< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/08/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفقود واحكامه: أدلّة من قال بصحّة طلاق الحاكم.

     الكلام في قاعدة: إذا أخلّ أحد الطرفين بالتزاماته تجاه الآخر كان للآخر حق الانسحاب من العقد، والكلام في خصوص القسم الثاني من الآثار، أي الآثار التي من مقتضى العقد.

     الفرق بين الشرط الفلسفي والشرط العرفي في العقود.

     في العرف إذا أخلّ أحد الطرفين بما يجب عليه من حقوق للآخر كان للآخر حق الفسخ.

     في الزواج يكون له حق ابطال مفاعيل العقد إما بالطلاق وإما بالفسخ.

 

قلنا ان الآثار قسمان: قسم يؤدي انتفاؤه إلى انتفاء العقد، وهذا ما يعبرون عنه بانه مخالف لمقتضى العقد، وقسم لا يؤدي انتفاؤه إلى انتفاء العقد. وكلامنا في القسم الثاني مثلا إذا اشترط عدم النفقة أو الإرث لا يعتبر منافيا لمقتضى عقد الزواج. وكلامنا في القسم الثاني.

والقاعدة التي نبحثها هي: هل عدم الوفاء بالحق في هذا القسم الثاني يؤدي إلى جواز فسخ العقد وابطاله؟

نقول: إن العقد هو رباط إرادتين لتبادل الحقوق والآثار [1] ، وهذا هو جوهر مقصد العقد عرفا، وثبوته شرعا ولذلك قال ) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ( [2] اي تكون وفيا بأداء الحق الذي عليك [3] .

ويأتي السؤال هذه الحقوق العرفيّة والشرعيّة لو أخلّ بها أحد الطرفين ما هو الحكم فيها؟

بالرجوع إلى وجداننا وان العقد حقيقة لغويّة وعرفيّة عقلائيّة، الا تجدون ان العقلاء في كل العقود يرون حينئذ جواز الفسخ. فاخلال احد الطرفين يؤدي إلى جواز فسخ الآخر ويبقى العقد صحيحا، والتعبير المعاصر لي الحق بابطال العقد عند عدم وفاء الآخر بالتزاماته كما في الخيارات لي الحق بالفسخ أو البقاء. فإن كل العقود والعهود في العالَم مبنية على ذلك [4] . فالعقد اختراع عرفي فلنرجع فيه للناس. وبهذا نعود لمسألتنا التي ذكرناها في المنحى للتفكير الاصولي بان تعود كل مسألة وتوضع في خانتها، فالشرط في العقود هو امر عرفي فنضعهل في خانة المسائل العرفيّة، ويكون المرجعا فيها هو العرف والشرط في الفلسفة أي الجزء خانة عقليّة نرجع فيها للعقل.

وعليه، فلو أن رجلا أخلّ بالوطء أو النفقة أو العشرة الحسنة، أو أن امرأة أخلّت بامتاع زوجها أو طاعته بالمعروف، لكان للطرف الآخر الطلاق أو الفسح في الاسلام، وفي غيره ابطال العقد. هذه هي القاعدة العرفيّة العرف العقلائي، وما كان عرفا كان شرعا كما بيّناه مرارا أي هذه هي القاعدة، والخروج عنها يحتاج إلى دليل.

وعليه، فالقاعدة أن يكون للزوجة أو الزوج حق الطلاق أو الفسخ لابطال مفاعيل العقد في حال اخلّ الطرف الآخر، إلا أن يقوم دليل على خلاف ذلك، ولكن لم نجد دليلا على خلاف ذلك إلا استصحاب الحالة السابقة أي الزوجيّة، لكنه أصل عملي لا يجري مع جريان القاعدة.

اما الحديث الشريف: " الطلاق بيد من اخذ بالساق " ومثاله ياتي بحثه لاحقا.

 


[1] المعروف والمشهور والمعمول به في صيغة عقد الزواج الإيجاب والقبول، لكن قلنا انها لا تنحصر بهما أو باللفظ أو بالعربيّة ويمكن ان يشمل الحركة لان الانشاء يتم باللفظ وبالفعل، فكل ما يربط ارادتين فهو عقد، لذلك قلنا ان كلمة " اعلنكما زوجين " هي عقد وكل ما في الأمر ان الرابط غير الزوجين فليكن، فهذا عقد عرفا، لان العقد كلمة لغويّة عرفيّة وليست حقيقة شرعيّة. والغاية والمقصد من الربط عقلائيا تبادل الحقوق والآثار.
[3] وقلنا ان " اوفوا بالعقود " لا تدل على اللزوم، بل قلنا انه يجب عليك الوفاء بالعقد كما هو، أي اعطي الحق فان كان لازما فلازما وان كان جائزا فجائزا وبشروطه، فـ " اوفوا بالعقود " ناظرة إلى هذه اللوازم والحقوق.
[4] اما مسألة المشروط ينتفي عند عدم شرطه كما ورد في الفلسفة فهي تختلف عن الشرط العرفي، انتفاء الشرط في الفلسفة يؤدي إلى انتفاء المشروط، اما في العرف أي الشرط العرفي فهو لا يؤدي إلى انتفاء العقد، بل إلى خيار الفسخ، فالشرط في العقد ليس جزء العلّة كما في الفلسفة، في الفلسفة هناك أربعة أجزاء للعلّة: المقتضى والمعد والشرط وعدم المانع. إذا انتفى أحدها انتفى المعلول، اما في الشرط العرفي الشرط ليس شرطا في تحقيق العقد وهو نوع من الدوافع، وهو التزام، لأنه ليس شرطا في وجود العقد، الشرط التزام ضمن العقد، اعتبره العرف، ولذلك ورد في الشرع الخيارات الاربعة عشر وهذا يعني ان العقد صحيح ويحق الأخر الفسخ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo