< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مفهوم الغاية.

     الاقوال في دخول الغاية في المغيا وعدمه.

     المختار عدم الدخول إلا مع القرينة.

     التطبيق على آية:" فاغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق" الظاهر من الآية عدم دخول المرافق في المغسول، ولكن وردت روايات ظاهرها دخول المرفق ووجوب غسله.

     ذكر الروايات الظاهرة في غسل المرفق.

في مفهوم الغاية خصوصية تختلف عن بقية المفاهيم وهي: أن الغاية تدخل في المغيّا أو لا؟ هذه ليست موجودة في مفهوم الشرط ولا في مفهوم اللقب ولا الاستثناء ولا غيرها. ونحن قلنا ان الغاية لا تدخل في المغيّا، لأن الغاية حد، إلا إذا كان هناك قرينة وذكرنا مثلا: " كل السمكة حتى رأسها "، كلامنا إذا لم يكن هناك قرينة. وكذلك لما ذهبنا إلى ان الغاية لا تدخل في المغيّا في قوله تعالى: ﴿ اغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق ﴾ [1] يعني أن المرفق لا يجب غسله بحسب ظهور الآية، وهكذا كل ما فيه " إلى " أو " حتى " بل كل الادوات، الغاية لا تدخل في المغيا، إذن ظهورها عدم الدخول، فالمرفق لا يدخل في المغسول لولا الادلة الخاصة على الدخول. الظهور [2] عبارة عن احتمال الطرف الآخر لكن هذا الاحتمال الآخر ملغى عقلائيا، عندما اقول: " اكرم العلماء " يعني كل العلماء مع احتمال خروج بعضهم. هنا عندما نقول ان الغاية لا تدخل في المغيا بظهورها، لكن يمكن ان يكون هناك ادلة على دخولها في المعيّا، قرائن لفظية أو عقلية أو حالية أو شرعية.

وما ذكره الحر العاملي (ره) ان " اغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق "، " إلى " تأتي بمعنى " من " لا داعي لهذا التكلف وان وردت هناك قراءة " من المرافق "، كما قيل والتأويل خلاف الظهور " إلى " يعني غاية وليس " من ". الآية في مقام بيان حد المغسول لا ترتيب المغسول والاتجاه، " إلى " قد تكون بيان حد، كما لو قلت لك: " ادرس الكتاب من صفحة كذا إلى صفحة كذا " فهذا يعني بيان المقدار لا بيان اتجاه الدراسة. والدليل في الآية أو القرينة الآية تقول: " اغسلوا وجوهكم " لم يحدد الاتجاه من الاعلى إلى الاسفل ولا من الاسفل إلى الاعلى، كانت بيان لحد الوجه، اي المغسول ما هو، و " امسحوا برؤوسكم " " الباء " يعني بعض رؤوسكم، يعني مكان المسح، ولذلك قلنا ان المسح والغسل لو ترك من دون روايات خاصة لجاز الغسل والمسح منكوسا، ولذلك ذهب بعضهم إلى جواز غسل الوجه منكوسا وجواز المسح ايضا منكوسا لأن الآية لا تدل على الاتجاه والترتيب بل تدل على الحدود.

اما الرويات الظاهرة في دخول المرفق في المغسول منها: ح 11 من ب 5 من رواية صحيحة: فغسل يده اليمنى من المرفق إلى الاصابع ... " فكلمة " من " يعني ابتداء الغسل، والمبتدأ به يكون داخلا في المغيّا.

ح2 من نفس المصدر في رواية صحيحة: وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقلنا: بلى، فدعا بقعب فيه شيء من ماء فوضعه بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمنى ثم قال: هكذا إذا كانت الكف طاهرة، ثم غرف ملأها ماء فوضعها على جبهته ثم قال: بسم الله. وسدله على أطراف لحيته، ثم أمرَّ يده على وجهه وظاهر جبهته مرة واحدة، ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها ثم وضعه على مرفقه اليمنى فأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ثم غرف بيمينه ملأها فوضعه على مرفقه اليسرى فأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه، ومسح مقدم رأسه، وظهر قدميه ببلة يساره، وبقية بلة يمناه ....[3]

من حيث السند الرواية صحيحة وفيها طريقان.

وكيفية الدلالة هي انه لو لم يجب غسل المرفق لما وضع الماء عليه، وهذا ظاهر في كون المرفق جزءا من المغسول. ونقول لولا هذه الروايات لقلنا ان المرفق خارج عن المغسول، ومع هذه الروايات نذهب إلى ان المرفق يجب غسله.

الاقوال في مسألة دخول الغاية في المغيّا مع عدم القرينة، وجوه بل اقوال:

احدها: عدم دخول الغاية في المغيا مطلقا، وهو المختار، والدليل عليه هو ان الغاية حد والحد يخرج عن المحدود.

ثانيها: دخوله في المغيّا مطلقا.

ثالثها: التفصيل بين ما كانت الغاية من جنس المغيّا فتكون الغاية داخلة فيه، وبين ما كانت الغاية من غير جنس المغيّا فلا تدخل فيه. لا نقول بذلك ولا نذهب اليه ولا نراه.

رابعها: التفصيل بين كون الغاية مدخولة بكلمة " حتى " فتدخل وبين كونها مدخولة بكلمة " إلى " فلا تدخل.

اما الوجه في صحة الاول فقد بيّناه، حيث إن معنى الغاية هو التحديد والحد لا يدخل في المحدود.

واما الوجه في بطلان الاقوال الاخرى، فاننا لا نرى فرقا بين قولنا: " سرت من النجف إلى الكوفة " " سرت من النجف حتى الكوفة "، فلو وصلت إلى اوّل الكوفة لكان التعبيران تامين. كذلك القول الثالث، فان كون الغاية من جنس المغيّا لا يكون قرينة عامة على الدخول، والمثال الذي ضربوه وهو قولهم: " مات الناس حتى الانبياء " فالقرينة هو الضمة الموجودة في آخر الانبياء، وكون حتى عاطفة، ومعنى العطف هو التشريك في الحكم وإننا نعلم من خارج موت الانبياء ايضا وإلا فما الفرق بين قولنا " مات الناس حتى الانبياء " وبين قولنا: " مات الناس حتى الحيوانات " حيث إن الدلالة على موت الحيوانات ليس بحتى بل لقرينة خارجية وهي علمنا بموت الحيوانات، ولقرينة لفظية وهي الضمة على آخر الحيوانات.

الكلام في مفهوم الغاية، هل للغاية مفهوم أو لا؟

 


[2] الفرق بين الظاهر والنص: الظاهر يمكن الاستثناء منه، واخذ بعض افراده على معنى حقيقي أما النص فلا، مثلا: العلماء ثلاثة زيد وبكر وعمرو، تارة اقول: اكرم العلماء إلا زيدا، هذا لا اشكال فيه لان الظاهر هو عموم العلماء الثلاثة. تارة اقول: " اكرم زيدا وبكرا وعمروا إلا زيدا. هذا تناقض. فالنص لا يمكن الاستثناء منه اما الظاهر فيمكن الاستثناء منه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo