< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/07/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص.

     مزيد بيان لا يقال: ان الظهور هو ظهور تعلق حكم العام بتمام الأفراد وهذا لا يتم إلا بعد نهاية الكلام، وفي المتصل لا يتم هذا الظهور لأن التخصيص المتصل دل على خروج بعض الأفراد فلم يتم الظهور في العموم.

     فإنه يقال: يوجد مدلولان: ظهور لفظ العام، وهو إطلاق مفهومه والثاني دليل على صحة الإمتثال بجميع الأفراد. ومع التلفظ بحرف " إلا " يتم المدلول الأول دون الثاني.

الاجابة على سؤال بعض الاخوة الاعزاء، ونحن نتكلم في مسألة هل في المتصل ظهور أو لا؟ وقالوا ان المتصل لا ظهور فيه في العموم لعدم نهاية الكلام، والظهور لا ينعقد إلا بعده حتى ينتهي الكلام. وقلنا ان بيان المفهوم قد تمّ فلا داعي لانتظار نهاية الكلام، إذا قلت: " أكرم العالم إلا " يعني ان قيود المدخول انتهت، فلا وجود لقيود متعلق الحكم بعدها. نعم يأتي بيان اخراج الافراد التي لا يمكن الامتثال بها.

والسؤال هو قد يقال: إن الظهور هو في شمول العام لجميع افراده، والمخصِص لا يتدخل في المفهوم ابدا، فان التدخل في المفهوم لا يكون إلا من باب الحكومة أو المجاز، بل مفهوم العالم في " أكرم كل عالم " يبقى على ما هو عليه، وبالتالي: لا شك في عدم مدخليّة المخصص في مفهوم العام، وانما للمخصِص مدخلية في بيان شمول العام لجميع افراده، أي تعلق حكم العام بجميع افراده. وتكون " إلا " بيانا للأفراد الخارجة عن الحكم ومستثنا منه، وبالتالي مع وجود حرف الاستثناء " إلا " يمتنع الظهور في العموم والشمول لكل الافراد. وهذا بخلاف المنفصل الذي لا يمنع من ظهور العام في عمومه، نعم يمنع من حجيته.

ذكرنا الاشكال وسنذكر الجواب توضيحا للفكرة.

إذن هم قالوا انه ليس هناك ظهور في العموم في المتصل لمجرد ان هناك استثناء، وهذا بخلاف المنفصل. ونحن قلنا انه لما تدخل في المفهوم ولم يتدخل في الافراد فالظهور في المفهوم باق على حاله. الاستثناء ليس تدخلا في المفهوم بل هو تدخل في الافراد، هو اخراج بعض الافراد. مع العلم ان الافراد لم تكن داخلة اصلا من الاساس الفرد ليس داخلا في الحكم، الحكم لا يتعلّق بالفرد، هو لم يدخل حتى يخرج.

ولذا نقول لزيادة البيان وبالله المستعان:

فانه يقال: انه عند الامر بالعام في " أكرم العالم " فان لدينا مدلولين:

الاول: في موضوع الحكم، وهو متعلق الاكرام، وهو مفهوم العالم دون افراده، لان الاحكام تتعلّق بالطبائع لا بالأفراد، والمستعمل فيه هنا هو الماهية المجردة، التي يمكن ان يطرأ عليها التقييد ويمكن ان يطرأ عليها الاطلاق [1] ، والتقييد بحاجة إلى قرينة كما لو قلت: " أكرم العالم العادل " فيكون متعلق وجوب الاكرام هو المركب من " العالم العادل " اي القيد والمقيّد، والاطلاق ايضا يحتاج إلى قرينة مقدمات الحكمة.

الثاني: في شمول الماهية لأفرادها، وهو أمر عقلي، إذ هو انطباق الماهية على افرادها وبالتالي يتحقق الامتثال بالأفراد من دون تعلق الحكم بها، والمخصص يبيّن الافراد الخارجية عن امكان الامتثال به. وقد ذكرنا سابقا ان قولنا: خروج الافراد عن عموم الحكم فيه تسامح في التعبير، بل الصحيح ان يقال: ان تعلّق الحكم بالعام يقتضي تحقق الامتثال بأفراده، وهذا معنى ان العام حاك عن افراده، وبإطلاق العام يكون بالامتثال بجميع افراده.

إذن: الظهور في عدم تقييد العام يدل على شمول العام عند الامتثال لجميع افراده، لانطباق العام على جميع افراده، فتمّ الشمول، ثم يرد حرف الاستثناء " إلا " الذي يدل على عدم حجية هذا الظهور.

وبكل بساطة كما قال احد الاخوة الطلبة الحاضرين: إذا لم يكن عموم فكيف يكون الخصوص؟! أو ليس التخصيص فرع العموم. ولا فرق في هذا الظهور في التفريق بين المدلولين، بين المخصص المتصل والمنفصل.

ونتيجة هذا البحث: ان العام المخصص مستعمل في معناه الحقيقي ولا مجاز فيه، ولا فرق بين المخصص المتصل أو المنفصل، وقد استعمل اللفظ في ما وضع له على نحو الحقيقة سواء في اداة العموم أم مدخولها وبالتالي في الشبهة الحكمية يجوز التمسك بالعام في تمام الباقي بعد التخصيص، لان العام باق على عمومه، فيتمسك به في المشكوك خروجه بعد التخصيص. لذلك في المسألة التي حررها القدماء وقالوا: هل يكون المخصص العام حجة في تمام الباقي أو لا؟

نقول: هو حجة في تمام الباقي. في الشبهة الحكمية ايضا يجوز التمسك في العام مطلقا سواء كان المخصص متصلا أو منفصلا، وسواء كان لبيا ام لفظيا.


[1] هناك كلام ان الاطلاق والتقييد من باب الملكة والعدم او من باب الضدين وهما امران وجوديان.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo