< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الإيلاء

     تتمة كلام صاحب الجواهر (ره) وتأييده.

     لا توجد حقيقة شرعيّة للإيلاء.

     لا يختلف الإيلاء عن اليمين مفهوما، بل هو أحد أفراد اليمين.

 

الكلام في الإيلاء لغة وشرعا، هل هناك حقيقة شرعيّة للإيلاء؟ لهذا السؤال ثمرة.

نكمل كلام صاحب الجواهر (ره): الإيلاء...:

ولعله لذا اكتفى الأصحاب فيه بكل لسان مع اشتراط العربية للقادر في غيره من العقود والايقاعات،...

قبل بيان كلامه: لا بد من التذكير بأن الثمرة والفرق بين القول بالحقيقة اللغوية والحقيقة الشرعيّة انه إذا شككنا في شرط، مثلا هل يشترط في الإيلاء ان يكون باللغة العربيّة، هل تشترط اللغة العربية او الشروط الأخرى التي يمكن تصورها أو لا؟

إذا قلنا بالحقيقة اللغويّة العنوان ينطبق، أي ان الذي وقع إيلاء واشك في الشرط فاطرده بأصالة الاطلاق.

اما إذا قلنا بالحقيقة الشرعيّة نسأل مع عدم الشرط هذا إيلاء أو لا؟ لان الشرط يمكن ان يكون دخيلا في المفهوم، فالعنوان لا احرز انطباقه، ومع عدم احراز انطباق العنوان لا استطيع أن اجري أصالة الاطلاق ولا اصالة العموم ولا اصالة الحقيقة ولا الأصول اللفظية الأخرى، فلا انطباق هنا للظواهر، وإذا لم تنطبق لا استطيع طرد الشرط.

هذا الفرق مهم لان الكثير من مباحث العبادات والمعاملات والعقود والايقاعات هو في الشروط.

لذلك عندما أقول انه ليس في العبادات ولا في المعاملات لا في العقود ولا الإيقاعات ليس هناك حقائق شرعيّة، بل كلها حقائق لغويّة تكون الثمرة انه بمجرّد ان ينطبق العنوان لغة أستطيع أن أطرد كل الشروط، ولا تصل النوبة إلى مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين التي هي في عالم الأصل العملي، وذلك بعد احراز العنوان.

نعود لصاحب الجواهر: "لذا اكتفى الأصحاب فيه بكل لسان مع اشتراط العربية للقادر في غيره من العقود والايقاعات" لان بعضهم مثلا في النكاح ذهب إلى انه يشترط اللغة العربيّة لكن مع ذلك هنا في الإيلاء لم يشترط لغة خاصّة لأنه يمين عرفا، العنوان انطبق فنطرد الشروط.

كلام صاحب الجواهر (ره): إذ ليس ذلك إلا لأن الايلاء لم يكن للشارع تصرف في إيقاعيته على وجه تغاير إيقاعيته اليمين وإن كان قد يتوهم من قولهم: " كتاب الايلاء" وقولهم: "هو لغة كذا وشرعا كذا" ...

أي ان هذا التعبير يوهم وكأن الإيلاء مفهوم غير مفهوم اليمين وكأنه شرعا شيء ولغة شيء آخر، وليس مجرّد اختلاف في الأجزاء والشرائط والاحكام كأن مفهوم الإيلاء مفهوم اخر شرعي غير مفهوم اليمين. واختلاف الحكم لا يعني ابدا الاختلاف في الماهية والمفهوم.

كلام صاحب الجواهر (ره): إلا أن ذلك كله على ضرب من التسامح، وليس الايلاء إلا يمينا مخصوصة باعتبار خصوص موردها، مثل الصرف والسلم بالنسبة إلى البيع، فتأمل جيدا [1] ، وربما تسمع له تأييدا. [2]

وهذا كلام متين، فقد قلنا مرارا إن تدخل الشارع في الأجزاء أو الشرائط أو الأحكام لا يعني أبدا تدخلا في المفهوم. فإذا انطبق نفس المفهوم وأحرزت العنوان استطيع طرد كل الشروط والاجزاء والشرائط.

نعم، هناك من يقول إن التدخل في الاحكام أو الأجزاء أو الشرائط يقتضي التدخل في المفهوم، لان الحكم معلول للملاك، فلو لم يتغيّر الملاك لا يتغيّر الحكم.

وهذا رأي لا نقول به، لان الحكم ليس معلولا للمفهوم على نحو الانحصار، بل قد يكون معلولا لأمور أخرى لها دخالة في المصالح والمفاسد بحسب موردها. الا ترى ان النكاح واحد مفهوما، ومع ذلك حكمه بين الدائم والمؤقت، فاختلاف الحكم لم يؤدي إلى اختلاف مفهوم النكاح بين قسميه. وألا ترى ان الطلاق واحد مفهوما بين اقسامه الستة الرجعية والبائنة، ومع ذلك اختلفت الاحكام والشرائط.

نعم، لو قلنا إن التدخل في الاحكام والشرائط تدخلا في المفهوم فمع احتمال الشرط لم يحرز العنوان والمفهوم، فلا استطيع إجراء الأصول اللفظية.

إذن الإيلاء فرد من أفراد اليمين، لكن في مورده له احكام خاصّة، يشتركان في عدّة أمور كالكفارة وبعض شرائط المتعلّق.

وينفرد الإيلاء عن مطلق اليمين بأمور.


[1] كلمة "فتأمل جيدا" في الاصطلاح تعني انه يذهب اليه وان كل الاشكالات عليه منفية. وفي كتاب كفاية الاصول للشيخ الآخوند (ره) الفرق بين "افهم" و "تأمّل" و "تأمل جيدا" و "تدبّر"، الظاهر ان هذه الاصطلاح يستعملها صاحب الكفاية (ره) كثيرا ومعناها غالبا: "فافهم" يعني اشكال مهم ومردود، اما "فتأمل" اشكال قد يكون غير مردود، اما " فتأمل جيدا" هناك اشكال قوى لكنّه مردود، ويبدو ان من بعد صاحب الكفاية درج مدرجه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo