< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مفهوم الغاية.

     مما يتميّز به بحث مفهوم الغاية عن بقية المفاهيم هو دخول الغاية في حكم المغيّا؟

     الفرق بين معاني: أكلت السمكة حتى رأسها، بالضم، والفتح، والكسر.

     المختار هو عدم الغاية في حكم المغيّا من دون تفصيل إلا مع القرينة.

     الروايات الواردة في دخول المرفق في المغسول في آية الوضوءز

مفهوم الغاية كما في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾[1] .

والكلام تارة في دخول الغاية في حكم المغيّا، وتارة في مفهوم الغاية أي في انتفاء الحكم عند انتفاء الغاية، أي ما بعدها.

اما في المسألة الاولى وهي دخول الغاية: فهو تارة مع وجود قرينة، وتارة مع عدمها.

اما مع القرينة فلا كلام، إذ المحكم هو ما تدلّ عليه القرينة، ونعطي مثالا مشهورا في كتب النحو: " أكلت السمكة حتى رأسها " فانها يمكن ان تقال بثلاث حركات: " رأسُها، ورأسَها، ورأسِها " أي بالضمة والفتحة والكسرة.

فالجميع يشترك في كون الرأس هو الغاية.

لكن مع الضم " رأسُها يكون التقدير: " حتى رأسُها مأكول" فيكون الرأس داخلا في حكم المغيّا، وتكون حتى هنا ابتدائية أي يكون " راسُها " مبتدأ و " مأكول " خبر محذوف مقدّر، وهنا الغاية تدخل في حكم المغيّا. ومع الفتح تكون حتى عاطفة وحرف العطف يفيد التشريك في الحكم، ويكون " رأسَها " معطوف على السمكة، أي يكون الرأس مأكولا ايضا. ومع الكسر: تكون حتى حرف جرّ، ويكون الرأس غاية للأكل.

وحينئذ: ففي الحالتين الاولى والثانية يكون الفتح والضم قرينة لفظية على دخول الغاية في المغيا. [2]

اما في الحالة الثالثة فلا توجد قرينة على الدخول وعدمه، فنرجع لظهور الجملة الغائية، والظاهر عدم دخول الغاية في حكم المغيا، سواء كان التعبير بـ " حتى " أو بـ " إلى " أو بغيرهما وهذا التفريق لا نسلّم به، ولعلّ سبب الظهور هو ان الغاية هي لبيان الحدّ، ولا يدخل الحد في المحدود.

تطبيق: قوله تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [3] فان الظاهر خروج المرافق عن وجوب غسل اليد لانها هي الغاية، ولكن قد ورد نصّ ظاهره وجوب غسل المرفق، فيكون قرينة على ذلك.

ففي الوسائل: محمد بن يعقوب عن محمد بن الحسن (ابن الوليد) وغيره عن سهل بن زياد عن علي بن الحكم عن الهيثم بن عروة التميمي قال: سألت ابا عبد الله (ع) عن قوله تعالى: " فاغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق ؟ " فقلت: هكذا، ومسحت من ظهر كفي إلى المرافق، فقال: ليس هكذا تنزيلها، إنما " فاغسلوا وجوهكم وايديكم " (من ) إلى المرافق، ثم أمرّ يده من مرفقه إلى اصابعه. [4]

من حيث السند: ففيه سهل بن زياد، الذي اختلف في توثيقه، وهو ممن استثنى رواياتهم محمد بن الحسن بن الوليد من كتاب نوادر الحكمة لمحمد بن احمد بن يحيى.

ومن حيث الدلالة: فابتداء الغسل من المرفق وظاهر الابتداء الدخول في الغسل.

نذكر كلام الحر العاملي: " ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب. أي ان هناك شهرة روائية.

أقول: حمله الشيخ على أن هذا قراءه جايزة في الآية، ويحتمل أن يكون المراد بالتنزيل التفسير والحمل والتأويل فحاصله أن ( إلى ) في الآية بمعنى ( من )

هناك لا ادري مدى صحة هذا الكلام " إلى " لا تأتي بمعنى " من " إلا مجازا، أو تضمينا من دون إلغاء المعنى الاول، ويحتاج إلى ظهور في ذلك للحمل عليه.

كما يقال: نزل الشيخ الحديث على كذا، ويمكن تنزيله على كذا، ثم إن أحاديث كيفية الوضوء وغيرها مما مضى ويأتي تدل على المطلوب و ( إلى ) في الآية إما بمعنى ( من ) أو بمعنى ( مع ) كما قاله الشيخ، وأورد له شواهد، أو لبيان غاية المغسول لا الغسل لأنه أقرب إليه،[5]

هذا هو الصحيح، مثلا: " اقول لك ادرس الكتاب من الصفحة كذا إلى الصفحة كذا "، " إلى " لبيان الغاية، لكن تارة تأتي لبيان المحدود، وتارة لبيان الاتجاه وهذا لا ظهور فيه. ولذلك " اغسلوا ايديكم إلى المرافق " ليس فيها أي دلالة على الاتجاه، بل هي لبيان الحد المحدود، وهذا هو معنى " إلى " ولا حاجة إلى التأول بمعنى " من ". الآية ظاهرة في بيان المحدود، ولذلك " اغسلوا وجوهكم " لم يبين الاتجاه لذلك اجاز الكثير من الفقهاء المسح نكسا وغسل الوجه نكسا إلا بناء على الانصراف، لم يبين ترتيب غسل الوجه من الاعلى إلى الاسفل، بيَّن حد المغسول أي الوجه واليدين، والممسوح فقط، ولم يبيّن الترتيب والاتجاه.


[2] هناك بين الفتحة والضمة معنى بلاغي، متى اقول: " حتى رأسُها " أو " حتى رأسَها "، إذا كانت بالضمة " راسُها " مبتدأ هنا اكون قد اتيت بجملة كاملة، مبتدأ وخبر، وهذه الجملة فيها معنى التوكيد بعكس إذا كانت مفرد كما في " مات الناس حتى الانبياء " " الانبياء " مفرد معطوف على الناس، ولذلك يختلف الامر بين الضمة والفتحة من جهة بعض المعنى البلاغية الزائدة على أصل المعنى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo