< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجيّة قول اللغوي:

 

     الوجه الرابع قول اللغوي يدخل في خبر الواحد فيكون حجّة.

     وفيه: إن قول اللغوي في كتبهم هو من باب نقل الاستعمالات فيكون حجّة في خصوص صحّة الاستعمال لا في الوضع، فإن الخبر حجّة في خصوص الحسيات لا الحدسيات، والقول بالوضع حدسي إلا ما ندر.

 

الوجه الرابع: إن قول اللغوي يدخل في خبر الواحد فيكون حجّة.

وفيه: إن قول اللغوي في كتبهم هو من باب نقل الاستعمالات فيكون حجّة في خصوص نقل صحّة الاستعمال – طبعا مع الوثاقة – لا في الوضع الذي يكون عن حدس وليس عن حس كما في الاستعمالات.

ثم، إن بعض الأعاظم أشكل على ذلك بعدم شمول حجيّة الخبر للموضوعات، خبر الواحد انما ثبتت حجيّته في الاحكام لا في الموضوعات. مثلا: الدم نجس أو لا يجوز الصلاة فيه هذا شأن الاحكام والفقيه، أما هذا دم أو لا؟ كموضوع هذا شأن المكلّف نفسه وليس شأن الفقيه.

وفيه: أولا شمول حجية الخبر للموضوعات لان الدليل الأول على حجية الخبر هو السيرة العقلائية. والعقلاء لا يفرقون بين الموضوعات والاحكام، بالإضافة إلى بعض الأدلة الأخرى كما في رواية جواز الاتكال على الأذان "المؤذن مؤتمن" فتجوز الصلاة بأذانه فيكون قد حصحص الموضوع.

فإن السيرة العقلائية حاكمة ومبيّنة للمراد من الاستبانة في الروايات إذ قد يقال ان هناك روايات تدل على عدم جواز العمل بخبر الواحد في الموضوعات، فخبر الثقة مثلا ليس حجة في الموضوعات، بدليل:

رواية مسعدة بن صدقة المشهورة وهي: "كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك مثل الثوب يكون عليك ولعلّه سرقة، أو العبد يكون عندك ولعلّه حرّ قد باع نفسه أو قهر فبيع أو خدع فبيع، أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك، والاشياء كلها على هذا حتى يستبين لك". [1]

فالاستبانة في الرواية علم وليست ظنا، يعني أنه لا يجوز أن تعمل بالموضوعات إلا مع علم اما مع الامارة والظن فلا تعمل. لكن قلنا ان السيرة العقلائية التي بيّنت ان خبر الواحد حجّة نسبه إلى العلمي لان حكمه حكم العلم، حينئذ يكون حاكما مبينا لمعنى الاستبانة في الرواية التي تشمل العلم وما كان معتبرا كالظن المعتبر.

النتيجة: عدم حجية قول اللغوي إلا في حصول الاطمئنان بقوله بالمعنى الموضوع له وهو القدّر المتيقّن من السيرة، ذلك أن السيرة دليل لبيّ نقتصر منه على القدر المتيقّن الذي هو بخصوص ما لو حصل الاطمئنان منه.

أما اعتبار التعدد فلا دليل عليه إلا في القضاء ومرافعاته، فخبر الواحد في الموضوعات كاف، خلافا للسيد الخوئي (ره) حيث يقول في مصباح الأصول للبهسودي: " فتحصل مما ذكرنا انه لا دليل على حجيّة قول اللغوي بلا اعتبار العدالة والتعدد ".

لعلّ مراده هو الاقتصار على القدر المتيقّن من السيرة العقلائية على العمل التي هي دليل لبيّ، فالقدر المتيقن منها هو التعدد واعتبار العدالة باللغوي.

لكن النتيجة برأينا أن قول اللغوي انما يكون حجّة إذا أدى إلى اطمئنان.

الإجماع المنقول بخبر الواحد:

ننتقل إلى بحث آخر من صغريات حجيّة الظن بعد ان قلنا ان الأصل عدم حجية الظنون إلا ما دلّ دليل على اعتباره. ومن جملتها الاجماع المنقول بخبر الواحد. [2]

كان من المفروض تأخير هذا البحث عن بحث حجية الخبر، إذ هو احد متعلقات الخبر. ولكن صاحب الكفاية (ره) قدّمه عليه، ولعلّه لطول الكلام عن الخبر، فقدّم البحث الأصغر على البحث الأطول.

كذلك كان ينبغي أن يؤخره عن بحث الاجماع، فهو فرع من فروعه، ولكنه (ره) بحثه في مطاوي بحث الاجماع المنقول.

أما نحن فسنبحث الاجماع أولا، ثم الاجماع المنقول بخبر الواحد ثانيا.


[2] تذكير: ذكرنا سابقا عدّة الفاظ مستعمله عن أهل الفقه: اولا نقول: بلا خلاف فيه، ثم اتفاق، ثم اجماعا، ثم امرا متسالم عليه، ثم بديهي، ثم ضرورة. فصّلنا بين هذه الالفاظ ومعانيها لوجود الفرق فيما بينها، قد يشترك بعضها بالكشف والحجيّة وبعضها ليس كذلك.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo