< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الأيمان

 

- يمين العقد: وهي التي تقع بيان لما التزم به مع تأكيد الالتزام.

- نقل صاحب الجواهر عدم الخلاف في عدم الانعقاد، معللا، بان اللفظ إذا لم ينصرف أي الذات الالهية، وكان الاستعمال مشتركا بينها وبين غيرها فَقَد حرمته.

- الاشكال بعدم الدليل على اشتراط هذا النوع القداسة والحرمة لانعقاد اليمين.

- القاعدة العامة عند الشك في الشروط والاجزاء هي اجراء اصالة الاطلاق بعد ثبون العنوان، وهذا كبقية المعاملات والعبادات ايضا بناء على ما نذهب اليه.

ذكرنا اقسام اليمين واحكامها، ووصلنا إلى يمين العقد وهي التي تقع بيانا لما التزم به مع تأكيد الالتزام، لاننا قلنا ان اليمين هو عبارة عن ايقاع وهو ما فيه دفع وزجر، وبهذا يختلف عن النذر والعهد والعقد. فاليمين هو عبارة عن تأكيد، وقلنا لا بد في القسم أن يكون بالله، وهذا يكون بالقسم بالذات الآلهيّة أو باوصافها، وهو يتحقق بأمور:

     أن يقسم باللفظ الخاص بالذات الالهيّة "والله" وهو اسم علم ولا يشمل ما يشبهه، فلو فرضنا من باب الفرض المحال ان هناك "اله " آخر فاننا لا نسميه "الله". لان لفظ "الله" ليس اسما عاما نكرة، وهو يختلف عن لفظ "الإله" الذي هو اسم نكرة دخلت عليه لام التعريف، نعم قد يكون أصل "الله" "الإله" وتغير مع الايام كما قال بعض اللغويين.

     وهو أن يقسم بالملحق بالذات الالهية وهو ما لا يطلق إلا عليه، وان كان مفهوما أعم منه، واما تطبيقا فليس له من مصاديق إلا الذات الالهية، مثل "الرحمن" أو "مقلّب القلوب والابصار" أو "الذي خلق الكون" أو "الذي فلق الحبة وبرأ النسمة".

     أن يقسم بالوصف الذي ينصرف إليه تعالى بسبب كثرة الاستعمال في الذات الالهيّة، وقلّة الاستعمال في غيرها، مثل: "الحي" و " السميع" و "البصير" و "الرب".

     أن يقسم ببعض الأوصاف الالهيّة، والتي لا تنصرف إلى الذات الالهيّة، بشرط إرادة الذات الالهيّة مثل: "الصانع" و " الكريم".

نقل صاحب الجواهر (ره) عن العلامة الحلي (ره): عدم الخلاف في عدم انعقاد اليمين بما لا تنصرف إلى الذات الالاهيّة ولو مع القصد.

يقول في الجواهر: نعم صرح المصنف (و) غيره بأنه *(لا تنعقد بما لا ينصرف إطلاق اسمه إليه كالموجود والحي والسميع والبصير وإن نوى بها الحلف، لأنها مشتركة فلم يكن لها حرمة) في *(القسم)* بل لا أجد فيه خلافا بينهم في ذلك إلا ما يحكي عن الإسكافي من انعقادها بالسميع والبصير، لكن في كشف اللثام لادعائه اختصاصهما به تعالى، (أي برّر انعقادها بالسميع والبصير باختصاص اللفظين بالذات والالهية، فيكون من القسم الثاني أو القسم الثالث) ويحتمل كلامه العدم.

قلت (صاحب الجواهر): بل هو على دعوى الاختصاص خارج عما نحن فيه أيضا، إذ الكلام على فرض اشتراكهما وعدم انصرافها.[1]

نلاحظ: أن المحقق الحلّي (ره) علّل عدم الانعقاد بما لا ينصرف إليه تعالى كـ "البصير والحيّ" بأن اشتراكها مع غير الذات اللالهيّة يسقط حرمتها.

أقول: دعوى إسقاط الحرمة دعوى بلا دليل، لأن المسألة عرفيّة، ولا أرى الناس يلاحظون في القدسية وعدمها ذلك، فإن اللفظ عندهم يأخذ حسنه وقبحه وقداسته من المعنى المقصود، فإننا عشنا في العراق في زمن الظلم والطغيان في العهد البائد، وكانت كلمة "أمن" رغم حسن معناها في الأصل، لكنها أصبحت كلمة تنفر النفوس منها عندما استعملت في الجلازوة ومخابراتهم. فقدسيّة لفظ "بصير" ناشئة من المعنى المراد، وهكذا قدسية وشرف وقبح وحسن وحب اللفظ انما ينشأ من المراد منه. فلا وجه لما ذكره المحقق (ره). نعم، اختصاص اللفظ بالذات الالهية يعطيه احساسا بالقداسة، ولكن ما الدليل على انحصار القداسة بذلك؟

ونذكر قبل ذكر النتيجة، أن كل ما ليس حقيقة شرعية، بل حقيقة لغويّة، إذا انطبق الأسم فيمكن حينئذ أن أطرد كل الاجزاء والشرائط المشكوكة بأصالة الإطلاق.

وإذا طبقنا ذلك على اليمين، فاليمين ليس لها حقيقة شرعيّة، بل هي حقيقة لغوية، فإذا احرزنا انطباق عنوان اليمين على الحلف بغير الله –كما هو الصحيح – ثم شككنا في شرط للانعقاد، كما في مسألتنا، حيث انني اشك في الانعقاد بالاوصاف المشتركة التي لا تنصرف إلى خصوص الذات الالهية عند التلفظ بها، استطيع اجراء اصالة الاطلاق، ومع جريانها اطرد الشروط المشكوكة.

فإذا كان اليمين لغة وعرفا يمين وينعقد وليس له معنى شرعي، فلا دخل للشرع في الانعقاد وعدم الانعقاد، فغذا كان هذا يمن واشك في شرط فالاصل عدم الاشتراط، فيمكن طرد جميع الشروط والاجزاء المشكوكة باصالة الاطلاق لان بعد انطباق العنوان وصدق عنوان اليمين عليه، كما ذكرنا في مثال النكاح فعندما يصدق عنوان النكاح نطرد كل الشرائط والاجزاء باصالة الاطلاق ولانطباق عنوان النكاح عليه.

هذه القاعدة هي التي تتحكم في كل مسائل الشروط المشكوكة في المعاملات ، بل والعبادات ايضا بحسب رأينا،لانا نختار ان العبادات كالمعاملات ليست حقائق شرعية، بل هي حقائق لغوية، وكون بعضها من الحقائق الشرعية لا مانع منه ولكنه يحتاج إلى دليل، فعند الشك في الجزء أو الشرط أطرد الاشتراط أو الجزئية بأصالة الاطلاق.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo