< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/10/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفقود واحكامه: تلخيص مسألة المفقود المعلوم حياته التي تخاف زوجته من الوقوع في المعصيّة، هل للحاكم طلاقها؟

     الدليل الثاني على صحة طلاق الحاكم: ان العقد أثره تبادل حقوق، فإن أخل أحد الطرفين كان للطرف الآخر الإخلال.

     الدليل الثالث: الطلاق حقيقة عرفيّة أقرّها الشارع المقدّس، وهو ينطبق عرفا على طلاق الزوج والزوجة والحاكم والولي والوكيل، خرج طلاق الزوجة بدلي، فيبقى الباقي تحت الاطلاق.

وجوابه: إنه طلاق فضولي يحتاج إلى رضا الزوج.

     الدليل الرابع: عدم طلاق الزوجة له ضرر بالغ عليها فيتزاحم الملاكان، فيقدّم الأهم وهو عدم الوقوع في المعصية.

ادلّة من قال بجواز طلاق الحاكم في مسألة المفقود المعلوم حياته الذي تخاف زوجته من الوقوع في المعصيّة:

ما يمكن أن يستدل به أمور [1] :

أ- إن النهي عن المنكر لا يتم إلا بطلاقها وهو من شؤون الحاكم، والنهي عن المنكر واجب وكل نهي بحسبه وطريقته بحسبه، وقد بيّنا الإشكال فيه.

     الدليل الثاني: إن الزواج عقد يتضمّن حقوقا متبادلة [2] ، فإن أخلّ أحد الطرفين بتحقيق ما عليه من حقوق فإن للطرف الآخر حق الاخلال بالتزاماته تجاه الطرف الآخر، وهذا الدليل ليس خاصا بما إذا خافت المرأة الوقوع في المعصية. هذا ما عليه الوجدان والعرف العالمي، وهذا من الأمور اللازمة لمفهوم العقد.

ولما اعتبر الشارع العقود ومنها الزواج اعتبره على ما هو عليه عرفا من دلالات مطابقيّة وتضمنية والتزامية. وهذا من الدلالات الالتزاميّة، اما كيفية الاخلال فهي تختلف من عقد للآخر، فبعض العقود فيها ثلاث خيارات وفي البعض الآخر خيارين، ففي خيار المجلس في عقد البيع لك الحق إما بالفسخ وإما الامضاء، اما في خيار العيب فلك الحق بثلاثة خيارات، إما الفسخ أو الامضاء أو الارش.

فأكثر العقود يكون الطرف الآخر مخيرا بين الفسخ والامضاء، إلا أن الشارع قد أقرّ طريقا آخر في خصوص عقد النكاح وهو الطلاق مع انه يوجد حق الفسخ. والمفروض أن يكون للطرف الآخر في مثل مسألتنا إذا أخل أحد الطرفين بالعقد ثلاث خيارات:

الامضاء والصبر ولو كان فيه أذى للنفس، أو الفسخ (كما في الزواج المدني والمحاكم المدنيّة، ولا يوجد طلاق يخالف الفسخ معنى أو أثرا)، أو الطلاق.

فإذا أمضى فهذا خياره، وأما لو دار الأمر بين الفسخ والطلاق فإننا نجد أن الأقرب إلى ذوق الشارع هو الطلاق لشدّة العلقة الزوجيّة أولا، ولما قيل ان في عقد الزواج شائبة العبادة، ولما هو المشهور من عدم الخروج من الزواج بالشكل السهل وصعوبة الفسخ، ولما ورد في حصر الفسخ في أسباب محدودة كعيوب الرجل أو المرأة أو غير ذلك.

     الدليل الثالث: إن عنوان الطلاق ينطبق لغة على كل من طلاق الزوج وطلاق الزوجة وطلاق الحاكم وطلاق الولي وطلاق الوكيل. فالمفروض ان الشارع المقدّس لما اقرّ الطلاق أقرّ معه كل أقسام الطلاق ولوازمه، فلما وردت كلمة طلاق في القرآن والسنّة يعنى ان الشارع اعتبر الطلاق بعد ثبوت عنوان الطلاق، لذلك طلاق الأجنبي كليا لا قيمة له كما في طلاق الفضولي الذي يحتاج إلى نوع من العلقة.

فإذن الطلاق لغة ينطبق على طلاق الزوج أو الزوجة أو الحاكم أو الولي أو الوكيل، خرج منها طلاق الزوجة بدليل انها " وليت أمر ليست له " يبقى الباقي تحت عنوان الطلاق، فالقاعدة صحة الطلاق وليس بطلانه، والبطلان هو الذي يحتاج إلى دليل.

والجواب: إن طلاق غير الزوج والزوجة هو من الطلاق الفضولي، فيحتاج إلى رضى الزوج - لو قلنا بصحّة طلاق الفضولي – لأنه أحد الطرفين المعنيين، أبطل الشارع طلاق الزوجة، فيبقى طلاق الحاكم، ويتوقف الأثر حينئذ على رضى الزوج. إذن رضى الزوج هو الأساس.

الدليل الرابع: إن عدم طلاق الزوجة يؤدي إلى ضرر بالغ عليها وهو الوقوع في المعصيّة، فيتزاحم الملاكان:

     الضرر على الزوجة إن بقيت الزوجية.

     والضرر على الزوج إن تمّ الطلاق لأنه تعدّ على حقّه.

والمشهور بين الفقهاء انه عند تزاحم الملاكين يقدّم الأهم، ولا شك أن ملاك عدم الوقوع في المعصية أهم من ملاك حق الزوج. وعند تساوي الملاكين يمكن أن نقول أن الحاكم يختار.

وابطال عقد الزوجيّة يتمّ بأحد أمرين" إما بالطلاق وإما بالفسخ. والطلاق أنسب، أولا لأنه أقرب لذوق الشارع، حتى أعطى بعض الفقهاء للزواج صفة أن فيه شائبة العبادة، والفسخ لا يناسب العبادة. وأيضا حصروا الفسخ بحالات خاصة جدا بعكس باقي العقود. كحق الفسخ عند وجود أمراض، أو لو تزوجت من فلان على انه من بني فلان، أو بوجود العيوب السبعة عن المرأة أو الثلاثة عند الرجل، أو في بعض حالات التدليس، لذلك قلنا أن الأنسب هو الطلاق، مع العلم ان الفسخ لا ينحصر بهذه الحالات بل هو اشمل.

وثانيا: لان الشارع أناط ابطال الزواج بالطلاق في المعقود زواجها المجهول حياته.

 


[1] كان التعبير بـ " ما امكن ان يستدل به " لأني لم أجد على حج اطلاعي بحثا مستوفيا في المسألة.
[2] رسول الله (ص) عقد عقد صلح مع خزاعة ولم يكن جزء منهم قد دخل في الاسلام، فالعقد حقوق متبادلة حتى مع الكفار وغيرهم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo