< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/10/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفقود واحكامه: تلخيص مسألة المفقود المعلوم حياته التي تخاف زوجته من الوقوع في المعصيّة، هل للحاكم طلاقها؟

     الدليل الرابع على صحة طلاق الحاكم: تزاحم الملاكين: حق الزوج والضرر على الزوجة، فيقدّم الأهم.

     اشكال: روايات لقد " ابتليت فلتصبر " مطلقة.

     الجواب: طلب المرأة لحاجتها العاطفيّة والجنسية على نحوين:

النحو الأول: رغبة مع عدم الخوف من الوقوع في المعصيّة.

النحو الثاني: رغبة رفع الخوف.

     روايات لا ضرر حاكمة على روايات " لقد ابتليت فلتصبر ".

     النتيجة: يجوز للحاكم طلاق زوجة المفقود المعلوم حياته إذا خافت من الوقوع في المعصية خوفا جديا ومعتدا به عقلائيا.

 

الدليل الرابع لمن قال بجواز طلاق الحاكم في مسألة المفقود المعلوم حياته الذي تخاف زوجته من الوقوع في المعصيّة:

إن عدم طلاق الزوجة يؤدي إلى ضرر بالغ عليها وهو الوقوع في المعصيّة، فيتزاحم الملاكان:

     الضرر على الزوجة إن بقيت الزوجية.

     والضرر على الزوج إن تمّ الطلاق لأنه تعدّ على حقّه.

والمشهور بين الفقهاء انه عند تزاحم الملاكين يقدّم الأهم، ولا شك أن ملاك عدم الوقوع في المعصية أهم من ملاك حق الزوج.

وابطال عقد الزوجيّة يتمّ بأحد أمرين" إما بالطلاق وإما بالفسخ. والطلاق أنسب، أولا لأنه أقرب لذوق الشارع، حتى أعطى بعض الفقهاء للزواج صفة أن فيه شائبة العبادة، والفسخ لا يناسب العبادة. وأيضا حصروا الفسخ بحالات خاصة جدا بعكس باقي العقود، كحق الفسخ لو تزوجت من فلان على انه من بني فلان فيان خلافه، أو بوجود العيوب السبعة عن المرأة أو الثلاثة عند الرجل، أو في بعض حالات التدليس، لذلك قلنا أن الأنسب هو الطلاق، اما عدم كونه دليلا على عدم جواز الفسخ فلانه حصر إضافي وليس مطلقا حقيقيا.

وثانيا: لان الشارع أناط ابطال الزواج بالطلاق في المفقود زواجها المجهول حياته. قالوا انها تنتظر اربع سنوات ثم يطلّقها الحاكم لم يقولوا ان لها حق الفسخ.

نكرر ان هذه الادلّة لا تصل إلى مرحلة الدليليّة، بل هو أنسبيّة ومؤيّد، ولذا الأنسب في ذوق الشارع في هذه الأمور التي ذكرناها ان يكون للحاكم الطلاق وليس الفسخ والابانة.

اشكال وجواب:

قد يقال: وما نفعل بروايات " لقد ابتليت فلتصبر " و " ليس لها ولا كرامة " وامثالها من أنواع النهي عن هكذا طلب، في جواب من يسأل الامام: " فإنها تريد ما تريد النساء ".

" ليسي لها ولا كرامة " هذا الجواب ليس لسان المعصوم، لسانه كلّه رحمة كما في " لقد ابتليت فلتصبر " [1]

فانه يقال: كتخريج واقعي بحسب الروايات: إن طلب المرأة لحاجتها العاطفيّة والجنسيّة وهو حق طبيعي لها على نحوين:

النحو الأول: طلبها أمر ترغبه وتميل إليه من دون خوف في الوقوع في المعصية. ومن هذا النحو المرأة التي يتوفى زوجها أو يطلّقها فإننا نراهن يصبرن مددا وقد تكون طويلة حتى تتزوج مرّة أخرى. هذا النحو من النساء له رغبة بالطبع لكن بسبب النظرة الاجتماعيّة تمنع نفسها حتى مع وجود الاذيّة النفسيّة، فلا خوف هنا من المعصية.

النحو الثاني: من تخاف الوقوع في المعصية.

الدليل على هذا التقسيم: الروايات المذكورة أي " ابتليت فلتصبر " محكومة بادلّة لا ضرر ولا عسر ولا حرج، لان ادلة لا ضرر أدلة بعناوين ثانويّة حاكمة أي نقدّمها على أدلة أحكام العناوين الاوليّة. فتكون الروايات مختصّة بالنحو الأول، أي حيث لا تخاف الوقوع في المعصيّة، حالة خاصّة كوجود بعض النساء وبعض الرجال في المجتمع " ذواقين " وهم ملعونون لا هم لهم إلا اتباع الشهوات والحرص والولع على أخذ هذه وترك تلك والانتقال من امرأة إلى أخرى. كما ورد في الرواية: " ما من شيء مما أحله الله عز وجل أبغض إليه من الطلاق وإن الله يبغض المطلاق الذواق " [2] وقال ابن الاثير في النهاية: " وقال (عليه السلام): لعن الله الذواق والذواقة "، [3]

ويؤيّد ذلك: أن الخلع لا يصح إلا أن تقول المختلعة لزوجها: " لن أطيع أمرا ولاوطئن فراشك ... " أي وصلت إلى حدود المعاصي، وليس المراد نفس الالفاظ نفسها وألا في أيامنا لا يحصل أي خلع، فإذا تحقق الموضوع وقع الخلع، وليس مجرّد الكراهة تحقق الخلع، فالكراهة على قسمين: كراهة معها صبر، وأخرى بلا صبر.

والنتيجة: الزوجة المفقود زوجها المعلوم حياته يجوز للحاكم أن يطلب من وليّه طلاقها، وإلا طلقها الحاكم، وذلك في صورة واحدة وهي خوف الوقوع في المعصية، دون غيرها، والمقصود من الخوف الخوف الواقعي الحقيقي المعتد به عقلائيا. كما ذكر بعض الاكابر (ره) وأنكر السيد الخوئي (ره) والكثيرون ذلك.

فرع: غدا نكمل ان شاء الله.

 


[1] لسان طيّب، والله عز وجل أمرنا باللسان الطيّب، " الكلمة الطيّبة صدقة ". وقوله الله تعالى: ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ وهذا فن وله أثر في قلوب الناس، الإنسان إذا جرح نفر. لذا قال بعض الفضلاء ان هذا اللسان في قوله (ع): " ليس لها ولا كرامة " لسان توهين وخشونة من المعصوم.
[3] النهاية، ابن الاثير، ج2، ص172.54.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo