< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     العلم الاجمالي.

     الكلام في عالم التنجيز فيه أربعة أقوال: الأول كونه علّة تامّة للتنجيز كالتفصيلي. الثاني: كونه مقتضيا لا علّة تامّة. الثالث: كونه كالشبهة البدوية لا علّية فيه ولا اقتضاء. الرابع: لانه مركّب من علم تفصيلي وجهل في الاطراف. فإن لكل منها أثره، وهو المختار.

أما ما أذهب اليه فهو التالي:

قلنا ان علم الأصول موجود عند العقلاء وعند الناس ولذا يمكن للباحث أن يدركه بفطرته وذوقه العقلائي: فالعلم الاجمالي مؤلّف من علم وجهل.

فالعلم هو متعلّق بالتكليف الجامع بين الأطراف، وهو علم تفصيلي بالجامع. مثلا: الأمر المردد بين صلاة الجمعة وبين صلاة الظهر، الذي اقطع به هو التكليف بالصلاة، أي التكليف بالجامع بينهما، وهو كلي الصلاة فهو معلوم وجوبه تفصيلا وليس اجمالا.

والجهل متعلّقه في نفس التكليف -الواجب أو المستحب أو الحرام أو الاباحة- أو في متعلّقه، أو في ما ينطبق عليه. فالجهل اصبح في تعدد المتعلّق أو ما ينطبق عليه الحكم أو نفس الحكم.

وميزة هذا التعريف أنه يفرّق بين آثار العلم وآثار الجهل، ولا يغمض عن آثار الجهل ولا يغمض عن آثار العلم.

بعد هذا البيان نقول: في مسألة العلم الإجمالي، البحث يقع في أمرين:

تارة نتكلّم في عالم التنجيز، وتارة نتكلّم في عالم الامتثال.

الأوّل: في أصل منجزية العلم الاجمالي، وسعة ومقدار هذه المنجزية في المسائل الخمسة التي ذكرناها وهي:

الموافقة والمخالفة القطعيّتان، والاحتماليتان، وعدم التنجيز أصلا.

الثاني: جريان الأصول في أطراف العلم الاجمالي، فهل يجري الإحتياط أم البراءة أم غير ذلك لو كان. وهذا المقام موكول إلى مباحث الأصول العمليّة.

الكلام في المقام الأوّل المنجزيّة:

قلنا أن العلم الاجمالي مركب من علم وجهل، ولا شك ولا ريب في كون العلم التفصيلي منجّز على نحو العلّة التامّة، كما سبق وذكرنا وهذا واضح لا ريب فيه، فيجب حينئذ متابعته القطع والعلم والجري على طبقه، ولا تجوز مخالفته.

وهل العلم الاجمالي كالعلم التفصيلي في المنجزيّة؟ وما هي حدود هذه المجّزيّة؟

اختلفت كلمات الأصوليين في ذلك على أقوال:

    1. كونه علّة تامّة للتنجيز، تماما كالعلم التفصيلي، وبه قال المحقق السيد البرجردي (ره) في نهاية الأصول، والمحقق أغا ضياء العراقي (ره) في نهاية الأفكار، والمحقق الأصفهاني في نهاية الدراية، والسيّد الخوئي (ره) في تقريرات البهسودي (ره) وجدي (ره) في كتابه مباحث الحجّة والأصول العملية.

    2. كونه مقتضيا للتنجيز لا علّة تامّة لوجود الموانع أحيانا، وبه قال المحقق الآخوند الخرساني (ره) في كفاية الأصول.

يقول بما مضمونه: العلم التفصيلي لا شك أنه علّة تامّة فلا يمكن أن نتصوّر مانعا فيصبح منجّزا، لكن العلم الاجمالي هو مقتض للتنجيز فيمكن أن يمنع منه مانع. ذكر ذلك في الشبهة غير المحصورة. مثلا إذا وجدت ذبيحة محرّمة بين العديد من الذبائح في بلد، فقد جاء الدليل على جواز الأكل منها رغم أنه يوجد بينها ذبيحة محرّمة، فلا أثر لقلّة وكثرة العدد ولا علاقة لها بحكم العقل، وفرق بين حكم العقل وحكم العقلاء، فلا فرق بين العلم التفصيلي والعلم الاجمالي. صاحب الكفاية (ره) يقول أن العلم الاجمالي فيه مقتض لتنجيزه دون أن يكون علّة تامّة والدليل على ذلك هو الجمع بين حكم العقل بالتنجيز لكونه كاشفا، ويقاء الحكم الظاهري على رتبته محفوظا، وهي وجود الجهل، وذلك كما في الشبهة غير المحصورة، بل في الشبهة البدوية.

    3. كونه كالشك البدوي في عدم تأثيره في تنجيز الواقع أصلا، أي أغمض النظر كليا عن العلم، وقد نسب هذا القول إلى المحقق الخنساري (ره)، كما عن نهاية الاصول للسيد البرجردي (ره).

    4. كونه علّة تامّة للتنجيز في خصوص الجامع المعلوم ثبوته تفصيلا، دون الأطراف، لأن الأطراف فيها الجهل فتصبح مجالا للأصول العملّية، وهو ما سنبيّنه ونختاره.

هذه الأقوال وسنذكر مستندها وأدلتها والردّ عليها وسنصل إلى ما سنختاره.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo