< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: هل يشترط التنجيز في الإيلاء؟

     القول بعدم اشتراط التنجيز في الإيلاء.

     لا يوجد اجماع على اشتراط التنجيز.

     النتيجة: صحة وقوع الإيلاء معلقا، وإن كنّا في مقام العمل نعمل بالاحتياط ما أمكن.

 

نكمل الكلام في الإيلاء وانه يمين، ولا نزال في صيغته، هل يصح في صيغة الإيلاء ان تكون معلّقة، وهل يجب ان تكون منجّزة؟

قلنا ان هناك قولين في المسألة:

انه ذهب الشيخ (ره) في المحكي عن المبسوط، وكذا العلامة في المختلف إلى جواز الإشتراط في الإيلاء، لما عرفت من عدم تسبيب للشارع في الإيلاء زائد على تسبيب اليمين المعلوم قبوله للشرط، إلى اخرة.

وذكرنا ان الإيلاء معنى عرفي وليس حقيقة شرعيّة، وإذا كان كذلك فإذا ثبت الإيلاء عرفا ثبت شرعا، وحينئذ نستطيع ان نطرد جميع الاجزاء والشرائط المشكوكة، مثلا: فهذا إيلاء واشك في اشتراط اللغة العربيّة أو الحريّة وغيرهما فاطرد الشرط باصالة الاطلاق [1] .

والإجماع نقله صاحب الجواهر (ره) حيث يقول: أما اجماع ابن زهرة المعتضد بظاهر السرائر فلم نتحققه، بل لعلّ المحقق خلافه، بل المحقق خلافه، وكأنه نشأ من توهم كون الإيلاء كغيره من أفراد الإيقاع المعلوم عدم جواز تعليقه، بالاجماع وغيره، مما عرفته سابقا، كالطلاق ونحوه إلا ما خرج ...

كما عند الشريف المرتضى (ره) ينقل اجماع على مسألة وهو لم يتحقق بنفسه من المسألة ولم يتتبع الآراء ومع ذلك نقل الاجماع، لان عنده ان هذه المسألة ان كانت تطبيقا لقاعدة عامّة يقول بها الجميع إذن اجماعا، أي عبّر بالاجماع لانطباق قاعدة، لا لتتبع الآراء.

فالاجماع لا يدل على تتبع الافراد بل هو ما نزل تحت قاعدة عامة مجمع عليها. ولذلك صاحب الجواهر (ره): ولعّل ابن زهرة وابن حمزة عندما ذكرا الاجماع على ان الإيلاء لا يقع إلا منجزا ولا يصح معلقا، لعلّه لان الإيلاء من باب الايقاعات، والايقاعات لا تقع إلا منجزة إذن الإيلاء لا يقع إلا منجزا.

اما انه بنفسه تتبع واستقرأ الآراء ووصل إلى نتيجة الاجماع والاتفاق فهذا لم يحصل.

لكن قلنا ان هناك فرقا شاسعا بين الإيلاء وبين بعض الايقاعات، وقلنا ان حتى الإيقاعات تقع معلّقة.

ثم يقول صاحب الجواهر (ره): ولعلّه إلى ذلك (أي إلى كون الإيلاء فردا من اليمين وليس قسيما له) أشار في كشف اللثام [2] حيث أنه بعد أن اختار الجواز، فرّق بينه وبين غيره من الإيقاع -كالطلاق والعتاق- بأنهما ايقاعان، والتعليق ينافي الإيقاع، والإيلاء يمين والتزام.

أقول: لا شك في الاختلاف بين اليمين والإيقاع، والايقاعات على قسمين:

قسم مجرّد ايقاع كاليمين، وقسم ايقاع يؤدي إلى وضعية معيّنة، والصحة والفساد تكون بلحاظ ما فيه وضعيّة، وهذا قد لا يكون ملتفتا إليه من قبل الفقهاء، واحدث مشكلة في مسألة ان النهي في المعاملة يقتضي الفساد،

نقول: ان الصحة والفساد مرّة تكون بمعنى ترتب الآثر، فيتصف الإيلاء بالصحة والفساد، بان يكون له اثر أو لا اثر له، فالاتصاف بهذا المعنى.

أما أن الإيلاء ينشأ وضعيّة كما في الظهار فغير صحيح.

فإن الايقاع الذي يؤدي إلى إنشاء وضع مثل الطلاق، وهذا الوضع معتبر وله ثمرات، أي أصبحت الزوجة مطلّقة، اما اليمين فهو مجرّد زجر أو بعث ولا إنشاء لوضع جديد فيه.

نعم، قلنا سابقا انه لا مانع من التعليق حتى في الايقاعات والعقود، وما ذكروه من الاشكال العقلي على ذلك وهو لزوم انفكاك الانشاء عن المنشأ غير تام؟ وإن كنا في مقام الفتوى نحتاط فيه.

 


[1] ردا على سؤال: وهل اصالة الإطلاق عدم القيد؟ الجواب: فرق بين اصالة الاطلاق واصالة العدم، فاصالة الاطلاق اصل لفظي وهو من باب الامارات، اما اصالة العدم فهي أصل عملي، والاصل العملي في المعاملات هو اصل الفساد أو اساصحاب الفساد، وفي العبادات ترجع المسألة إلى مسألة الاقل والاكثر الارتباطيين، حيث ذهب الاكثر إلى البراءة، والسيد الاستاذ يذهب إلى الاحتياط.
[2] كشف اللثام عن قواعد الاحكام للشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الاصفهاني المعروف بالفاضل الهندي، ولد عام 1062 ه وتوفي 1137ه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo