< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الظهار.

     صحة التعليق في الظهار.

     الادلة الاخرى لاشتراط التنجيز في العقود.

     اجوبة الادلّة.

 

نعود للكلام عن اشتراط التنجيز في العقود والايقاعات وهل يشترط التنجيز فيها كما هو المشهور المعروف. واحببت ان اذكر ما كتبته في كتابي" وسيلة المتفقهين ج2 "، وذكرنا امس ان الدليل الاول والاهم عندهم هو في لزوم انفكاك اللانشاء عن المنشأ. وقلنا انه ليس هناك انفكاك لان المنشأ ليس هو العقد الفعلي بل هو العقد المعلّق وقد تم العقد المعلّق، وقلنا ان هناك انشاء ولا يجوز انفكاك الانشاء عن المنشأ وهذا امر مسلّم، لكن ما هو المنشأ؟ قالوا ان المنشأ هو البيع ولا بيع فعلي مع التعليق، وإذا قلنا بالبيع مع التعليق لزم انفكاك الانشاء عن المنشأ وهذا محال.

لكن كما قلنا ان كلامهم غير صحيح، لان المنشأ من الاساس لم يكن بيعا فعليا بل انشأت بيعا معلقا وهو بيع، الانشاء والمنشأ موجودان ولم ينفك الانشاء عن المنشأ.

وملخصا بعبارة اخرى: نعم لا يجوز انفكاك الانشاء عن المنشأ، وهنا في التعليق لم ينفك الانشاء عن المنشأ لان المنشأ ليس هو البيع المنجز الفعلي بل هو البيع المعلّق وانا انشأت البيع معلّقا، ووجود البيع المعلّق لا مانع منه، فلا اشكال في ذلك.

نعود للادلة التي استدلوا بها على بطلان التعليق ولا بأس بذكرها من كتاب "وسيلة المتفقهين":

ومنها: أنّ آية وجوب الوفاء بالعقد ﴿اوفوا بالعقود﴾ [1] ظاهرة في العقود الفعلية وليس في المعلّقة كما في كل الخطابات. مثلا: "اكرم العالم" موضوع القضية العالم والمراد منه العالم الفعلي وليس من سيصبح عالما. واستطرادا: هناك كلام بين الفارابي وبين ابن سينا في مسألة موضوعات القضايا الحمليّة أو الانشائية، عندما أقول: "اكرم العالم" هل موضوع الحكم هو العالم بالإمكان أو العالم بالفعل. فالفارابي ذهب إلى العالم بالإمكان، وابن سينا ذهب إلى العالم بالفعل.

بعبارة أخرى: هل موضوعات القضايا الحمليّة أو الانشائية هل هي مأخوذة على نحو الإمكان أي ما يمكن ان يكون عالما هذا قول الفارابي أو مأخوذة على نحو القضايا الفعليّة أي ما هو فعلا عالم وهذا قول ابن سينا.

لذلك بناء على قول ابن سينا في " اوفوا العقود " وهو المتداول بين الأصوليين والمناطقة والفلاسفة ان موضوعات القضاية مأخوذة على نحو الفعلية، إذا الموضوع في " اوفوا بالعقود " هو العقد الفعلي فلو كان معلقا لا يجب الوفاء به. ولو لم يكن منجزا لما وجب الوفاء به.

ويجاب: بأن ظهوره في الفعلي هو مقابل القول بظهوره في الإمكاني كما عليه الفارابي وليس مقابل المعلَّق. ومن هنا فوجوب الوفاء بالعقد يشمل العقود المعلَّق منها والمنجَّز. أي ان العقد كما هو يجب الوفاء به بكامل شرائطه واجزائه وشراشيره، فلو كان معلقا كان وجوب الوفاء به معلقا ولو كان منجزا كان وجوب الوفاء به منجزا.

وللتوضيح: عندما استدلوا على اصالة اللزوم في العقود، قالوا ان الأصل في العقود ان يكون لازما فلو شككنا في عقد ما انه لازم أو جائز فالأصل اللزوم، ومن جملة الادلّة المشهورة هو " اوفوا بالعقود " لانه عبارة عن لزوم الوفاء بالعقد أي لا يجوز لك الفسخ وليس لك خيار فيجب الالتزام بالعقد.

العلاّمة الحلّي (ره) لم يرتضي هذا الدليل ونحن نؤيّده أيضا وبالوجدان حيث قال أن " اوفوا بالعقود " تعني الوفاء بالعقود كما هي، أي إذا كان في العقد شروط تكون مشروطة، وإذا كانت مطلقة فهي مطلقة. وأيضا فإذا كان العقد جائزا اوف به جائزا أي التزم بمتعلّق العقد كما هو، فـ " اوفوا بالعقود " لا تدل على اللزوم أو عدمه وهي اجنبيّ عن الموضوع كليّا، لان اللزوم والجواز هي من صفات العقد قبل تعلّق الأمر بالوفاء به.

نعم "اوفوا بالعقود " تدل على أصالة الصحّة أي انه معتبر ويترب عليه الاثر، لأنه لو لم يكن صحيحا لما وجب الوفاء به، والصحة شيء واللزوم شيء آخر.

ومنها: انصراف أدلة العقود إلى خصوص المنجَّز دون المعلَّق.

وأجيب: أنه كيف يتم هذا الإنصراف مع كثرة التعليق عرفا وشرعا في العقود والإيقاعات، كما في الوصية واليمين والعهد والنذر والتدبير.

ومنها: الإجماع على ان العقد لا يكون إلا منجزا.

وأجيب: بأنه على فرض تحصيله مدركي، لاحتمال استناد المجمعين إلى بعض الوجوه المذكورة سابقا. بالإضافة اننا لا نسلّم بالاجماع لا كبرى ولا صغرى. فقد رأيت من بعض الفقهاء السابقين (ره) الذي شرفنا الله بلقائهم عدم اقتناعه باشتراط التنجيز.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo