< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الإيلاء.

     إذا انقضت الاربعة أشهر لم تطلق بمجرّد انقضائها، بل إذا رضيت امرأته تبقى زوجة له وان لم يطأها، وإذا لم ترض ترفع امرها إلى الحاكم الشرعي، فيوقفه، ويلزمه بأحد الأمرين.

     دليل عدم كون انقضاء المدة طلاقا، روايات صحيحة.

     في المقابل: دليل من قال بان انقضاء المدّة طلاق بمجرده وإن لم يقع منه طلاق.

 

ذكرنا أمس بطلان قياس مالك وابي حنيفة وقلنا أن العدة شيء ومدّة التربص شيء آخر. وقلنا ان القياس بأصله باطل، لان القياس حتى يصح يجب أن يكون علّة مشتركة بين موضوعين، وقلنا أن ستة أمور القياس صحيح فيها: القياس المنصوص العلّة، وظاهر العلة، ووحدة الملاك، ووحدة المناط، ومفهوم الاولويّة، واسقاط الخصوصيّة. الكلام في القياس في العلّة المظنونة المستنبطة. وفي مسالتنا حتى لو قلنا بصحة القياس فان تطبيقه هنا خطأ، لاننا نحتاج بعد مدّة التربص إلى عدّة لو كان الطلاق له عدّة. فاشتراك العدّة والمدة على موضوع واحد يعني ان هناك موضوعين وحكمين يكشفان عن علتين لا عن علّة واحدة.

المسألة الثالثة: إذا انقضت الاربعة أشهر لم تطلق بمجرّد انقضائها، بل إذا رضيت امرأته تبقى زوجته وامرأته شرعا وإن لم يطأها، وإذا لم ترض ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيوقفه، ويلزمه بأحد الأمرين: إما الفيء والرجوع وإما الطلاق. [1]

وهذا صريح بعض الروايات.

منها: ما في الوسائل: ح 1 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)، عن حماد ابن عيسى (ثقة)، عن عمر بن أذينة (ثقة)، عن بكير بن أعين (ثقة)، وبريد بن معاوية (او يزيد، ثقة)، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته فليس لها قول ولا حق في الأربعة أشهر ولا إثم عليه في كفه عنها في الأربعة أشهر، فإن مضت الأربعة أشهر قبل أن يمسها فسكتت ورضيت فهو في حل وسعة، فإن رفعت أمرها قيل له: إما أن تفيء فتمسها، وإما أن تطلق. وعزم الطلاق أن يخلي عنها فإذا حاضت وطهرت طلقها. وهو أحق برجعتها ما لم تمض ثلاثة قروء، فهذا الايلاء الذي أنزله الله تعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله. [2]

من حيث السند: الرواية صحيحة.

ومن حيث الدلالة: هي واضحة في عدم حصول الطلاق بعد انتهاء مدّة التربّص وبمجردها انتهائها، وعدم حصوله إلا بعد أيقافه واختياره الطلاق.

كذلك رواية اخرى: ح 1 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن حماد (ثقة)، عن الحلبي (ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: أيما رجل آلى من امرأته والايلاء أن يقول: والله لا أجامعك كذا وكذا، والله لأغيظنك ثم يغاضبها فإنه يتربص به أربعة أشهر ثم يؤخذ بعد الأربعة أشهر فيوقف، فإذا فاء وهو أن يصالح أهله فان الله غفور رحيم وإن لم يف أجبر على الطلاق ولا يقع بينهما طلاق حتى يوقف، وإن كان أيضا بعد الأربعة الأشهر ثم يجبر على أن يفيء أو يطلق.

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد مثله. [3]

من حيث السند: الرواية صحيحة مستفيضة مشهورة.

ومن حيث الدلالة: واضحة.

في المقابل روايات اخرى تدل على أن الايقاف يكون قبل الاربعة اشهر ويتم الطلاق قهريا:

في الوسائل ح 3 – محمد بن الحسن باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى (الطرق اربعة اثنان قريبان من التوثيق)، عن بنان بن محمد (عبد الله بن محمد بن عيسى أخ أحمد بن محمد بن عيسى زعيم قم، والذي قيل انه لا يروي إلا عن ثقة، وبنان هذا قريب التوثيق فهو من عائلة محدثين ثقات، وروى عنه بعض الأجلاء ولذا وثقه بعض اهل الفن، وهو ثقة، لكن عندي انا اوثق بحسب القواعد، ليس هناك لا توثيق خاص ولا توثيق عام، ولم تصل هذه القرائن إلى حد الدليلية، فمجرّد كونه من عائلة محترمة رواة ثقات لا يدلّ على الوثاقة، وإن كان مؤيدا، فان البيئة لها أثر في نفوس ابنائها، ولكنه ليست على نحو العلّة التامّة، ألا ترى ان ابناء الانبياء كانوا كفارا مثل كنعان بن نوح رغم كون ابيه من اعاظم الانبياء. اما حديث ان الثقات يرون عنه، فانه وإن كان مؤيدا ايضا، إلا انه لم يثبت عندنا ان الثقة لا يروي إلا عن ثقة. لذلك لم يثبت توثيقه عندنا لكن من الصعب اغماض النظر عنه)، عن محسن ابن أحمد، عن يونس بن يعقوب ....


[1] جواب لسماحة السيد الاستاذ على سؤال لاحد فضلاء الظطلية عن كون الوطؤ هل هو حق أم حكم؟الوطء هنا حكم شرعي وحق لها، ولا مانع من كونه حقا وحكما، ولكن من جهتين، فهو بالنسبة للزوجة حق، ويحق لها التخلي عنه، وليس حكما بالمعنى الاصطلاحي، نعم يوجد جعل وحكم بهذا الحق. اما بالنسبة للزوج فهو حكم شرعي، وهو انه يحرم عليه ترك الوطء أكثر من اربعة اشهر على المشهور واستحباب وطئها خصوصا في حالات خاصّة، وهذا جعل شرعي لا يصح التخلي عنه أي هو غير قابل للإسقاط، أي نفس حرمة ترك الوطء غير قابلة للإسقاط.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo