< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/11/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الأيمان.

     مسألة هل يصح اليمين من الكافر؟

     الاقوال في المسألة.

     الثمرة: وجوب الكفارة عليه لو حنث، بقاء اليمين لو اسلم، في المحاكمات.

     ادلة صاحب الجواهر (ره) على صحة اليمين من الكافر:

اولا: اطلاقات اليمين وعموم الادلة.

ثانيا: عموم اليمين على من انكر، الاولوية الانعقاد في غير الفروج والدماء والاموال.

 

مسألة هل يصح اليمين من الكافر؟

وهل يجب أن يحلف بالله دون غيره؟

فلنستعرض الاراء أولا، مع أنني أفضل أن نأتي بالادلّة أولا ثم نأتي بالأقوال. [1]

قولان: الاول: الانعقاد والصحة وهو مذهب الشيخ الطوسي (ره) واتباعه وأكثر المتأخرين.

الثاني: عدم الانعقاد وهو قول الشيخ الطوسي (ره) في الخلاف.

الثالث: التفصيل بين الكافر العارف بالله وغيره، فينعقد من الاول دون الثاني، وهو المحكي عن العلامة وعن الشهيد الثاني في المسالك، وتبعه الفاضل في الرياض، وفي الرياض نسبته إلى التنقيح وإلى سيد المدارك، بل قال: وعليه كثير ممن تبعهم.

الثمرة: تظهر فائدة القول بالصحة في بقاء اليمين لو أسلم، سواء كان في اليمين المطلقة أي غير المقيّد بزمن أو في المؤقته أي المقيّد بزمن، وكان الاسلام قبل خروج الوقت.

وتظهر الثمرة أيضا في وجوب الكفارة عليه لو حنث، فبناء على صحة اليمين تثبت الكفارة عليه لو حنث، لولا الحديث الشريف: "الاسلام يجب ما قبله" الشامل للكفارات. فالحديث لا يشمل جبّ كل شيء عن الكافر لو اسلم مثلا يبقى عليه الحدّ والديّة لو قَتل، كما قد بذهب إليه بعض الفقهاء، له أثر في مسألتنا. بعبارة اخرى: فقه الحديث.

وقد روي ان امير المؤمني علي (ع) ادّعى على يهودي -ذمي- بان الدرع التي مع النصراني هي له، وكانت المحاكمة عند شرريح القاضي، وفيها كثير من العبر، والدروس الاخلاقية. [2]

وتظهر الثمرة أيضا في ما لو كان الكافر منكرا في المحاكمات.

يقول صاحب الجواهر (ره): (ويصح اليمين من الكافر) وإن كان كفره بجحود الخالق ( كما يصح من المسلم ) كما عن الشيخ وأتباعه وأكثر المتأخرين، لاطلاق الأدلة وعمومها كتابا وسنة اللذين لا ينافيهما كفره بعد أن كان مخاطبا بفروع الشريعة، ولعموم قوله صلى الله عليه وآله: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" ولازم ذلك توجه اليمين على الكافر وإن كان جاحدا، ولا قائل بالفصل (بين الملحد كليا والمشرك)، بل قد يدل انعقادها في مثل ذلك الذي قد يتعلق بالفروج والدماء والأموال على انعقادها في غيره بطريق أولى. [3]


[1] عندما تأتي بالأقوال قبل التحقيق فقد يؤثر ذلك في شعور المحقق بحيث قد يميل إلى اخذ الاقوال من دون الانتباه إلى ذلك، اما لو حقق في المسألة ونظر في الادلّة، ثم تعرض الاقوال وتتبعها كان رأيه اكثر تحصنا، ويستطيع الالتفات إلى ثغرات الآراء الأخرى من دون تأثير نفسي عليه من احد الاساطين.
[2] نص الرواية عن القاضي محمد بن خلف بن حيان الشهير بوكيع المتوفى سنة 306 في كتابه " أخبار القضاة " ( ج2 ص200 ط السعادة بمصر ) قال: حدثنا علي بن عبد الله بن معاوية بن ميسرة بن شريح بن الحارث القاضي قال: حدثني أبي، عن أبيه معاوية، عن ميسرة، عن شريح، قال: لما توجه علي عليه السلام إلى قتال معاوية افتقد درعا له، فلما رجع وجدها في يد يهودي يبيعها بسوق الكوفة، فقال: يا يهودي الدرع لم أهب ولم أبع، فقال اليهودي: درعي وفي يدي، فقال: بيني وبينك القاضي، قال: فأتياني، قعد علي إلى جنبي واليهودي بين يدي، وقال: لولا أن خصمي ذمي لاستويت معه في المجلس، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أصغروا بهم كما أصغر الله بهم، ثم قال: هذه الدرع درعي، لم أبع ولم أهب، فقال لليهودي: ما تقول؟ قال: درعي وفي يدي، وقال شريح: يا أمير المؤمنين هل من بينة؟ قال: نعم الحسن ابني وقنبر يشهدان أن الدرع درعي، قال شريح : يا أمير المؤمنين شهادة الابن للأب لا تجوز فقال علي: سبحان الله، رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فقال اليهودي: يا أمير المؤمنين قدمني إلىقاضيه وقاضيه يقضي عليه أشهد أن هذا الدين على الحق، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول عبده ورسوله وأن الدرع درعك، يا أمير المؤمنين، سقطت معك ليلا، وتوجه مع علي يقاتل معه بالنهروان فقتل. ثم قال: حدثنيه سعيد بن أحمد أبو عثمان القاري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن إسحاق بن يوسف الأزرق قال : حدثنا حكيم بن حزام، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن شريح، عن علي نحوه. وروى الحديث الشيخ أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089 في كتابه " شذرات الذهب " ( ج1 ص85 طبع القاهرة " قال : وحكى أن عليا دخل على شريح مع خصم له ذمي فقام له شريح، ....

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo