< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاستثناء والحصر.

-بيان الاشكال في دلالة كلمة التوحيد المباركة(لا إله إلا الله).

-حلّ الاشكال بان خبر " لا " هو موجود ممكن، وعلى نحو وحدة المراد لا على نحو الاستقلاب، كما في قولنا: الرمان حلو حامض، أي الرمان مزّ، حيث يكزن كل منهما خبرا لا على نحو الاستقلال.

-دلالة كلمة " انما " على الحصر.

-ذهاب الفخر الرازي إلى عدم الدلالة بقوله تعالى" اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو"

-ردّ استدلال الفخر الرازي.

نعود لكلمة التوحيد والذي أراه ان الخبر المقدّر في كلمة التوحيد ( لاإله إلا الله ) هو الدالّ على صفة خاصة بالربوبية حتى لو عبّرنا عنه بالمركب مثل تقدير " لا إله موجود ممكن إلا الله " بحيث يكون الخبر مركبا من جزأين " موجود ممكن " ، ولا يكون احدهما خبرا مستقلا. وشبيهه ما درسنا في النحو من قولهم :" الرمان حلو حامض، أي مزّ فان الخبر في الحقيقة ما كان مجموعهما، لا ان كلا منهما مستقل بالخبرية. نحن في مقام التعبير لا نستطيع ان نعبّر، عدم القدرة على التعبير لا يعني عدم وجوده وكما ذكرنا في معنى العبادة قلنا ان العبادة ليس بمعنى قربة إلى الله تعالى ولا بمعنى داعي الامر، العبادة لها معنى لا استطيع التعبير عنه. وكذلك في كلمة " الوجود " تعريف الوجود: الوجود هو " الكينونة " أو " الوجود في الاعيان "، عرفوا الوجود بالاخفى. هناك اشياء لا استطيع التعبير عنها أو تعريفها وهذا لا يعني انها غير موجودة. والامثلة كثيرة، احيانا الالفاظ تقصر، مع العلم ان اكثر لغة في العالم متطورة هي اللغة العربية.

كلمة " إنما ": ولا شك في دلالتها على الحصر والقصر، والدليل على ذلك التبادر مؤيدا بتصريح أهل اللغة لان قول اللغوي ليس بحجة ولو قلنا بحجيته لقلنا ان تصريح أهل اللغة دليل آخر. سواء كان قصر الموصوف على الصفة كقولنا: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ﴾ [1] أو قصر الصفة على الموصوف كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ.﴾ [2]

ثم إن الفخر الرازي انكر دلالة كلمة " انما " على الحصر، واستدل على ذلك بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ﴾ [3] أي قصر الحياة الدنيا على هذا المثال ولا شك ان الحياة الدنيا له امثال أخرى، ولذلك ليس هناك حصر، فلا تدل كلمة إنما على الحصر.

وكما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ.﴾ استدل الشيعة على ولاية علي بن ابي طالب حصرا له بعد رسول الله (ص). ويقول الفخر الرازي بان الولاية ليست محصورة بـ " الذين آمنوا " بدليل ان " انما " لا تدل على الحصر.

والجواب على استدلال الفخر بالآية: " انما مثل الحياة الدنيا كماء ... في مقام الدلالة: قد بيّنا ان قصر الموصوف على الصفة غالبا ما يأتي ادعاء ومبالغة، وكأنه تعالى يقول: " أنا أمثل لكم بمثال قريب جدا لكم تعيشونه وتفهمونه، ولا داعي للأمثلة الاخرى لانها اصعب على افهامكم، فهو لم ينظر إلى الامثلة الأخرى، فكأنها كالعدم.

ونعود إلى الجواب المفصّل على الاستدلال بالآية:

وقد استدل أيضا بقوله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ ولا شك في أن اللعب واللهو قد يحصلان في غيرهما.

وفيه :

أولا: يوجد خلل في التعبير فان هذا من باب قصر الموصوف على الصفة، أي ان الحياة الدنيا مقصورة على اللعب واللهو، ولا يعني الحصر هنا عدم حصولهما في غيرها، كما لو قلت: " إنما زيد فقيه " فالحصر هنا لا يعني ان الفقيه محصور بزيد، ولعله في مقام التعبير خلل في قلمه.

ثانيا: إن هذا منقوض بقوله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ [4] وقوله تعالى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾ [5] حيث لا شك ولا شبهة في دلالة النفي بما والاستثناء بعده إلا على الحصر والقصر.

وثالثا: أن المراد من كلمة " الدنيا " تارة ما يقابل الآخرة، ويكون اعرابها بدلا من الحياة. وتارة بمعنى الدانية الواطئة، وهي أحد قسمي الدنيا المقابلة للآخرة. فان اعراب " الدنيا " حينئذ هو نعت للحياة.

بيانه: إن الدنيا التي نعيش فيها نوعان: دنيا عالية راقية وهي دنيا الانبياء والاولياء وهؤلاء قلّة قليلة من الناس. ودنيا واطئة دنيّة وهم أكثر الناس، همهم نزواتهم وشهواتهم فهي لعب ولهو وزينة وتفاخر فيما بينهم وتكاثر في الاموال والاولاد.

فيكون المعنى المراد هو الأخير، وهو من باب قصر الموصوف على الصفة، وهو قصر ادعائي للمبالغة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo