< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/10/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفقود واحكامه: تلخيص مسألة المفقود المعلوم حياته التي تخاف زوجته من الوقوع في المعصيّة، هل للحاكم طلاقها؟

     فرع: لو أخلّ الرجل بالحقوق الجنسيّة من دون خوفها الوقوع في المعصيّة، فهل على الزوج أن يطلّقها، أو يطلّقها الحاكم؟

     حالتان: الأولى: ان يكون متعمدا أذيتها فهذا لا ينطبق عليه قوله تعالى: " وعاشرهنّ بالمعروف " ويجوز للحاكم طلاقها.

     الحالة الثانية: عدم تعمّد إعطاء رغبتها الجنسيّة، مع عدم خوفها من الوقوع في المعصيّة، وهذه لا يحق للحاكم طلاقها، ولعلّها هي المرادة من قوله (ع): " لقد ابتليت فلتصبر " و " ليس لها ولا كرامة ".

 

إذن النتيجة: الزوجة المفقود زوجها المعلوم حياته وقد خافت على نفسها من الوقوع في المعصية يجوز للحاكم أن يطلب من وليّه طلاقها، وذلك في صورة واحدة وهي خوف الوقوع في المعصية، دون غيرها، والمقصود من الخوف الخوف الواقعي الحقيقي المعتد به عقلائيا. كما ذكر بعض الاكابر (ره) وأنكر السيد الخوئي (ره) وآخرون ذلك.

فرع: لو أخلّ الزوج بحقوق الزوجة الجنسيّة من دون خوفها الوقوع في المعصية، فهل يجب على الزوج أن يطلّقها وإلا طلقها الحاكم؟

هنا حالتان:

الحالة الأولى: أن يكون متعمدا الاخلال، مثلا أن يواقعها كل أربعة أشهر مرّة متعمدا أذيتها.

والذي أراه وأسأل الله السداد جواز طلاق الحاكم لو طلبته فان ما يفعله مع التعمّد يخالف قوله تعالى: ) وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ( [1] ، التي هي سقف تصطدم فيه كل الاحكام الشرعيّة وهو حاكم ومقدّم عليها وليس العكس، فهناك أمور حاكمة وعمومات غير قابلة للتخصيص. [2] الله عز وجل لا يمكن ان يجعل أمرا يخالف عاشروهنّ بالمعروف، ومن جملة العشرة بالمعروف ان يعطيها حقّها الطبيعي.

الاربعة أشهر بيان لحد لكن ما دون ذلك هناك رغبات،كل مرأة في الدنيا إلا النادر لها رغبات في اكثر من كل اربعة اشهر إلا النوادر خاصة في حال الشباب، لذلك فصلت بين امرين: تارة يكون متعمدا لذلك يريد الاذيّة ومنعها من الرغبة، فهذه ليست معاشرة بالمعروف التي هي سقف مقدّم على كل الاحكام. وحينئذ لم يمتثل لقوله تعالى: " وعاشروهنّ بالمعروف " فإما ان يدّعى لزوم حكم وضعي وهو جواز الطلاق للآية الكريمة لزوما بينا بالمعنى الأخص. أي يعنى للحاكم ان يقلقها او هي تطلق نفسها، إذ من شؤون الحاكم تنفيذ شرع الله عز وجل بطرق الأقرب فالأقرب.

وإما أن نطبق قاعدة تبادل الحقوق التي ذكرناها واسسناها، والظاهر صحة انطباق هذه القاعدة، بل انطباقها هنا وجداني لا يحتاج إلى تكلّف الدليل، فان العشرة بالمعروف من الأمور الشرعيّة الارتكازيّة عند المتشرّعة.

النتيجة في الحالة الاولى: لو أخلّ في هذه الحالة فللحاكم أن يطلّقها.

الحالة الثانية: لو أخل من دون تعمّد لذلك، بل كانت طبيعته ذلك أو سجيّته: فان لا يعتبر عاصيا للآية الكريمة " عاشروهنّ بالعروف " فهو باق تحت سقف هذه الآية، وطالما أعطاها الحدّ الأدنى، وطالما لا تخاف من الوقوع في المعصية، فالظاهر ان هذه الزوجة هي المقصودة بقوله (ع) من الرواية " لقد ابتليت فلتصبر " و " ليس لها ولا كرامة ". هذه المرأة تستطيع ان تصبر ولا تخاف الوقوع في المعصية، وزوجها لا يتعمّد الاذيّة، هذه الأمور غير موجودة فلا مبرر لطلاقها من الحاكم أو غيره، إلا ان تكون هي من نوع النساء الذواقة كما في الرجل الذواق كما ذكر في الرواية، ولعلّ هذا هو المراد من قول الإمام (ع) لهذه الحالة " لقد ابتليت فلتصبر " و " ليس لها ولا كرامة ".

النتيجة: في الحالة الثانية عند عدم التعمّد: استبعاد صحة طلاق الحاكم.

إذن في الفرع الذي ذكرناه لو اخلّ الزوج بحقوق الزوجة الجنسية من دون خوفها من الوقوع في المعصية لها حالتان: حالة التعمّد يجب ان يطلّقها وإلا يجوز للحاكم طلاقها بناء على معارضتها للكبرى الكليّة " وعاشروهنّ بالمعروف ". والحالة الأخرى ان لا يكون متعمّدا لذلك لا يجب على الزوج طلاقها ولا للحاكم ان يطلقها، وقلنا ان هذا هو معنى " لقد ابتليت فلتصبر " و " ليس لها ولا كرامة " الذي قال بعضهم ان هذا اللفظ فيه قساوة فليس لسان الامام (ع)، فإذا كانت المرأة ذواقة فان وصف الامام حينئذ ردع وارشاد للتعقل، فيكون هذا هو مورد لسان الامام (ع).

طبعا هذا ليس جمعا تبرعيا كما قد يشكل، بل هو جمع مع الآية القرآنيّة " وعاشروهنّ بالمعروف " كلي يآبى عن التخصيص، وهو جمع مع ما ورد في الرواية، لذلك قلنا ان هناك حالتين: متعمّد وغير متعمّد.

 


[2] العمومات على قسمين: قسم قابل للتخصيص كـ " اوفوا بالعقود " " واحل الله البيع " هذه العمومات كلها تخصص. وهناك قسم غير قابل للتخصيص، عُبّر عنه بانه آب عن التخصيص أي نص في العموم، مثلا: قول الامام (ع): "ما خالف قول ربنا لم نقله " فلا نستطيع ان نخصص هذه الرواية فنقول إلا الرواية الفلانيّة هذه افانها خالفت قول الله وقلناه، هذا غير ممكن بل محال. ومثلا آخر: " كل ما خالف العقل لم نقله " هذا عموم، ثم ياتي تخصيص لبعض المسائل التي تخالف العقل ونقولها، ايضا محال. وايضا قوله تعالى: " اعدلوا هو اقرب للتقوى "، أي " كل عدل حسن " إلا هذا العدل، هذا ايضا محال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo