< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

45/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الظهار.

     كفارة الظهار.

     الروايات قسم فيه سقوط الكفارة، وقسم آخر فيه عدم ثبوت الكفارة، وتحمل روايات السقوط عليها.

     القول الثاني وهو ثبوت الكفارة إن اراد الوطء، وادلته، وهو المشهور والمختار.

 

نعود للرواية التي ذكرناها امس التي قد توحي ان الكفارة تثبت بمجرّد التلفظ:

ح 4 – الصدوق باسناده عن ابن محبوب (ذكرنا في "الوجيز" ان هذا السند صحيح) عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دارج، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: سألناه عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفارة؟ قال: إذا أراد أن يواقع امرأته؟ قلت: فإن طلقها قبل أن يواقعها أعليه كفارة؟ قال: لا سقطت عنه الكفارة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وكذا الذي قبله، ورواه الصدوق بإسناده عن جميل بن دراج مثله.

فكأن الكفارة كانت متعلّقة ورفعها ولم يدفعها، وفرق بين الدفع والرفع، في الدفع الموضوع من اساسه ينتفي، بخلاف الرفع يثبت ثم ينتفي. فكلمة "سقطت " توحي بأنها كانت ثابتة ورفعت.

من حيث السند صحيح.

ومن حيث الدلالة: فالظاهر من كلمة " سقطت " أن الكفارة كانت ثابتة ثم سقطت بالطلاق.

وفيه: إن الروايات على قسمين: قسم فيه سقوط الكفارة، وقسم آخر فيه عدم ثبوت الكفارة.

والقسم الثاني صالح لأن يكون قرينة على كون المراد من الأول هو توهم ثبوت الكفارة فإن القسم الاول يحتمل فيه أمران: سقوط الكفارة بمعنى سقوط الثابت، ويحتمل أيضا أن تكون بمعنى عدم ثبوتها بخلاف المتوهّم لوجود الكفارة، ويؤيّد ذلك إخطار الآية الكريمة " من قبل أن يتماسّا " بأن إرادة العود شرط في ثبوت الكفارة.

بل في بعض الروايات عدم ثبوتها بمجرّد التلّفظ صراحة: ففي الوسائل ح 5 – وهو خبر علي بن مهزيار: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار قال: كتب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك إن بعض مواليك يزعم أن الرجل إذا تكلم بالظهار وجبت عليه الكفارة حنث أو لم يحنث، ويقول: حنثه كلامه بالظهار وإنما جعلت عليه الكفارة عقوبة لكلامه، وبعضهم يزعم أن الكفارة لا تلزمه حتى يحنث في الشيء الذي حلف عليه فإن حنث وجبت عليه الكفارة وإلا فلا كفارة عليه، فوقع بخطه عليه السلام: لا تجب الكفارة حتى يجب الحنث. ورواه الشيخ باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أحمد، عن محمد بن عبد الله.

أقول (الحر العاملي): الحنث هنا محمول على إرادة مخالفة الظهار وقصد الوطء كما يظهر من السؤال، وحمله الشيخ على مجرد التعليق بالشرط ويجوز حمله على التقية. [1]

يقول الفقير إلى رحمة ربه والسداد: بل الظاهر ان الحنث هو بالوطء لا بمجرّد الارادة.

القول الثاني: ثبوت الكفارة عند إرادة الوطء:

يعني أن موضوع الكفارة مركب من أمرين: من التلفظ والارادة.

يقول في الجواهر: "لا تجب الكفارة بالتلفظ وإنما تجب بالعود، والمشهور أنه هو إرادة استباحة الوطء، بل قيل أنه يظهر من التبيان، ومجمع البيان، وغيرهما الاتفاق عليه ". [2]

والفرق بين الاتفاق والاجماع: ان الاتفاق لا يستكشف منه رأي المعصوم، بخلاف الاجماع الذي يستكشف منه رأي المعصوم.

واستدل للقول الثاني بالروايات:

منها: صحيح جميل السابق ذكره ح 4: " فقال: " إذا أراد أن يواقعها ".

ومنها: الوسائل: ح 4- حمد بن الحسن باسناده عن الحسين بن سعيد (السند صحيح)، عن أبي المغرا، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يظاهر من امرأته ثم يريد أن يتم على طلاقها، قال: ليس عليه كفارة، قلت: إن أراد أن يمسها؟ قال: لا يمسها حتى يكفر، قلت: فان فعل فعليه شيء؟ قال: إي والله إنه لآثم ظالم، قلت: عليه كفارة غير الأولى؟ قال: نعم يعتق أيضا رقبة. [3]

فان تعدد الكفارة صريح بكون الشرط هو إرادة الوطء وليس نفس الوطء، هذا بالاضافة إلى اشعار الآية الكريمة بذلك.

وهذا هو المختار وهو ان موضوع الكفارة مركب من أمرين: التلفظ وارادة الوطء.

القول الثالث: ثبوتها بالوطء نفسه: واستدل له بالروايات:

الوسائل ح 2- الشيخ باسناده عن احمد بن محمد بن عيسى (لا يبعد توثيق الاسناد) عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، وعن الرزاز عن أيوب بن نوح جميعا، عن صفوان، عن أبي عيينة، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إني ظاهرت من أم ولدي ثم وقعت عليها ثم كفرت، فقال: هكذا يصنع الرجل الفقيه إذا وقع كفر. [4]

من حيث الدلالة: فهي تدل بمفهوم الشرط على عدم الكفارة عند عدم الوطء، لكن لا يبعد ثبوت الكفارة عليه بعد الوطء، من دون نظر إلى ما قبل الوطء، بل يحتمل قويا إرادة ثبوت الكفارة عند إرادة الوطء.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo