< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/10/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفقود واحكامه: تلخيص مسألة المفقود المعلوم حياته التي تخاف زوجته من الوقوع في المعصيّة، هل للحاكم طلاقها؟

     ما يمكن ان يستدل به لعدم صحّة طلاق الحاكم في هذه المسألة.

 

تلخيص مسألة المفقود المعلوم حياته التي تخاف زوجته من الوقوع في المعصيّة، هل للحاكم طلاقها؟ فيها كلام:

أدلّة من قال بعدم جواز طلاق الحاكم أو ما يمكن أن يستدّل به:

     إن الطلاق بيد الزوج حصرا، ولا نخرج عن هذه القاعدة أو الحكم العام إلا بدليل، اشك في خروج طلاق الحاكم في هذه الصورة فنبقى تحت العام وهو ان الطلاق بيد الزوج، ولا دليل على صحّة طلاق الحاكم في هذه الحالة، فتكون مشمولة للعام، وبالتالي لا يصح طلاق الحاكم هنا.

     إن الطلاق مفهوم لغوي، - اشتهر بين الاصوليين بمعظمهم انه في المعاملات لا توجد حقائق شرعيّة بل كلها حقائق لغويّة - وكان العرب قبل الإسلام (أي أهل اللغة) يجعلون الطلاق بيد الزوج دون الزوجة أو غيرها، فهنا تقع شبهة مفهوميّة في مفهوم معنى الطلاق لغة، هل يصح الطلاق من غير الزوج أو لا؟ فيدور بين الأقل والأكثر فنقتصر على القدر المتيقّن وهو اعتبار الشارع لخصوص ما كان عندهم وهو خصوص طلاق الزوج، ونشك في شمول لفظ الطلاق لمثل مسألتنا، فلا يكون طلاق الحاكم هنا طلاقا عرفا إذ لا نحرز ذلك، فلا يكون معتبرا شرعا لانه بعد ثبوت المعنى اللغوي نبحث عن اعتبار الشارع له، لأن اعتبار الشارع متأخر عن ثبوت المعنى لغة.

     عند الشك في صحّة طلاق الحاكم ووصولنا إلى الأصل العملي، فالأصل العملي هنا هو استصحاب بقاء العلقة الزوجيّة، وبالتالي فساد الطلاق من الحاكم وغيره.

الإجابة عن هذه الأدلّة الثلاثة:

اما الأول أي الطلاق بيد الزوج حصرا: فلو سلّمنا بالقاعدة، ولكن توجد بعض الأدلّة على جواز طلاق الحاكم في هذه الحالة، هذا أولا.

وثانيا: أننا لا نسلّم بأن حصر الطلاق بيد الزوج له دخالة في مفهوم الطلاق حتى عرفا في المفهوم اللغوي، فالتسبيب ليس له علاقة في نفس المفهوم. ذلك أن ما يستدل به على حصر الطلاق بيد الزوج وكونه له دخالة في المفهوم أمور:

     القرآن الكريم: فان القرآن قد اسند الطلاق إلى الزوج أو إلى جماعة الذكور: ﴿إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ﴾ [1] وغيرها.

وفيه: أنه إسناد بحسب الغالبية أو المتداول بين الناس، ولا ظهور في دخالته في المفهوم، أو أنه من باب التغليب.

     الروايات: منها: " الطلاق بيد من أخذ بالساق".

وفيه: انه مخدوش سندا.

نعم اشتهرت روايته بل والعمل به والشهرة العمليّة جابرة لضعف الرواية، لكننا لا نقول بهذه القاعدة.

ومن الروايات: " فإنها وليّت امرا ليست أهلا له " الرواية معتبرة سندا، لكن تدل على عدم صحّة الطلاق منها شرعا، أي ان الشارع أقر الطلاق نعم تدخل بالمعنى اللغوي واشترط عدم صدور الطلاق منها لصحّته، لكنه لا يدّل على نفي الصحّة عن طلاق غير الزوجة، ومنه طلاق الحاكم والولي والوكيل، لا من قريب ولا من بعيد.

     الإجماع على انحصار الطلاق بيد الزوج.

وفيه: إشكال في الصغرى والكبرى.

أما الكبرى فقد بيّنا سابقا من اننا درسنا في علم الأصول أن الإجماع لا دليل على حجيّته، وان كان في النفس شيء عند المخالفة، ولقد أجاد الشيخ الأعظم الانصاري (ره) عندما صدّر بحثه عن الاجماع بقوله: " هم أصلا له وهو أصل لهم ".

وأما الصغرى: فكيف تتم دعوى الإجماع مع فتوى بعضهم – ومنهم هذا الكبير المنقول عنه – بصحّة طلاق الحاكم، وكذلك مع ثبوت طلاق الحاكم في عدّة موارد.

ثم إن الإجماع دليل لبيّ يقتصر فيه على القدر المتيقّن، والإجماع المتيقّن هو كون الطلاق بيد الرجل دون غيره من زوجة أو حاكم أو وكيل أو غيرهم، في الحالة الطبيعيّة، أما في مثل حالتنا وهي خوف الزوجة في الوقوع في المعصية مع بقاء الزوجيّة فأننا نشك في شمول الإجماع له.

     أصالة فساد طلاق الحاكم وغيره:

وفيه: انه أصل عملي لا يجري مع الأدلّة التي ساقوها على صحّة طلاق الحاكم، نعم لو كانت ادلّتهم غير تامّة جرى هذا الأصل وحكمنا بفساد طلاق الحاكم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo