< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/02/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفاهيم، مفهوم الشرط:

    1. التالي المنتفي في الجملة الشرطية هو سنخ الحكم لاشخصه.

    2. تفصيل الشيخ الانصاري (ره) بين أن يكون الحكم في التالي مستفادا من المادة فالشرطية لها مفهوم وبين ان يكون الحكم مستفادا من الهيأة فالشرطية ليس لها مفهوم لان مفهوم الهيأة جزئي والجزئي لا يقيّد بخلاف المادة.

توضيح:

نكمل الكلام في مفهوم الشرط وقلنا ان مفهوم الشرط يتوقف على ظهور الجملة الشرطية في الانحصار والاستقلال والتوقف باي نحو من انحاء التوقف. هذه الامور الثلاثة ان تمّت تم للجملة ظهور في المفهوم.

بقي شيء حدث فيه كلام وهو ان الجملة الشرطية تدل على الانتفاء عند الانتفاء وهو انتفاء التالي عند انتفاء المقدم، هذا التالي ما هو؟ مثلا: " ان جاء زيد فأكرمه "، أكرم فيها امران: الاول: وهو شخص الحكم – هذا الوجوب – والثاني سنخ الحكم - أي كلي الوجوب -، تماما مثل زيد هناك طبيعي الانسان موجود في زيد وهناك ايضا شخص زيد، تماما عندما اقول " افعل " صل " هنا يوجد امران: كلي الحكم وشخص الحكم. ايهما المنتفي عند انتفاء الشرط السنخ أو الشخص. قد يقال ان هذه المسألة من باب الترف الفكري، لكن هناك ثمرة سنبينها.

اذن المنتفي عند انتفاء الشرط ما هو؟ هل انتفاء شخص الحكم أو سنخ الحكم.

قد يقال: ان شخص الحكم ينتفي قطعا لانه مرتبط بالشرط، فإذا انتفى السبب انتفى المسبب، فما معنى الكلام في مفهوم الشرط؟

تذكير: ان الموضوع في مسألة المفاهيم هو ما كان يمكن للتالي البقاء مع انتفاء المقدم. وعليه:

الذين قالوا بعدم المفهوم يعني انه إذا انتفى الشرط لا ينتفي التالي فلا ينتفي الوجوب، قالوا انه في السنخ، والسنخ غير موجود هنا خصوصا بناء على القول بان الكلي غير موجود في الخارج، وهو الصحيح في الخارج هناك افراد فقط، ودرسنا في المنطق مسألة: ان الكلي هل هو موجود بوجود افراده أو بمعنى وجود افراده. بعبارة أخرى: هل وجوده في الخارج حقيقي أم انتزاعي.

اما إذا لم يكن للكلي سوى فرد واحد فانتفاؤه عن انتفائه ثابت معلوم، إذن انتفاء الشخص ثابت بلا شك، انتفاء شخص الحكم الموجود في التالي عند انتفاء المقدم قطعا ينتفي، فلا يكون حينئذ من باب دلالة المفهوم لعدم احتمال بقائه عقلا.

من هنا يقول صاحب الكفاية (ره): " إن المفهوم هو انتفاء سنخ الحكم المعلّق على الشرط عند انتفائه، لا انتفاء شخصه، ضرورة انتفائه عقلا بانتفاء موضوعه ولو ببعض قيوده، فلا يتمشى الكلام - في أن للقضية الشرطية مفهوما أو ليس لها مفهوم - إلا في مقام كان هناك ثبوت سنخ الحكم في الجزاء، وانتفاؤه عند انتفاء الشرط ممكنا، وإنما وقع النزاع في أن النزاع في أن لها دلالة على الانتفاء عند الانتفاء، أو لا يكون لها دلالة. ومن هنا انقدح أنه ليس من المفهوم دلالة القضية على الانتفاء عند الانتفاء في الوصايا والأوقاف والنذور والايمان، كما توهم،

فلو قال: وقفت على اولادي إن كانوا فقراء – بناء على صحة الوقف – أو وقفت على أولادي الفقراء – على الوصف -، أو بلقب كقوله على اولادي، وكذا الوصية والنذر واليمين والعهد، فان انتفاء الوقف والنذر وغير ذلك ثابت وإن لم نقل بمفهوم الوصف أو الشرط أو اللقب أو غير ذلك وسنكتفي في هذا التوضيح بما ذكرنا من دون الخوض في بعض ما ورد من إشكالات على ذلك، إذ المسألة واضحة.

نكمل كلام صاحب الكفاية: بل عن الشهيد في تمهيد القواعد، أنه لا إشكال في دلالتها على المفهوم، وذلك لان انتفاءها عن غير ما هو المتعلق لها، من الاشخاص التي تكون بألقابها أو بوصف شيء أو بشرطه، مأخوذة في العقد أو مثل العهد ليس بدلالة الشرط أو الوصف أو اللقب عليه، بل لاجل أنه إذا صار شيء وقفا على أحد أو أوصى به أو نذر له، إلى غير ذلك، لا يقبل أن يصير وقفا على غيره أو وصية أو نذرا له، وانتفاء شخص الوقف أو النذر أو الوصية عن غير مورد المتعلق، قد عرفت أنه عقلي مطلقا ولو قيل بعدم المفهوم في مورد صالح له ". انتهى [1]

نعم لا بأس بالاجابة على تفصيل الشيخ الاعظم الانصاري (ره) حيث فصّل كما في المحاضرات بين ما كان الحكم في الجزاء مستفادا من المادة كقوله (ع): " إذا زالت الشمس وجبت الصلاة والطهور"، وما كان مستفادا من الهيأة كقولنا: إن جاءك زيد فاكرمه، أو " إذا زالت الشمس فصل " حيث إنه (قده) التزم بدلالة القضية الشرطية على المفهوم في الاول – المادة - دون الثاني – الهيئة - بملاك ان الحكم في الاول كلي - والكلي له افراد شخص هذا الفرد انتفى بانتفاء المقدم فالتالي يمكن ان يكون ثابتا في أفراد أخرى فيدل على المفهوم -. وفي الثاني – أي الهيئة – جزئي - وهي فرد واحد فإذا انتفى القيد انتفى المقيّد، فينتفي الجزئي لمجرد انتفاء القيد -.

والجواب يتضح مما ذكرناه سابقا في التفريق بين العموم والاطلاق، كلاهما شمول. بعض علماء الأصول ميّزوا بين العام والمطلق في كيفية الدلالة على الشمول، قالوا: ان العام ما كان دالا على الشمول بالوضع كأكرم كل عالم. بينما المطلق دلّ على الشمول بمقدمات الحكمة وليس بالوضع. طبعا العام والمطلق ليسا عنوانين موجودين في نص شرعي، نحن لدينا تعريف آخر وله ثمرة كبيرة، نقول: ان العام ما كان الشمول فيه بلحاظ الافراد سواء كان بالوضع او بالاطلاق. والمطلق ما كان بلحاظ الهيئات والحالات والازمان سواء كان بالوضع او بالاطلاق. فيكون الزمن وكذا الحالة امرين كليين والشرط والوصف يقيدهما، وعليه تمكن الدلالة على انتفاء كلي الحالة والزمن عند انتفاء الشرط، مع امكان بقائه.

ولذلك نقول بدلالة الجملة الشرطية على المفهوم، ودلالتها على انتفاء سنخ الحكم عند انتفاء الشرط.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo