الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الأصول
41/06/16
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: العام والخاص.
• من وجوه عدم اجمال العام على القول بالمجاز: ان العام مأخوذ على نحو ضرب القاعدة.
• رفضا لكون العام مأخوذا على نحو ضرب القاعدة، لان النحو يقتضي ان يكون ظرف الشك ملحوظا فيه، فيكون اصلا، بينما العام مأخوذ من باب اعطاء حكم على موضوع (العام).
نكمل الكلام في الشبهة الحكمية التي لا تكون مستندة إلى اشتباه في المفهوم أو في المصداق. والشبهة الحكمية عبّر عنها الماضون بـ هل يكون العام حجة في تمام الباقي بعد التخصيص، وهكذا في المعالم وهي نفس مسألة الشبهة الحكمية. كثير من القدماء قال ان العام الباقي بعد التخصيص مجاز ولذلك ذهب بعضهم إلى الاجمال ولذلك لا يجوز التمسك بالعام بعد التخصيص، لعدم القرينة على ارادة خصوص عام الباقي. وقال بعضهم يجوز التمسك بالعام وان كان مجازا قال لان الباقي هو أكمل واقرب المجازات إلى الواقع، لكن هذا الظهور من اين اتى؟ قلنا ان هذه لا دليل عليه.
قيل لانه ظاهر في تمام الباقي وهذا يكفي. ونقول صحيح ومسلم انه ظاهر كذلك، ولكن ظهوره ليس لانه مجاز، بل هو مستعمل في الحقيقة والمراد الجدي هو تمام الباقي فخرج عن المجاز حينئذ كما سنرى.
وجه العام مأخوذ على نحو ضرب القاعدة:
بدانا امس بوجه لتصحيح التمسك بالعام بالباقي بعد التخصيص، قالوا من الوجوه ان العام عندما يستعمل فانما يستعمل من باب ضرب القاعدة أي ان المراد كل ما ينطبق عليه العام ثم تأتي الاستثناءات، ويعني ايضا الرجوع اليه عند الشك، ولهذا يجوز التمسك بالعام وان كان مجازا. الكلام للوهلة الاولى معقول، الشيخ الانصاري (ره) اجاب عن ذلك وملخصه: ان التخصيص في هذه الحالة قليل الوجود والغالب هو الحكومة او الورود. لا يقال: اشتهر ان ما من عام إلا وقد خص، مما يعني أغلبية التخصيص، فانه يقال: انهم قالوا ذلك لانهم لم يكونوا قد اكتشفوا الحكومة والورود [1] . هذا الفكرة اشار اليها صاحب الجواهر لكن اسسها ورتبها الشيخ الانصاري (ره) ونسبت اليه، من انجازات الشيخ في علم الاصول التمييز بين التخصيص والحكومة.
ونقول للشيخ الانصاري: لا نسلم بالصغرى وهي ندرة التخصيص، ثانيا: هل ان العام يكون من باب ضرب القاعدة ثم يستثنى ويخصص او التخصيص بالعموم له معنى آخر.
الاتيان ليس من باب ضرب القاعدة:
نقول: لكن كلام الشيخ غير تام، لان العام لا يأتي للعمل به كقاعدة يرجع اليها في ظرف الشك، لان الشك غير منظور عند جعل العام، وإلا لكان الموضوع في كل العمومات هو المعلوم والمشكوك، بل قضية العام هي بيان حكمه بما يحمل من ملاك ومصلحة، فالقضية التي يكون موضوعها العام هي مجرد بيان حكم العام، وليس ناظرة إلى حالة الشك [2] ، ففي الآية القرآنية الكريمة: ﴿ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [3] معناها: ان العقد بعنوان انه عقد فيه ملاك يقتضي وجوب الوفاء به، فهو يدل على وجوب الوفاء بالعقد لوجود ملاك ذلك فيه: ومعناه انه ليس ناظرا إلى ظرف الشك اصلا، وان كان يستفاد منه في ظرف الشك، وذلك بثبوت الحكم لكل ما ينطبق عليه مدخول العام، فنطبقه على المشكوك، لكن هذا شيء وبيان حكم الموضوع أي العام شيء آخر.
واما التخصيص فهو يأتي لوجود ملاك مزاحم في الفرد المخصص، يزاحم الملاك الموجود في العام، ويكون أهم منه فيؤدي إلى خروجه عن الحكم.
وببيان آخر:
ان العام له حالتان: احدهما ان يكون ظرف الشك ملحوظا فيه، كالاستصحاب. وهذا يكون مأخوذا على نحو ضرب القاعدة والاصل.
والاخرى: ان لا يكون كذلك بل الملحوظ فيه العنوان كعنوان، مثل: " اوفوا بالعقود " " وكل خمر حرام ". وكلام المستدل لعدم الاجمال في هذا الوجه يتم إذا كان العام على النحو الاول لا على النحو الثاني.
وعلى أية حال، فهذا كله بناء على ان العام مجاز في الباقي بعد التخصيص، وهو غير تام كما سنرى، لان الاستعمال فيه حقيقي وليس مجازيا. غدا نكمل كلام الشيخ الانصاري في تخريجه.