< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجيّة قول اللغوي

     الوجه الثاني على الرجوع إلى اللغويين الاجماع.

     وفيه: ان الاجماع القولي غير متحقق، والاجماع العملي يحتمل كونه لتحصيل الاطمئنان لا لكون قول اللغوي حجّة.

     الوجه الثالث جريان انسداد باب العلم في خصوص اللغات.

     وفيه: ان انسداد باب العلم في اللغات لا يؤدي إلى الخروج عن الدين، فلا أثر له.

 

نكمل الكلام في حجيّة قول اللغوي وقلنا انها مسألة مهمّة لكثرة الحاجة اليها، قلنا ان هناك اربعة وجوه: الاول: الرجوع إلى أهل الخبرة وبيّنا ان الرجوع اليهم في الامور الحدسية، وقلنا ان اللغوي ليس حدسيا بل هو ناقل.

الوجه الثاني: دعوى الإجماع على الرجوع إلى اللغويين عند الشك في الوضع وتعيين معاني الألفاظ، فإن العلماء في جميع الأعصار وفي كل لغات العالم يرجعون إلى أقوال اللغويين ويعملون بها، وجعلت القواميس لأجل ذلك.

وفيه: ان الاجماع إما قولي وإما عملي.

أما الاجماع القولي -أي لفظا- فهو غير متحقق فإن كثيرا من العلماء لم يتعرّض لهذا البحث.

وأما الإجماع العملي، فهو وإن كان صحيحا، فإنهم يراجعون اللغويين، ولكن يحتمل كون مراجعتهم لتحصيل الاطمئنان لا للعمل بقولهم كيف اتفق وانهم أهل لغة وقلنا ان الرجوع بشرط الوثاقة والصدق. وهذا ما نحن عليه الآن وأعرف عددا من الفقهاء على ذلك يرجعون للغة حتى يحصلون الاطمئنان بالمعنى وليس لان قول اللغوي حجّة. [1]

ثم لا بأس بملاحظة أن الكتب الفقهية التي يرجع فيها الفقهاء إلى اللغويين في بحوثهم كتبت بعد عصر المعصومين (ع) [2] ، فهذه السيرة لم تكن متصلة بعصر المعصوم فإذا كانت كذلك فليست حجّة. وهذا من أضعف أقسام الإجماع –بناء على حجيّته-، فهو ليس إجماعا تعبديا بل اتفاق لا يستكشف منه رأي المعصوم (ع) ، إلا إذا رجع للوجه الأول أو الثالث والرابع التي ذكرت كما سنرى.

الوجه الثالث: إن جريان انسداد باب العلم في خصوص اللغات يستلزم حجيّة قول اللغوي، إذ لا طريق آخر لنا لمعرفة المعاني.

بيانه: استلزام الحجية لعدم وجود تبادر أو صحّة حمل أو صحّة سلب أو اطراد وغير ذلك فلا طريق لتحصيل المعنى فلا بد من الذهاب حينئذ إلى اللغوي.

وفيه: إن دليل الانسداد – لو تمّ – فانما يكون حجّة في انسداد باب العلم في الأحكام لا في اللغة، فان انسداد باب العلم في اللغة لا أثر له، لان الذهاب إلى البراءة لا يستلزم الخروج عن الدين، والخروج عن الدين هو أحد أهم مقدمات دليل الانسداد.

بيانه: ان دليل الانسداد الذي يؤدي إلى حجيّة الظن مؤلّف من مقدمات:

انسداد باب العلم والعلمي، وثانيا ان نرجع إلى ان الأصل من البراءة أو الاحتياط، ولا يجري الاصلان.

اما الاحتياط فهو متعذر أو متعسر، فالأحكام المعلومة بالقطع واليقين قليلة جدا وأكثرها ظنيات تتكل على الروايات، حينها نذهب للاحتياط أو إلى البراءة. فالاحتياط كما ذكرنا متعسر او متعذر او مرفوع، اما البراءة فجريانها يستلزم الخروج عن الدين، لان معظم الفروع من الأجزاء أو الشرائط أو الاحكام ظنيّة، ومع سقوط التكليف نصبح كالبهائم والمجانين. فهذا هو اثر باب انسداد باب العلم والظن.

وهنا لو انسد باب العلم في اللغة لا نصل لهذه النتيجة بل نقتصر على القدر التيقّن وتبقى احكام وفروع كثيرة تابعة للقدر المتيقن وهذا لا يلزم منه الخروج عن الدين.

بعبارة أخرى عدم الاخذ بقول اللغوي لا يؤدي إلى الخروج عن الدين لان احد مقدمات باب الانسداد هو الخروج عن الدين.

 


[1] تذكير: لدينا حكم للعقلاء وسيرة للعقلاء وبناء للعقلاء. حكم العقلاء كالعدل حسن، حكم لا ينطلق من حاجة، اما سيرة العقلاء فهي مسلك ينطلق من حاجة مثل انهم يرجعون إلى المشهور أو خبر الواحد كما هو عليه الناس ولم يرد ردع عنها، فهذا حجة، اما ما كان مسلكا خاصا لحاجة قوم بعينهم فلا يكون حجّة.
[2] يقال ان اول كتاب فقهي خرج من الفقه المأثور إلى الفقه المستنبط هو كتاب الشيخ الطوسي (ره) في "المبسوط" والنهاية أيضا عبارة عن كتاب حديث.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo