الله، ورد الاستدلال بالكتاب بأدّلة لم ارتضها كردّ ابن حزم عنها، لكن الرد الواضح هو أن كلامنا هو في العلّة المظنونة وليس في العلّة المعلومة.

الدليل من السنّة:

منها الحديث المأثور عن معاذ أن رسول الله (ص) بعثه قاضيا إلى اليمن وقال له فيما قال: " بما تقضي إذا لم تجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله (ص)؟ قال معاذ: اجتهد رأيي ولا آلو، قال (ص): الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضي رسول الله ". [1]

وكيفية الاستدلال ان النبي (ص) قد أقرّ الاجتهاد بالرأي، واجتهاد الرأي لا بد من ردّه إلى أصل، وإلا كان رأيا مرسلا، والرأي المرسل غير معتبرـ فانحصر الأمر بالقياس.

والجواب: يقول الشيخ المظفّر (ره) إن الحديث مرسل لا حجة فيه، لأن راويه هو الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة، رواه عن أناس من أهل حمص. ثم الحارث هذا نفسه مجهول لا يدري أحد من هو، ولا يعرف له غير هذا الحديث.

إذن الحديث لا ينفعنا لا سندا ولا دلالة.

اما سندا فلضعفه كما بيّنا، واما دلالة فلان الاجتهاد بالرأي هو بذل الجهد، ولا ينحصر الأمر بالقياس، لوجود أدلّة أخرى كالاجماع والسيرة والأصول العقليّة وغيرها.

ومن الادلّة: حديث الخثعميّة التي سألت رسول الله (ص) عن قضاء الحج عن أبيها الذي فاتته فريضة الحج:

"وأما قضاء الدين عن الميت فلقضية الخثعمية لما سألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن أبي أدركته فريضة الحج شيخا زمنا لا يستطيع أن يحج إن حججت عنه أينفعه ذلك؟ قال لها: أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته، أكان ينفعه ذلك قالت: نعم، قال: فدين الله أحق بالقضاء". [2]

وجه الاستدلال: إجزاء حكم دين الآدمي على دين الله، وهذا هو القياس.

والجواب: هذا ليس من باب القياس في شيء، بل من باب تطبيق العام على الخاص، فالعام هو: " كل دين يجب أن يقضى، ودين الله فرد منه، بل هو أظهر الأفراد". ولو فرضنا انه ليس من باب العام ومصاديقه وكان من باب المفهومين المتباينين يكون إثبات الحكم للحج من باب قياس الاولويّة أي العلّة المعلومة سواء كانت ظاهرة أو منصوصة أو مستنبطة بنحو معتبر أو المعلومة لبياً أو عقليا، وجميعها لا إشكال في صحة القياس فيها.

ومنها: حديث بيع الرطب بالتمر، وقد أرسله العامة والخاصة في كتب فروعهم عن النبي صلى الله عليه وآله ( المستدرك ج2،ص480) " أنه سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال: أينقص إذا جف؟ فقيل له: نعم، فقال: لا إذا " وكان سؤاله مع العلم بالحال ، لبيان الوجه في التحريم وقد قال: الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي ( الوسائل ج، ح 1، ص ) " لا يصلح التمر اليابس بالرطب من أجل أن التمر يابس والرطب رطب فإذا يبس نقص ". [3]

وفيه: هذا من باب تطبيق العام على الخاص أيضا، فبيع شيء بآخر من نوعه بأقلّ من وزنه ربا، وليس من باب القياس.

الدليل من الاجماع:

إدّعي الاجماع على حجيّة القياس، وهو أهمّ دليل عندهم، ومرادهم إجماع الصحابة.

وفيه: الاجماع غير ثابت لا صغرى ولا كبرى:

أما الصغرى: عند الأصحاب فالإجماع على بطلانه من أوضح الأمور.

أما عند العامّة فقد ظهر العمل بالقياس بحدوده وشروطه في القرن الثاني للهجرة، وليس من الصحابة، نعم عمل بعض الصحابة ببعض الاجتهادات عندهم وليس بالقياس، مثلا: إلغاء عمر بن الخطاب لـ " حيّ على خير العمل " من الأذان والإقامة، حيث برّر ذلك بأنها تشغل الناس عن الجهاد، حيث إنه فسّر خير العمل بالصلاة. لكن فرق بين الاجتهاد وبين القياس، وهل الاجتهاد منحصر بالقياس؟!.

يقول ابن حزم –وهو رأس الظاهرية من أبناء العامّة في كتابه إبطال القياس ص5 – " تم حدث القياس في القرن الثاني فقال به بعضهم وأنكره سائرهم وتبرؤا منه". وهذا من ابن حزم نقل عن حس وليس عن حدس فاين الاجماع؟!. وقال في كتابه الاحكام: " إنه بدعة حدث في القرن الثاني ثم فشا وظهر في القرن الثالث". ويقول أيضا ص 19: " أين وجدتم هذا الاجماع؟! وقد علمتم أن الصحابة ألوف لا تحفظ الفُتيا عنهم في اشخاص المسائل إلا عن مائة ونيّف وثلاثين نفرا، منهم سبعة مكثرون، وثلاثة عشر نفسا متوسطون، والباقون مقلون جدا تروى عنهم المسألة والمسألتان، حاشا المسائل التي تيقن اجماعهم عليها، كالصلوات وصوم رمضان، فأين الاجماع على القول بالرأي؟.

الدليل الرابع على القياس هو العقل.


[1] غوالي الئالي، ابن ابي جمهور الاحسائي، ج1، ح83، ص414. ح ( 84 ) وفي حديث آخر، لما قال أجتهد رأيي قال له عليه السلام : " لا، بل ابعث إلي، أبعث إليك ".
[2] بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج88، ص315. دعائم الإسلام، القاضي النعمان المغربي، ج1، ص336.. روينا عن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا أتاه، فقال: إن أبى شيخ كبير لم يحج أفأجهّز رجلا يحج عنه ؟ فقال: نعم، إن امرأة من خثعم سألت رسول الله (ص) أتحج عن أبيها لأنه شيخ كبير ؟ فقال رسول الله (ص): نعم، فافعلي، إنه لو كان على أبيك دين قضيته عنه أجزى ذلك عنه

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo