< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الإيلاء، شروط المؤلى منها:

     هل يشترط في المؤلى منها ان تكون منكوحة بالعقد الدائم؟

     ادلة الاشتراط: 1- تبادر الدائمة من قوله تعالى: "نسائكم" وفي السنّة: "الزوجة" 2- ظهور قوله تعالى: "وإن عزموا الطلاق" والمتعة لا طلاق فيها، 3- عدم جواز مطالبتها بالوطء، 4- استصحاب حليّة الوطء، 5- النص الصحيح على الاشتراط.

 

مسألة: هل يشترط في الإيلاء أن تكون الزوجة منكوحة بالعقد الدائم؟

بعبارة أخرى: فلو كانت الزوجة بالعقد المنقطع وحلف أن لا يطأها اكثر من أربعة اشهر، هل يصح الإيلاء من المتمتع بها؟

عموم الإيلاء يشمل الزوجة المنقطعة كيمين، والإيلاء ليس له حقيقة شرعيّة بل هو امر عرفي فيشمله.

يقول صاحب الجواهر (ره): " وكيف كان ففي وقوعه بالمستمتع بها تردد اظهره المنع، وفاقا للمشهور، إما لتبادر الدائمة من النساء والزوجة، او لظهور قوله تعالى: "وان عزموا الطلاق" بعد قوله: "والذين يؤلون من نسائهم" من المستمتع بها بنحو ما جاء من النص قبول المؤلى منها له (أي للطلاق)، وهو منتف من الاستدلال على اعتبار النكاح الدائم في المحلّل بقوله تعالى: "فان طلقها" كما نبهنا عليه في محلّه، فلاحظ وتأمل.

ولما قيل: " إن لازم صحته جواز مطالبتها بالوطء وهو غير مستحق للمستمتع بها، ولأصالة بقاء الحل في موضوع النزاع (الاستصحاب) ولقول الصادق (ع) في صحيح ابن ابي يعفور: " لا إيلاء على الرجل من المرأة التي تمتع بها. [1] انتهى كلامه رفع مقامه.

- مقصوده من التبادر الانصراف [2] - وقد يكون مراده المعنى الحقيقي ويكون حينئذ تبادرا، ونحن نمنع التبادر، وكذا الانصراف المستحكم.

وقوله: لظهور قوله تعالى: ﴿وان عزموا الطلاق﴾ سنرى انها من تطبيقات المسألة الاصوليّة وهي فيما لو رجع الضمير على بعض مرجعه، فإذا كانت من باب الاستخدام في علم البلاغة ترجع للبعض، وإذا قلنا انها من باب القيد تقيّد العام.

ولنشرع بالردّ على كل واحد من الأدلّة:

الدليل الأول على عدم صحة الإيلاء عدم شمول "نسائهم" وكذا "الزوجة" وهو موضوع الإيلاء للمتمتع بها. فإذا تمّ الموضوع تمّ الاخذ بحكم العام، وإلا فلا نستطيع ان نثبت احكام الإيلاء.

نلاحظ هنا أن صاحب الجواهر الشيخ محمد حسن النجفي (ره) استدل بعدم شمول موضوع الإيلاء للزوجة المتمتع بها. بالتبادر.

ونجيبه: لا شك في صدق "نسائهم" على الزوجة المنقطعة، وقد ورد في الحديث إطلاق الزواج على عقد المتعة، مثلا: في الوسائل: ح 1 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم بن الفضل، عن أبان بن تغلب، وعن علي بن محمد، عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران ومحمد بن أسلم، عن إبراهيم بن الفضل، عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كيف أقول لها إذا خلوت بها؟ قال: تقول: أتزوجك متعة على كتاب الله وسنة نبيه لا وارثة ولا مورثة كذا وكذا يوما، وإن شئت كذا وكذا سنة، وبكذا وكذا درهما، وتسمى من الاجر " من الاجل يب " ما تراضيتما عليه قليلا كان أو كثيرا، فإذا قالت: نعم فقد رضيت وهي امرأتك وأنت أولى الناس بها الحديث. [3]

كلمة "زواج" موجودة، فلماذا لا تصدق الزوجة؟ ما معنى التبادر؟ مرّة أقول انه لا تصدق الزوجة بالمعنى الحقيقي، نقول انها زوجة بالمعنى الحقيقي، اما ادعاء الانصراف إلى بعض الافراد فسياتي بيانه.

وفي ح 2 - وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ثعلبة قال : تقول : أتزوجك متعة على كتاب الله وسنة نبيه نكاحا غير سفاح ، وعلى أن لا ترثيني ولا أرثك ، كذا وكذا يوما بكذا وكذا درهما ، وعلى أن عليك العدة . ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وكذا الذي قبله .

ح 3 - وعن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: قلت: كيف يتزوج المتعة؟ قال: يقول: أتزوجك كذا وكذا يوما بكذا وكذا درهما، فإذا مضت تلك الأيام كان طلاقها في شرطها ولا عدة لها عليك. [4]

ولا أطيل سرد الروايات واستعراضها، فكلها واضحة في كون المتعة زواجا، وكون المتمتّع بها زوجة.

ونلاحظ أن الروايات على طائفتين:

الأولى: فيها التزويج المؤقت بكذا وكذا، من دون تقييد بالمتعة، وهذا يدل على صحة اطلاق الزواج على المتعة.

الثانية: في التزويج مقيدا بلفظ " متعة"، وهنا يكون إعراب "متعة" انه منصوب على كونها تمييزا، وهو الاظهر، أو على كونها مفعولا مطلقا لبيان النوع، أو على كونه حالا كما ذهب اليها سيبويه.

وفي الجميع تكون دلالتها واضحة على كون الزواج على قسمين: دائم ومتعة (أي مؤقت)، ولكل منهما احكام خاصة به، ويشتركان في احكام أخرى.

وبهذا البيان يظهر واضحا صدق لفظ "نسائهم" و " الزوجة" على المتمتّع بها. ويظهر أيضا الخلل في تعبير صاحب الجواهر (ره) في قوله "لعدم اندراج المتمتع بها في نسائهم" وفي "الزوجة".

 


[2] الفرق بين التبادر والانصراف: كلاهما انسباق المعنى من اللفظ، لكن التبادر هو الانسباق إلى المعنى الحقيقي وهو من علامات الحقيقة – أي إلى المعنى الموضوع له-، والانصراف هو انسباق إلى بعض افراد المعنى الحقيقي. مثلا في قوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ المائدة أية 6. فيجب المسح، وبعد وجوبه نتساءل هل يكون بباطن الكف أو بظاهره؟ فاذا يظهر من الآية؟، المسح لغة هو مسح بالظاهر او بالباطن. إذا قلنا انه يتبادر اي يتبادر إلى المعنى الحقيقي الذي هو مطلق المسح فالمفروض ان يتمّ الامتثال لكن قيل: عندما يطلق قيل انه ينصرف إلى خصوص الباطن، لذلك قالوا ان هناك انصراف إلى بعض افراد المسح وهو المسح بخصوص الباطن. وهذا الانصراف سببه كثرة الوجود او الاستعمال، لكن قلنا ان الانصراف على قسمين: قسم مستحكم وهو الحجّة، وقسم يزول بادنى ملاحظة فهذا ليس بحجّة. وفرق بين الاستهجان والاستنكار. الاستنكار يعني عدم امتثال فإذا مسحت بظاهر الكف اكون كأني لم امتثل، مع العلم ان العرف يستهجن المسح بظاهر الكف ولا يستنكر ويكون قد تمّ المسح. والانصراف سببه الانس الذهني وقد يكون سببه كثر ة الاستعمال أو كثر الوجود في الخارج وقد يكون امورا اخرى، الانصراف يكون حجّة عندما يكون مستحكما.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo