< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النهي عن العبادة او المعاملة هل يقتضي فسادها؟

     انحاء تعلق النهي بالعبادة: بنفسها، أو بجزئها، أو بشرطها، أو بالوصف الملازم لها، أو الوصف المفارق، كلام صاحب الكفاية.

     ايهما يدخل في محل النزاع؟

النقطة الاخيرة التي يجب بيانها قبل بيان المختار وهي ان تعلق النهي في العبادات يكون على انحاء، تارة يتعلق بنفس العبادة بما هي، وتارة يتعلق بجزئها، وتارة يتعلق بشرطها، وتارة يتعلق بوصف لها مثلا: ان اقرأ سورة العزائم، هذا المحرم ليس في اصل العبادة دخل ضمن العبادة، وذكرت مثلا انني اكره اللون الاسود واهديتني لباسا اسود، مفهوم الهدية شيء ومفهوم السواد شيء آخر فهل هذا يؤدي إلى فسادها او لا؟

لهذا قسم صاحب الكفاية المنهي عنه على انحاء:

قسم صاحب الكفاية (ره) متعلقات النهي على اقسام حيث قال: الثامن: ان متعلق النهي إما ان يكون نفس العبادة، او جزءها، او شرطها الخارج عنها [1] ، او وصفها الملازم لها كالجهر والاخفات في القراءة [2] ، او وصفها غير الملازم كالغصبية لا كون الصلاة المنفكة عنها. [3]

لا ريب في دخول القسم الاول في محل النزاع وكذا القسم الثاني بلحاظ ان جزء العبادة عبادة إلا ان بطلان الجزء لا يوجب بطلانها إلا مع الاقتصار عليه لا مع الاتيان بغيره مما لا نهي عنه إلا ان يستلزم محذورا آخر [4] (من قبيل زيادة جزء عمدا او عدم الموالاة). واما القسم الثالث فلا يكون حرمة الشرط والنهي عنه موجبا لفساد العبادة إلا فيما كان عبادة كي يكون حرمته موجبا لفساده المستلزم لفساد المشروط به، وبالجملة لا يكاد يكون النهي عن الشرط موجبا لفساد العبادة المشروطة به لو لم يكن موجبا لفساده كما إذا كانت عبادة. (وبالتالي لا يكون داخلا في محل النزاع).

واما القسم الرابع فالنهي عن الوصف اللازم مساوق للنهي عن موصوفه، فيكون النهي عن الجهر في القراءة مثلا مساوقا للنهي عنها [5] ، لاستحالة كون القراءة التي يجهر بها مأمورا بها مع كون الجهر بها منهيا عنه فعلا كما لا يخفى. (وبالتالي يدخل الرابع في محل النزاع).

وهذا بخلاف ما إذا كان مفارقا [6] كما في القسم الخامس، فان النهي عنه لا يسري إلى الموصوف إلا فيما إذا اتحد معه وجودا بناء على امتناع الاجتماع (فيدخل في محل النزاع).

واما بناء على الجواز فلا يسري اليه كما عرفت في المسالة السابقة. (فلا يدخل في محل النزاع). هذا حال النهي المتعلق بالجزء او الشرط او الوصف. [7]

ونقول: ان النزاع في دلالة النهي على الفساد في جوهره هو في كون المبغوضية تؤدي إلى الفساد، سواء باقتضاء العقل أم بالدلالة العرفية. هذا جوهر النزاع، والمبغوضية هل تسري لاصل العبادة عند تلبسها بالجزء او الشرط أو الوصف أو لا؟

وهل المبغوضية التي يدور مدارها الفساد هي المبغوضية الذاتية فقط؟ ام تشمل المبغوضية الثابتة بواسطة في الثبوت؟ والمبغوضية الثابتة بواسطة في العروض؟

هل يشمل النزاع المبغوضية بالتبع؟ مثلا: الهدية جميلة لكن لوجود اللون الاسود وهو مفارق للهدية، هل صارت الهدية مبغوضة او لا؟ ولذلك نقول: المبغوضية تشمل الذاتي والتبعي وغيره، قد ابغض شيئا تبعا لشيء آخر، وقد أحب تبعا لشيء آخر يقول الشاعر: " وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديار " أي سرت المحبة إلى الديار.

سنبين ان المبغوضية الثابتة بواسطة في الثبوت بذاتها او بواسطة في الثبوت داخلة في محل النزاع، اما المبغوضية الثابتة الواسطة في العروض لا تدخل في محل النزاع.


[1] كالصلاة المشروطة بالوضوء، فإذا كان الوضوء محرما يؤذي انسانا، او بماء مغصوب، أي إذا كان الوضوء نفسه محرما فشرط الصلاة حرام. نحن عندنا مقدمة الحرام حرام او لا؟ الكلام في المقدمة وذي المقدمة، فإذا كانت المقدمة حرام هل يسري ذلك إلى ذي المقدمة؟. ومثلا: هناك علّة ومعلول، المعلول إذا كان واجبا فهل تكون علّته واجبة. وإذا كان ذو المقدمة حراما كانت المقدمة حراما؟ هنا المسألة معكوسة وهي: إذا كانت المقدمة حراما فهل تسري الحرمة إلى ذي المقدمة؟ هذه المسألة غير مبحوثة في مسائل علم الاصول، فاذا كان الشرط حراما فهل يؤدي إلى حرمة المشروط؟.
[2] هل مبغوضية الوصف الملازم تسري إلى مبغوضية اصل العبادة او لا؟ ومن قبيل انني اكره اللون الاسود واهديتني لباسا اسود، مفهوم الهدية شيء ومفهوم السواد شيء آخر، وصف لكن تارة هذا الوصف ملازم وتارة مفارق. هل مبغوضية الوصف تسري إلى الموصوف بحيث يصبح الموصوف مبغوضا؟ كيف يمكن التقرب بالمبعد؟.
[3] مثلا الصلاة في الارض المغصوبة، الصلاة مفهومها كليا يختلف عن الغصب.
[4] يريد ان يقول: اذا الجزء مثل قراءة العزائم لا يجوز، انا قرأت الحمد ثم قرأت العزائم. هذا لا يجوز، إذا اقتصرت على ذلك بطلت الصلاة، لانه إذا انتفى الجزء انتفى الكل، لكن بعد العزائم قرأت سورة التوحيد التي هي جائزة اكون قد اتيت بالعبادة كاملة كل ما في الامر اكون قد اتيت بجزء محرم في اثنائها، هذا الفعل المحرّم لا يؤدي إلى بطلان الصلاة إلا بحالة ان يكون بعنوان آخر كعنوان الزيادة العمدية إذا اشترطت وحدة السورة بعد الحمد إي بشرط لا، او بدعة بناء على ان البدعة تبطل الكل. إذا استلزم عنوان اخر مبطلا فلا مشكلة، اما إذا لم يستلزم عنوان آخر فلا دليل على الفساد.
[5] إذا قلت لك اقرأ الصلاة بغير جهر، كأنه يسري النهي لاصل العبادة، عندما يسري الامر إلى العبادة لا يمكن التقرب بالمبعد. اذا سرت المبغوضية من الجزء او الشرط أو الوصف الملازم او غير الملازم إلى اصل العبادة دخل في محل النزاع، وإذا لم يسر لا يدخل.
[6] الوصف المفارق، الصلاة في الارض المغصوبة كما في القسم الخامس. هذه مسألة جواز اجتماع الامر والنهي في واحد. الحركات الصلاتية بنفسها لا علاقة لها بالغصب، ونحن قلنا اولا بالجواز، وقلنا ان الصلاة في الارض المغصوبة صحيحة من الناحية الاصولية، لكن بناء على الامتناع وترجيح جانب النهي اصبحت الصلاة منهيا عنها، فصار الصلاة بنفسها منهيا عنها فدخلت في محل النزاع. فإذن لا يكون يشمله النزاع عند تعدد العنوان إلا بناء على الامتناع وبناء على ترجيح جانب النهي. بالنتيجة: في القسم الخامس الصلاة في الارض المغصوبة أي في الوصف المفارق لا يكون داخلا في محل النزاع إلا إذا قلنا بامتناع اجتماع الامر والنهي وقلنا ايضا بترجيح جانب النهي، أي صارت الصلاة منهيا عنها، فإذا صارت الصلاة منهيا عنها يأتي السؤال هل يمكن التقرب بالصلاة المبغوضة؟ هل يمكن التقرب بالمبعد؟ فإذن لا يدخل القسم الخامس في محل النزاع إلا في هذه الحالة وهي على القول بالامتناع وترجيح جانب النهي. اما على القول بالجواز فلا يدخل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo