« قائمة الدروس
الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله
بحث الفقه

46/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

أحكام الأيمان.

الموضوع: أحكام الأيمان.

     المشترط في المتعلّق.

     هل تنعقد اليمين على ترك الراجح؟

     ذكر الروايات ومناقشة الاسانيد والدلالات.

     النتيجة: عدم انعقاد اليميم على ترك الراجح مطلقا، سواء اخاف على نفسه الوقوع في الحرام أم لا.

 

الامر الثاني المشترط في المتعلّق: ان يكون راجحا شرعا، كان يكون واجبا كصلاة الفريضة وصومها، او مندوبا كصلاة النافلة وصومها، أو ترك قبيح كزنى، وكالتعدي على الشوارع، ورمي النفايات فيها، وكازعاج الجيران وأذيتهم ونحوه، أو ترك مكروه كالتغوط تحت شجرة مثمرة. والروايات متعددة في ذلك ولها ثمرات.

منها: الوسائل: ح 17 - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام أنه قال في رجل حلف يمينا فيها معصية الله قال: ليس عليه شيء فليكلم الذي حلف على هجرانه. [1]

وهذا الحديث موجود في فقه الرضا (ع) وقد اختلف في ثبوته عن الرضا (ع).

وفي الحديث 2- الصدوق باسناده عن العلا عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام انه سئل عن امرأة جعلت مالها هديا وكل مملوك لها حرا ان كلمت أختها أبدا، قال: تكلمها وليس هذا بشيء " شيئا خ " إنما هذا وشبهه من خطوات الشيطان. [2]

من حيث السند: فالعلاء، إما علاء بن رزين (ثقة) وللصدوق إليه اربع طرق بعضها صحيح، أو العلاء بن سيابة ثقة لرواية ابن أبي عمير عنه، والطريق إليه من الصدوق موثق. فالرواية معتبرة.

ومن حيث الدلالة واضحة لا تحتاج للتوضيح فكل شيء غلط فهو من عمل الشيطان.

ومنها: علي بن احمد بن عبد الله بن احمد بن ابي عبد الله (غير مذكور) عن ابيه (غير مذكور) عن جده احمد بن ابي عبد الله البرقي (ثقة) عن ابيه محمد بن خالد البرقي (مقبول) عن العلاء بن رزين (ثقة وجه عن النجاشي والعلامة) عنه. الطريق ضعيف بعلي بن احمد وابيه.

ومن حيث الدلالة: فقوله (ع): "انما هذا وشبهه من خطوات الشيطان" ظاهر في كونه جاريا مجرى العلّة، فكل ما نعلم كونه من خطوات الشيطان، - والمعاصي كلها من خطوات الشيطان - كان سببا لعدم انعقاد اليمين.

الحديث 9- محمد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل جعل عليه ايمانا أن يمشى إلى الكعبة أو صدقة أو عتقا أو نذرا أو هديا إن هو كلم أباه أو أمه أو أخاه أو ذا رحم أو قطع قرابة أو مأثم يقيم عليه، أو أمر لا يصلح له فعله، فقال: كتاب الله قبل اليمين، ولا يمين في معصية. [3]

ولهذا الحديث في ذيل فقه الرضا (ع): الفروع 2 : 368 ، فقه الرضا : 57 فيه ذيل هكذا : إنما اليمين الواجبة التي ينبغي لصاحبها ان يفي بها ما جعل لله عليه في الشكر ان هو عافاه من أمر يخافه أورده من سفر أو رزقه رزقا فقال : لله على كذا وكذا شكرا فهذا الواجب على صاحبه ينبغي له ان يفي به. [4]

من حيث السند: فهو معتبر موثق.

ومن حيث الدلالة: فهنا نقطتان:

الاولى: ان الحديث صريح في بطلان اليمين في معصية، حيث قال: "ولا يمين في معصية".

الثانية: ان الحديث يشمل باطلاقه المحرم والمكروه، حيث قال (ع): "أو أمر لا يصلح له فعله"، وهذا يشمل المحرم والمكروه المرجوح، ولا يشمل الراجح.

والاحاديث كثيرة بهذا المضمون.

مسالة: هل تنعقد اليمين على ترك الراجح؟

كما لو حلفت امرأة أن لا تتزوج أبدا، أو بعد زوجها بعد وفاته.

الوسائل: ح 1- محمد بن الحسن باسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة حلفت لزوجها بالعتاق والهدي ان هو مات ان لا تتزوج بعده أبدا، ثم بدا لها أن تتزوج، فقال: تبيع مملوكها انى أخاف عليها الشيطان وليس عليها في الحق شيء فان شاءت ان تهدى هديا فعلت. [5]

من حيث السند: فاسناد الطوسي إلى الحسين بن سعيد له عدّة طرق بعضها معتبر.

ومن حيث الدلالة: اولا هي ظاهرة في عدم الانعقاد في ترك الراجح لان الزواج أمر راجح.

إن قلت: إن قوله (ع): "اني اخاف عليها الشيطان" يحصر عدم الانعقاد في خصوص خوف الوقوع في المعصية، فلا تدل على عدم الانعقاد بترك الراجح مطلقا.

قلت: اولا هذه الفقرة: "اني اخاف عليها الشيطان" ظاهرة في بيان علّة رجحان الزواج.

وثانيا: ورد في روايات اخرى عدم الانعقاد في ترك الراجح في غير الزواج، كما لو حلف على عدم الخروج مع زوجها ابدا، هذا في الحديث الثاني وفي الحديث الثالث.

الوسائل: ح 3 - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال: سألته عن امرأة تصدقت بمالها على المساكين ان خرجت مع زوجها ثم خرجت معه قال: ليس عليها شيء. [6]

وفي هذه الرواية دلالة اخرى على عدم وجوب كفارة لو حنثت قبل العلم بالحكم، أي بعدم وجوب الكفارة. أي مجرد ترك الراجح ليس عليها يمين.

 


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج16، باب11، ح17، ص133.
[2] المصدر السابق، ح2، ص130.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج16، ح9، ص131.
[4] هامش وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج16، ح9، ص132.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج16، باب45، ح1، ص177.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج16، باب45، ح3، ص177.
logo