< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/11/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخَلع.

     تعريف الخَلع: لغة هو النزع، وبالضم خُلع، اسم مصدر مثل غَسْل وغُسل، ويقال بالكسر. وشرعا إبانة الزوجة على ما تفتدي به نفسها من الزوج.

     هل الخلع قسم من أقسام الطلاق، أم هو أمر آخر؟

     ما يستدل به على القول الثاني أي انه غير الطلاق.

 

الخلع: الكلام في التعريف ومشروعيّته والصيغة والشروط والأحكام والفدية. واطلب منكم بالدعاء للسداد في أخذ الآراء.

تعريفه: الخلع لغة: النزع. والخُلع اسم مصدر من الخلع، كالغَسْل والغُسل، وفي لسان العرب بكسر الخاء أيضا.

وفي الاصطلاح: إبانة الزوجة على مال تفتدي به نفسها من الزوج.

والخلع طلاق كما هو المعروف، نعم قيل إنه ليس بطلاق، بل أمر آخر يتم بمجرّد قولها: في الحديث " لا أبر لك قسما ولا أطيع لك أمرا ولا أغتسل لك من جنابة .... " كما في صحيحة الحلبي.

ففي الوسائل ح 3 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يحل خلعها حتى تقول لزوجها: والله لا أبر لك قسما ولا أطيع لك أمرا ولا أغتسل لك من جنابة ولأوطين فراشك ولآذنن عليك بغير إذنك، وقد كان الناس يرخصون فيما دون هذا، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حل له ما أخذ منها. الحديث. ورواه الصدوق بإسناده عن حماد مثله، وزاد: وقال عليه السلام: يكون الكلام من عندها يعني من غير أن تعلم. [1]

من حيث السند: صحيحة واعلائيّة.

ومن حيث الدلالة: قوله " لا يحل خلعها " أي لا يصح. وقوله " وقد كان الناس يرخصون فيما دون هذا " أي انه إذا وصلت إلى حالة دون ما ذكر تختلع. وأيضا تؤيد ان المراد ليس نفس هذه الألفاظ بل هي وصولها إلى حالة معينة من الكره الشديد فتكون موضوعا للخلع.

استظهر بعضهم أنه بمجرّد أن تقول المرأة هذا الكلام فقد تمّ خلعها، أي ليست الرواية في مقام بيان موضوع، بل بيان انها إذا قالت هذا اللفظ تم الخلع. ولا تحتاج إلى صيغة أو طلاق، ولذا فالخاع أمر آخر غير الطلاق فلا تتبعها احكامه.

والجواب: أن هذا بيان لموضوع الخلع. بل يدّل عليه صدر الرواية: " لا يحلّ خلعها حتى تقول لزوجها ". ظاهر الكلام ان ما بعد "حتى" هي غاية، وهي تختلف عن المغيّا أي أن الخلع يكون في مرحلة لاحقة، المغيّا ثم تأتي الغاية، فقول الزوجة غير خلعها، هما شيئان وليسا شيئا واحدا.

ونسب إلى بعض العامة أن الخلع فسخ كما في ذكر ذلك في جواهر الكلام للشيخ النجفي. والمشهور ان الخلع طلاق، ولهذا ثمرة مهمّة في الاحكام، فإذا كان طلاقا يلحقه احكام الطلاق، وإلا فله احكام أخرى.

فإذا شككنا في حكم أو شرط أو غير ذلك فهل نرجع للطلاق أو لأمر آخر، ونحتاج إلى أدلّة أخرى غير أدلّة الطلاق؟.

لكن المفهوم من قضيّة عامر بن الظرب في الجاهلية عندما قال لابنته: " ففراق الخلع أحسن من الطلاق " [2] قد يفهم منها ان الخلع غير الطلاق.

هناك درس في الاصول له الأهمية القصوى وهي مسألة الحقيقة اللغوية والشرعيّة، لانه إذا قلنا بالحقيقة اللغوية عملنا باللغة وبعد تطبيق العنوان اللغوي نطرد كل الشروط والاجزاء المحتملة.

هنا نقول ان الخلع ليس اختراعا شرعيا أي ليس حقيقة شرعيّة، بل كان موجودا في الجاهليّة كما ذكر بعض الباحثين، واقرّه الشارع واستعمله كما في لفظ النكاح والبيع والعقود. ولما كان الخلع حقيقة لغويّة فإننا نأخذ بالمعنى اللغوي حينئذ، وظاهر قضيّة عامر بن الظرب ان الخلع شيء والطلاق شيء آخر، لقوله لابنته " ففراق الخلع أحسن من فراق الطلاق " بل قد يظهر ذلك من بعض النصوص كصحيح سليمان بن خالد: الوسائل ح 8 – محمد بن الحسن بإسناده (صحيح) عن أحمد بن محمد بن عيسى (ثقة)، عن ابن أبي عمير، عن سليمان ابن خالد (الاقطع، كان مع زيد بن علي بن الحسين (ع) وافلت، ونقل الكشي توثيقه) قال: قلت: أرأيت إن هو طلقها بعد ما خلعها أيجوز عليها؟ قال: ولم يطلقها وقد كفاه الخلع، ولو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقا. [3]

في الدلالة: " ان هو طلقها بعد ما خلعها " يستفاد أن الطلاق غير الخلع. وقوله: " ولو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقا " أي كفاية الخلع.

الروايات تدل: الأولى: " ففراق الخلع أحسن من الطلاق " ظاهرها التغاير، ثانيا: " ان هو طلقها بعد ما خلعها " أيضا تدل على التغاير، ثالثا: " ولِمَ يطلقُها وقد كفاه الخلع " و " ولو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقا " عدّة فقرات تدل على اختلاف الخلع عن الطلاق وهما امران متغايران وليس ان الخلع طلاق.

لكن سنرى أن المشهور أن الخلع طلاق وليس أمرا آخر كما قد يذهب بعضهم اليه لان هناك بعض ما يمكن الاستناد اليه.

وذكرنا ان بعض الباحثين ذكر ان الخلع كان طلاقا في الجاهليّة وبناء على الحقيقة اللغوية وما نقول به والاصوليين يقولون به، وهذا يعني ان نأخذ المعنى الذي كان عند أهل اللغة ونطبّقه. وقلنا ان لهذا ثمرات في السبب والمتعلّق والمفهوم والاجزاء والشرائط فأخذها الشارع، والاسقاط وجعلها أمرا آخر هو الذي يحتاج إلى دليل. [4]

 


[4] ردا على سؤال احد الطلبة الافاضل ان كثرة الاستعمال حولت المعنى إلى حقيقة شرعيّة وهذا ينطبق على الخلع: الجواب: ذكرنا بحث هذه المسألة في مسألة الحقيقة الشرعيّة واللغويّة. اختلفوا في سبب نقل اللفظ من المعنى اللغوي إلى المعنى الشرعي، فقيل بكثرة الاستعمال، وقيل بمجرد الاستعمال، وقيل غير ذلك، ونحن لا نقول بالحقيقة الشرعيّة أصلا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo