< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.

اجتماع الامر والنهي:

نهاية الكلام في اجتماع الامر والنهي تعريج على ما ذكر من ادلة ترجيح جانب النهي على جانب الحرمة، قالوا الاستقراء، أي تتبع موارد دوران الامر بين الوجوب والحرمة فيجدون ان الحرمة اغلب، أي تغليب جانب الحرمة شرعا. واعطوا له مثالين:

الاول: الصلاة ايام الاستظهار تحرم، والمثال الثاني: عدم جواز الوضوء من اناءين مشتبهين.

وفيه:

اولا: انه لا دليل على اعتبار الاستقراء ما لم يفد القطع. [1]

ثانيا: لو سلّم، فالاستقراء لا يثبت بهذا المقدار.

ثالثا: ان المثالين المذكورين لا علاقة لهما بالمقام، وليسا من باب تغليب جانب الحرمة على جانب الوجوب، إذ حرمة الصلاة ايام الاستظهار لقاعدة الامكان (أي ما امكن ان يكون حيضا فهو حيص) هذه القاعدة متصيدة من عدّة روايات، لذلك حرمة الصلاة لا لتغليب جانب الحرمة على جانب الوجوب، فتكون ايضا من باب التخصيص او التقييد، لا من باب التغليب.

واما عدم جواز الوضوء من احد إناءين مشتبهين فليس من باب التغليب، أي تغليب الحرمة على الوجوب، بل من باب وجوب إحراز طهارة الماء وعدم تنجس البدن بالماء النجس.

ونقول: إذا قلنا بهذا المنوال فانه يوجد على المقلب الآخر بعض الاحكام التي يُغلَّب فيها جانب المصلحة، كالكذب لانقاذ مؤمن أو لاصلاح ذات البين او لانقاذ نفس أو لغير ذلك، فانه تغليب لهذه المصلحة على مفسدة الكذب، وغير ذلك كثير.

بالنتيجة: ما ذكروه من الامثلة ليس تغليبا لجانب الحرمة بل لاجل ادلة خاصة.

إلى هنا نكون قد انتهينا من اختصار ما مرّ، والآن نعود إلى ما وصلنا اليه من مباحث الاصول.

 

النهي عن العبادة او المعاملة هل يقتضي فسادها؟

النهي عن العبادة مثلا: النهي عن الصلاة في الارض المغصوبة، او النهي عن صوم عاشوراء، النهي عن صوم العيدين، الصلاة في الحمام.

والنهي عن العبادة يشمل النهي المتعلق بنفس العبادة بعنوانها، كالمثال الثاني والثالث والرابع، والنهي المتعلّق بعنوان آخر غير عنوان العبادة وقد اجتمع عنوان الصلاة وعنوان المنهي عنه في معنون واحد كالمتال الاول.

السؤال كان: اجتمعا في عنوانين او تعلق النهي عن العبادة بعنوانها.

الظاهر انه في بداية الامر كان البحث فقهيا: " ما هو حكم العبادة المنهي عنها؟ " فالسؤال كان في حكم المنهي عنه هل يقع صحيحا أو فاسدا؟ فكان البحث في مسألة فرعية، موضوعها كلي. من قبيل لو قلنا الخمر حرام أو لا؟ الفقاع نجس أو لا؟ إلى آخره. إذن بداية بدأ بحث المسألة ببحث حكم فقهي فرعي وهو الفساد وثبوته لموضوع كلي وهو العبادة المنهي عنها.

ومع البحث اضطر الفقهاء لبحث بعض القواعد للوصول إلى نتيجة، إذ ليس في المسألة نص خاص بفساد العبادة المنهي عنها، فبحث بعضهم في دلالة لفظ النهي على الفساد، فصارت المسألة عندهم من مباحث الالفاظ، وجعلوا النتيجة تقع كبرى للمسألة الفقهية، وبحث بعضهم في حكم العقل بالملازمة بين النهي والفساد، فصارت المسألة عندهم من الملازمات العقلية، وهكذا. ولذلك اختلفت عناوين المسألة:

منها: اقتضاء النهي للفساد، اي بحث عقلي (نهاية الاحكام للمحقق اغا ضياء العراقي).

ومنها: دلالة النهي على الفساد، اي اصبح البحث لفظيا (منهاج الوصول السيد الخميني، معالم الدين).

ومنها: النهي عن الشيء هل يقتضي فساده ام لا؟ اي بحث عقلي ( الكفاية (الآخوند) ).

ومنها: النهي عن الشيء هل يكشف عن فساده (منهاج الوصول للسيد الخميني (ره) )

ولما كان البحث الاساسي في هذه المسألة هو البحث عن القواعد العامة الواقعة كبرى في استنباط المسألة، سواء كانت لفظية ام عقلية، اصبحت المسألة اصولية، وصارت جزاءا اساسيا من الدراسات الاصولية وكتب علم الاصول.


[1] الاستقراء على قسمين: الاستقراء التام يعني تتبع جميع الافراد، وهذا يفيد القطع، حينئذ نستطيع منه ان نستنبط قاعدة كلية. وقسم استقراء ناقص، وهو معظم الاستقراءات، مثلا: " كل حديد يتمدد بالحرارة " انت لم تختبر جميع الحديد في الدنيا. الاستقراء انتقال من الفرد إلى الكلي، انتقال من المعلول إلى العلّة، من الجزئي إلى الكلي. اما القياس انتقال من الكلي إلى الجزئي، انتقال من العلّة إلى المعلول.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo