< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الإيلاء، شروط المؤلى منها:

     احتمال الانصراف في الآية المباركة إلى خصوص الدائمة عهدته على مدّعيه.

     الاستدلال بالآية التالية: ﴿فان عزموا الطلاق﴾ إذ الأمر يدور بين الاستخدام والتخصيص.

     نحن ذهبنا في المبحث الاصولي إلى الاجمال في مسالة عود الضمير إلى بعض افراد مرجعه، ودار الامر بين الاستخدام والتخصيص.

     ورود رواية الحسن الصيقل التي تدل على التخصيص.

 

نكمل جوابنا على كلام صاحب الجواهر: نعم يحتمل الانصراف كمعنى حقيقي، أي انصراف "نسائهم" و "الزوجة" و "امرأة" إلى خصوص الدائم، اما لكثرة الاستعمال وإما لكثرة الوجود، ولكننا لا نجد ذلك في انفسنا هذا الانصراف المستحكم الذي يكون دليلا وحجّة، وعهدته على مدّعيه. وقلنا ان الانصراف سببه هو الالتصاق الشديد في الذهن بين اللفظ وبين بعض افراد المعنى لكثرة الاستعمال بهذا الفرد أو كثرة الوجود أو لأمور أخرى.

ويظهر بذلك أيضا الخلل في قول صاحب الجواهر (ره): "وكيف كان ففي وقوعه بالمستمتع بها تردد، اظهره المنع، وفاقا للمشهور، إما لتبادر الدائمة من النساء والزوجة... ".

فهذا لا يسمّى تبادرا بالاصطلاح، لان التبادر هو انسباق المعنى الحقيقي من اللفظ، وصحة الحمل كذلك أي على نحو الحقيقة كان حمل اللفظ بما يحمل من معناه الارتكازي، على المعنى المشكوك أو على بعض الافراد، ولا شك في انطباق الزوجة عليها، أما الانصراف فهذا انسباق بعض افراد المعنى إلى الذهن عند الاطلاق فان عهدته على مدّعيه.

الدليل الثاني على عدم صحة الإيلاء من المنقطعة:

الاستدلال بالآية التالية على إرادة خصوص المتزوجات بالعقد الدائم، يقول تعالى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [1]

فواو الجماعة في "عزموا الطلاق" خاصة بالمتزوجين بالدائم لان الزواج المؤقت لا طلاق فيه.

وحينئذ يعود الضمير "الواو" إلى بعض مرجعه وهو "الذين" واصبحت المسألة من تطبيقات مسألة اصوليّة في العام والخاص: وهي عود الضمير إلى بعض افراد مرجعه العام، وقلنا هناك ان الأمر بين أمرين: إما ان يبقى العام على عمومه فيكون من باب الاستخدام وهو عود الضمير إلى بعض ما هو له، وإما ان يكون المراد من العام هو الخاص فيكون من باب التخصيص، فهل هو من باب الاستخدام أو من باب التخصيص؟

ومثاله المعروف قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً ﴾[2] وهذا مثال آخر يستفاد منه في المطلب الاصولي.

وقد ذكرنا هناك، انه او وجدت قرينة فالحمد لله وعملنا بها، وإلا فرّقنا هناك أي في بحث الاصول بين الكلام الواحد والكلام المتعدد، فالكلام الواحد صالح لكون الضمير تخصيصا للعام، وإذا كان متعددا فالضمير يصلح قرينة للعام، ومع عدم الظهور في ذلك فالعام يصبح مجملا ونعود إلى دليل آخر.

وتطبيقا على مسألتنا: فالعام ﴿الذين يؤلون﴾ هل يشمل المتمتع بها؟ ثم جاءنا ﴿وان عزموا الطلاق﴾ وهي قابلة للتخصيص، فهل يبقى العام على عمومه، أم ان هذا القول في الآية "فان طلقها" قد خصصها، أي خصص العام بخصوص المتزوج بالزواج الدائم. ولما كان في كلامين، فالعام اصبح مجملا فنقتصر على القدر المتيقن وهو خصوص المتزوجين بالدائم.

نعم لا يبعد أن يكون قوله تعالى: ﴿وإن عزموا الطلاق﴾ بعد قوله: "والذين يؤلون من نسائهم" هو في خصوص الدائم لورود نص في واقعة قريبة من ذلك، الامام (ع) يستدل بالآية: ﴿وان عزموا الطلاق﴾ و "الذين يؤلون من نسائهم" هو خاص في الدائمة ولا يشمل المنقطعة.

في الوسائل: ح 4- محمد بن الحسن باسناده (عن علي بن الحسن بن فضال، والسند حسن) عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن الحسن الصيقل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فتزوجها رجل متعة أتحل للأول؟ قال: لا، لان الله يقول: " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره، فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله..."(البقرة، آية230) والمتعة ليس فيها طلاق. [3]

هذه الرواية واضحة في انه يمكن ان يكون هذا الدليل بان الضمير إذا عاد إلى بعض ما هو له لا يكون استخداما بل تخصيصا، "فالمطلقات" تصبح خاصة بالرجعيات، وفي الإيلاء "يؤلون" خاصة بالدائم.

لكن الكلام في الرواية بالسند، والبحث في الدلالة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo