< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الإيلاء

 

    

لغة من ألى يألو: قصّر وابطأ.

    

شرعا: حلف على عدم وطء الزوجة بشرط معيّنة.

     كلام صاحب الجواهر في عدم وجود حقيقة شرعيّة.

     إذا بطل كون الحلف إيلاء هل يبقى يمينا؟

     الفرق بين الإيلاء ومطلق اليمين.

 

الإيلاء: هو الحلف على عدم وطء الزوجة.

لغة الإيلاء من " ألا" يقول في لسان العرب لابن منظور: " ألا" يألو، ألواً، وألوا، وأليا، وإليا، وألى يؤلي تألية، وأيلى، المعنى قصّر وأبطأ.

قال ابن الاعرابي في قوله عز وجل: ﴿لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا﴾ [1] أي لا يقصرون في فسادكم.

وفي قوله تعالى: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ [2] قال ابو عبيد هو من ألوتُ، أي قصّرت.

والأُلوة والألوة والإلوة والألية على فعيلة والأليّا، كله: اليمين، استعمالات، والجمع: ألايا.

قال الشاعر: قليل الألايا حافظ ليمينه وإن سبقت منه الأليّة برّت.

ورواه ابن خالويه: قليل الإلاء يريد الإيلاء فحذف الياء، والفعل آلى إلى يؤلي إيلاء: حلف.

وفي حديث أنس بن مالك آلى من نسائه شهرا أي حلف أن لا يدخل عليهّن، وإنما عدّاه بمن حمل على المعنى، وهو الامتناع من الدخول، وهو يتعدّى بمن.

ثم يقول ابن منظور: وللإيلاء في الفقه احكام تخصّه لا يسمّى إيلاء بدونها. وفي حديث علي عليه السلام: " ليس في الإصلاح إيلاء" أي الإيلاء إنما يكون في الضرار والغضب لا في النفع والرضا. [3]

أما شرعا: فهل له حقيقة شرعيّة؟ المعروف بين الأصوليين أن العقود والايقاعات ليس لها حقائق شرعيّة، بل هي حقائق لغويّة عرفيّة، وقد كان الإيلاء طلاقا في الجاهليّة كالظهار.

يقول صاحب الجواهر (ره): الإيلاء...: وشرعا حلف الزوج على ترك وطء زوجته الدائمة المدخول بها قبلا أو مطلقا مقيدا بالزيادة على الأربعة أشهر أو مطلقا للإضرار بها، كما ستسمع تفصيل ذلك كله إنشاء الله.

والأصل فيه قوله تعالى: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم * وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" بل منها يستفاد الوجه في جملة من أحكامه الآتية. [4]

وقد كان طلاقا في الجاهلية كالظهار، فغيَّر الشارع حكمه، وجعل له أحكاما خاصة إن جمع شرائطه، وإلا فهو يمين يعتبر فيه ما يعتبر في اليمين، وحينئذ فكل موضع لا ينعقد إيلاءً مع اجتماع شرائط اليمين يكون يمينا، كما ذكره غير واحد، بل أرسلوه إرسال المسلمات وإن كان قد يناقش بأن المتجه عدم ترتب أحكام اليمين عليه، لأنه قصد به الايلاء، والفرض عدم انعقاده، فما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد.

لكن قد يدفع بأن الايلاء فرد من مطلق اليمين، ويشخصه مورده لا قصده، إذ الذي ذكروه في الفرق بينه وبين اليمين مع اشتراكهما في أصل الحلف والكفارة الخاصة جواز مخالفته في الايلاء، بل وجوبها على وجه ولو تخييرا مع الكفارة، دون اليمين المطلقة، وعدم اشتراط انعقاده مع تعلقه بالمباح بأولويته دينا أو دنيا أو تساوي طرفيه، بخلاف مطلق اليمين، واشتراطه بدوام الزوجة كما ستعرف دونه، وانحلال اليمين على ترك وطئها بالوطء دبرا مع الكفارة دون الايلاء، وهي أجمع بعد الاغضاء عن المناقشة في بعضها أحكام لا تغير ماهيته. [5]

 


[3] قيل انه في اليمين يشترط ان يكون متعلّقه راجحا إلا في يمين واحد، كان إذا راجحا لا ينعقد أو ليس له اثر، يجب ان يكون اليمين متعلّق بمرجوح وهو الإيلاء، فان كان الإيلاء بقصد الاضرار قالوا ينعقد بعكس ما إذا كان يقصد الاصلاح لا ينعقد.
[4] استطراد: في النحو عود الشيء على بعض العام كما في: " وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً " سورة البقرة 228. المطلقات مطلقة وبعولتهن في الرجعيّة، هل بعولتهن تصلح لتخصيص وتقيد المطلقات، أو تبقى المطلقات على العموم ويكون من باب الاستخدام. رجحنا البقاء على العموم إلا إذا كانت هناك قرائن خاصّة. وهنا نفس المثال: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم * وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم"، فإن الضمير في يؤلون هو مطلق الأزواج، وان عزموا الطلاق يعني الزوجة دائمة لانه في المتمتع بها ليس هناك طلاق. فهل تصح "ان عزموا الطلاق" ان تكون قيدا "للذين يؤلون من نسائهم" فيشترط في المؤلي ان يكون العقد بالعقد الدائم لا المنقطع. هل تصلح هذه قرينة أو نقدم الاستخدام على العموم؟.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo