< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/06/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص.

     المقدمة الثالثة: ان الانتظار إلى نهاية الكلام لانعقاد الظهور ليس إلا لاحتمال ورود مبيّن، ومع العلم ان بيان مفهوم العام وقيوده قد تمت فلا داعي للانتظار، ولذا ينعقد للعام المخصص بالمتصل ايضا ظهور في العموم.

في المقدمة الثانية بيّنا انه في حال اخراج الافراد لا يحصل تدخل في مفهوم المدخول بمعنى انه لم يقّيد ولم يضيق ولم يوسع، وقلنا ان التخصيص معناه هو تزاحم الملاكات في عالم الانشاء لا في عالم الامتثال. الفرق بين المسألة الاصولية المعنونة بعنوان التزاحم وبين ما نحن فيه ان التزاحم في مسألتنا هو في عالم الملاكات فيقدم الاهم من باب الكسر والانكسار، اما في تلك المسألة الاصولية فهو في عالم الامتثال.

والمقدمة الاخيرة التي يجب ذكرها هي انه انتظر نهاية الكلام لماذا؟ قالوا ان الظهور لا ينعقد إلا بعد نهاية الكلام هل الانتظار إلى نهاية الكلام هو تعبد؟ ونقول: انه ليس تعبدا، بل هو انتظار لورود قرائن. هل يرد تخصيص او لا؟ وهل يرد تقييد او لا؟ وهل يرد قرائن على المجاز او لا؟

هذه الكلمة " لا ينعقد الظهور إلا بعد نهاية الكلام " اخذناها كانها مسألة تعبدية، طبعا انها ليست كذلك فلو فرضنا قبل نهاية الكلام علمت ان مفهوم المدخول قد تمّ من جهة التوسعة والتضييق فهل من داع للانتظار إلى نهاية الكلام؟. فلو فرضنا اني اطلقت عاما وهذا العام لا يعقل ان يخصص، إذ العموم على قسمين: عام آب عن التخصيص وعام يخصص، مثلا العام الذي لا يمكن ان يخصص: " ما خالف قول ربنا لم نقله " عام، هل يعقل ان يأتي مخصص؟ محال ان يخصص لا يمكن ان يقال: " ما خالف قول ربنا لم نقله إلا البيان الفلاني " فهو يخالف قول ربنا مثلا ومع ذلك قلناه. في العام الآبي عن التخصيص، هل هناك داع ان انتظر نهاية الكلام حتى اعرف ان هذا العام عام، هل هناك قرينة او لا؟ اصلا هنا محال ان تأتي قرينة على التخصيص، ولا داعي لانتظار الكلام، هنا نستظهر العموم بل نقطع به.

ومثلا في مسألتنا عندما اقول: " أكرم كل عالم إلا " هنا المتعلق واضح و" إلا " انتظر ما هي الافراد الخارجة وليس ما هو مدخول " كل ". هذا الذي طرح عند الاصوليين ان الظهور لا يتم إلا بعد نهاية الكلام يحتاج إلى توضيح، لا يجب علي ان انتظر كلامك حتى ينتهي، هناك اشياء تحتاج إلى انتظار وهنا اشياء لا تحتاج، لماذا اريد ان انتظر؟! مجرد ان اقول كلمة " إلا " معناه ان المدخول أي متعلّق أداة العموم تمّ بيانه وانتظر ما هي الافراد الخارجة، لان الظهور لا يتعلّق بالافراد، الظهور يتعلّق بالمفاهيم والمفهوم قد تمّ. لذلك نقول حتى في المخصص المتصل إذا كان هناك تخصيص مجرد ان أتي بأداة التخصيص تمّ الظهور في العموم.

إذن المقدمة الثالثة: إن الظهور لا يتم إلا بعد نهاية الكلام، وقبله تكون المعاني مجرد خطور، ولا يزال المعنى المقصود متوقفا مجملا بانتظار ورود المبيّن حتى نهاية الكلام.

وهذا الامر مسلّم في الجملة، لكن يجب ان نعلم انها ليست مسألة تعبديّة بمعنى انه لا يجب علينا الانتظار إلى نهاية الكلام كي نفهم المراد الجدي أو كي نستظهر المعنى المراد، بل لو استطعت ان أفهم مراد المتكلم الاستعمالي او الجدي قبل نهاية الكلام ولو لقرائن خاصة لكان للاستظهار مجال.

وما نحن فيه من هذا القبيل، فان التخصيص – باصطلاحنا وهو الاخراج لا بنحو التقييد، أي الاخراج من دون تدخل في مفهوم العام – لما لم يكن تصرّفا في المفهوم، فاستطيع ان استظهر من دون الانتظار إلى نهاية الكلام. مثلا: لو قلت: " أكرم كل عالم " فلا بد لي من الانتظار لاحتمال ورود مخصص أو مقيّد، إذ قد يجيء ما يخرج افراد فيكون العام مخصصا، وقد يجيء ما يقيّد مدخول " كل " كلمة " عالم " فيكون مقيّدا.

ثم ان وردت كلمة " إلا " وهي تأتي للتخصيص حينئذ اعلم ان مدخول " كل " أي كلمة " عالم " قد تمّ مفهومها، ولن يأتي أي مقيّد ومبيّن للمفهوم سعة وضيقا، بل ما سيأتي بعد " إلا " هو إخراج افراد، ومع تمامية بيان المفهوم استطيع ان استظهر العام.

وبعد ان انتهينا من بيان المقدمات الثلاث نقول:

التخصيص هو اخراج لافراد، وليس فيه تدخل في مفهوم مدخول الاداة، وبالتالي عندما اسمع العموم من الآمر تتم عندي الدلالة التصورية لاداة العموم وكذلك لمدخوله، ولما قلنا ان الاحكام تتعلق بالطبائع لا بالافراد، فانتظر نتيجة الكلام لبيان مفهوم المتعلّق. ومع التلفظ بكلمة " إلا " افهم ان المفهوم قد تمّ بيانه، لان " إلا " تستعمل لاخراج افراد مما يمتثل به حكم العام لا للتدخل في مفهومه، وحينئذ لا انتظر نهاية الكلام لاستظهار المفهوم، بل ما بعد " إلا " يبيّن الافراد الخارجين عن حكم العام، فانا انتظر الافراد الخارجين ولا انتظر القرائن الدخيلة في بيان المفهوم.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo