< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/07/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الإيلاء.

     إذا أسقطت حقها من المطالبة، فهل يسقط أصل المطالبة بحيث أنها لا تستطيع المطالبة بحق الوطء في الأزمنة المستقبلية؟

     بحث مسألة أصالة اللزوم في العقود.

     الدليل الأول عليها: قوله تعالى: ﴿اوفوا بالعقود﴾ وفيه انه لا دلالة فيها على اللزوم، وان الحكم لا ينقح موضوعه.

     الدليل الثاني: الاستصحاب، وهو حينئذ أصل عملي.

     الدليل الثالث: طبيعة العقد عقلائية، وهو المختار، وهو امارة حينئذ.

 

الكلام في ما إذا لم يفعل صاحب حق الفسخ حقه في الزمن الاول وجاء الزمن الثاني، فهل يبقى حق الفسخ؟

بعد الزمن الأول قلنا انه يتعارض امران:

الامر الاول: اصالة اللزوم في العقود، والامر الثاني: الاستصحاب ، فان كان له حق الفسخ في الزمن الاول، اشك في حق الفسخ في الزمن الثاني فاستصحب حق الفسخ.

وهذه المسألة قد تبتني على الدليل على اصالة اللزوم في العقود.

فلا بأس بالتعرض لمسألة ما هو دليل أصالة اللزوم في العقود، لان مسالتنا قد ترجع لها:

ذكر الشيخ الاصاري (ره) هذه المسألة في كتاب المكاسب، أول كتاب البيع في أصالة اللزوم في العقود.

قالوا إذا شككنا في عقد انه لازم أو غير لازم فالاصل فيه اللزوم.

الدليل الأول: استدل الكثيرون بقوله تعالى: ﴿اوفوا بالعقود﴾ بمعنى انه عند الفسخ اكون لم أفِ بالعقد، وحينئذ يكون الدليل لفظيا، ويكون امارة، ويكون الدليل من ظهور الآية ولوازمها.

نقول: أن الآية لا تدل على اصل اللزوم، وليست واردة فيه، وإن كان الأمر في ﴿اوفوا بالعقود﴾ يفيد الوجوب، لان صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب، إذن تدل على وجوب الوفاء بالعقد، أي لا يحق لك الفسخ لانه ينافي الوفاء.

نقول ان ﴿اوفوا بالعقود﴾ تدل على وجوب الوفاء بالعقد كما هو، ان كان مشروطا فاوفوا به مشروطا بشروطه، وان كان مطلقا اوفوا به باطلاقه، وكذلك ان كان جائزا أو لازما اوفوا به كما هو. وهكذا، فاللزوم لا ينشأ من الحكم، أي لا ينشأ من ﴿اوفوا بالعقود﴾ بل لا لد من دليل آخر ينقح متعلّق الحكم.

فإذا شككنا في الدليل لا نستطيع ان نستنبط من الآية الوفاء، واثبات اللزوم او ان العقد مشروط او غير مشروط وغير ذلك يكون من دليل خارج في مرحلة سابقة، فالمفروض ان يتمّ العقد وبعد تماميّته اوفوا به كما هو.

هذا ما ذهب اليه على ما في بالي العلاّمة الحلّي (ره) أو احد الشهيدين (ره) وهو انصافا كلام متين، على خلاف المشهور، الذين استدلوا بـ ﴿اوفوا بالعقود﴾ على اصالة اللزوم، وهو استدلال خاطئ جدا.

هل ﴿أوفوا بالعقود﴾ لا يشمل العقود الجائزة؟ نعم يشملها بأحكامها وشروطها. إذن نفس وجوب الوفاء لا تدل على اللزوم في العقد عند الشك، فإذا كان لازما اوفوا به لازما، وان كان جائزا أوفوا به جائزا. إذن اللزوم والجواز ينبغي ان يأخذ من دليل آخر، أو هو في مرحلة سابقة ليست مرتبطة بأصل العقد.

بعبارة اخرى: الحكم لا ينقح موضوعه أو متعلّفه.

الدليلالثاني: هناك دليل ثاني على أصالة اللزوم وهو استصحاب بقاء العقد ولوازمه إذا فسخت، فيكون اصلا عمليا ولا يصار اليه الا بعد فقدان الدليل.

والدليل الثالث على اصالة اللزوم هو ان طبيعة العقود عقلائية واعتبار عقلائي، فالعقد يفترض ان يلتزم به، وطبيعته الربط بين ارادتين، وليس كما عرّف بانه الإيجاب والقبول بنظرنا، نعم كثر جدا الإيجاب بالقبول بالعقود، فسمّي الشيء باسم سببه، الاكثر والاشهر ان سمّي العقد باسم سببه الاكثر والاشهر وهو الايجاب والقبول. فلو فرضنا في عقد الزواج المدني، العاقد قال للمرأة: اترضين ان تكوني زوجة، قالت: نعم، وسأل الزوج اترضى ان تكون زوجا لها وقال: نعم، قال العاقد: اعلنتكما زوجين، فقد تمّ العقد وإن كان العاقد بين الارادتين طرف ثالث، هذا عقد، وهو ارتباط بين ارادتين سواء كان الرابط نفس الشخصين بإيجاب وقبول، أو من شخص ثالث. والعقد هو أقوى إرتباط على الاطلاق.

إذن الدليل الحقيقي في اصالة اللزوم في العقود هو من باب البناء العقلائي على انه عقد وجد للبقاء وليس للفسخ، نعم في بعض العقود بحق له الفسخ، وكلما ما كان عرفا كان شرعا، لان مفهوم العقد مفهوم لغوي، وهو حقيقة لغوية وليست شرعية، فلا داعي للاستدلال على اصالة اللزوم بالآيات أو الروايات أوغيرها كالاصل العملي كالاستصحاب، فالبناء العقلائي كاف.

والنتيجة ان اصالة اللزوم في العقود امارة وليست اصلا عمليا فيختلف الوضع في مسألة الإيلاء في تجدد الحق بالمطالبة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo