< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/07/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفقود واحكامه: بحث بعض المسائل في المفقود زوجها.

     المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته من الصبر، هل يجوز للحاكم طلاقها؟

     دليل من قال بعدم صلاحية الحاكم للطلاق: الأصل هو انحصار الطلاق بيد الزوج، فغيره يحتاج إلى دليل وهو مفقود هنا.

     ادلّة انحصار الطلاق بيد الزوج: الأول: القرآن الكريم: " إذا طلقتم النساء " وهو خطاب لخصوص الذكور. مناقشة الدليل.

     الثاني: الروايات: " الطلاق بيد من أخذ بالساق " ومناقشتها. الرواية الثاني: " وليت امرا ليست له باهل " ومناقشته.

     الدليل الاجماع ومناقشته بانه دليل لبي نقتصر فيه على القدر المتيقّن، وهو غير هذه الحالة.

     الأصل العملي: استصحاب بقاء الزوجيّة.

بعد التذكير بدليل من قال بصلاحية الحاكم في طلاق الزوجة المفقود زوجها المعلوم حياته وهو منع الوقوع من المعصية ومناقشته بان المنع عن المنكر يختلف عن النهي عن المنكر.

نأتي إلى مناقشة دليل من قال بعدم صلاحيّة الحاكم للطلاق وهو عموم أن الأصل والقاعدة بقاء الطلاق بيد الزوج.

دليل حصر الطلاق بيد الزوج: بحثنا سابقا عن دليل حصر الطلاق بيد الزوج وليس للزوجة طلاق نفسها، هل هو استحسان محض أو هناك ادلّة؟ فما يمكن الاستدلال به:

الدليل الاول ما ذكر في القرآن الكريم من قوله تعالى: " إذا طلقتم النساء " وهو ظاهر في أن الطلاق بيد الزوج. لكن قلنا أن الطلاق حقيقة لغوية وليست حقيقة شرعيّة، ففي لغة الناس الطلاق يكون بيد الرجل وبيد المرأة، وهذا ينفع انه في الأمور المشكوكة نرجع للمعنى اللغوي وهو ان الطلاق بيد الاثنين والحصر بيد الزوج يحتاج إلى دليل. سنعود إلى بيان هذه النقطة عند بيان المختار.

فإذن الدليل الاول من القرآن استعمال " إذا طلّقتم " الضمير فيها أي ضمير المخاطبين " تم " خاص لجميع الذكور، لكنه يستعمل ويراد منه ما يشمل الذكور والانثى، ثم ان " واو " الجماعة لفظ موضوع لجماعة الذكور ولكنه كذلك قد يشمل ويراد منه ما يشمل الذكور والاناث من باب التغليب وهو كثير.

ثم لا بد من ملاحظة: الاشياء التي لم تذكر صريحة في القرآن أو في السنّة ليس معناها ان ليس لها حكم، بل معناها أن الشارع تركها بادلتها لما عند الناس من أحكام فيكفي سكون الشارع بيانا حينئذ وهو من تقرير المعصوم.

الدليل الثاني الروايات: فهو للحديث الشريف المشهور: " الطلاق بيد من اخذ بالساق " وهو ظاهر في حصر الطلاق بيد الزوج.

مناقشة الدليل: " ان الطلاق بين من اخذ بالساق" قلنا سابقا أن هذه رواية عاميّة ضعيفة السند لكن اشتهر العمل بها، مع ملاحظة ان متنها ادبيا متين قوي، فإذا قلنا ان الشهرة العمليّة دليل وتجبر ضعف الرواية عملنا حينئذ بالرواية. والادلّة على حجيّة الشهرة من أهمها أنهم اطلعوا على قرائن لم نطلّع عليها معتمدين على ما هم عليه في تقوى وورع، ومن الادلة على حجية كل انواع الشهرة هو النصوص المعتبرة: " خذ ما اشتهر بين اصحابك ودع الشاذ النادر فان المشهور لا ريب فيه" باطلاقها تشمل كل انواع الشهرة. ومن الأدلة ان الشهرة حجّة لانها اولى من الخبر الذي هو حجّة من باب الظن، حيث أن الظن الناشئ من الشهرة اقوى من الظن الناشئ من الخبر. وهذه الادلّة الثلاثة نحن وغيرنا لا نعتبرها ولا نعمل بها ونقول بعدم حجيّة الشهرة.

والحديث الآخر الوارد والذي يمكن ان يستدل به لحصر الطلاق بيد الزوج: " لقد وليت أمرا ليست أهلا له ".

وجوابنا: إن موضوع الرواية خصوص الزوجة دون غيرها من الولي أو الحاكم، إلا على القول بحجيّة مفهوم اللقب، ونحن لا نقول به.

الدليل الثالث: الاجماع:

ايضا يوجد دليل آخر على ان الطلاق بيد الزوج حصرا دون غيره هو الاجماع والسيرة أو هو نوع من الضرورة الفقهية.

دعوى الاجماع: مناقشة: لا يبعد حصول الاجماع على ذلك، وهو الدليل الاقوى، لكن الاجماع والسيرة دليلان لبيان نقتصر فيهما على القدر المتيقّن. والقدر المتيقن في كون الطلاق بيد الزوج حصرا هو الحالة الطبيعيّة، دون ما نحن فيه وهي من كانت في حالة تخاف على نفسها من الوقوع في المعصية.

من هنا نقول: إن الاجماع لا يشملها.

هذا في الاصل اللفظي وعالم الدليل وأما الأصل العملي فهو استصحاب بقاء الزوجيّة بعد إنشاء طلاق الحاكم، للشك في صحة الطلاق، وقد يختلف التعبير، فتارة بالاستصحاب وتارة بأصالة عدم الاثر واخرى بأصالة الفساد تعبيرات مختلفة مرادها واحد لكن الصحيح من هذه التعبيرات هو استصحاب الزوجيّة، لانه يفرق الامر بين اصالة الفساد واصالة عدم الاثر، فأصالة الفساد تنظر إلى خصوص المعاملة فاسدة هي أو لا؟ ومن ثمارها عدم الاثر على القول بالفساد والظاهر ان الحجّة هو الاستصحاب كما ذكرنا سابقا وقلنا أن أصالة العدم مسألة غير تامّة، الممكن في تعريف المناطقة والفلاسفة هو " ما تساوى فيه الطرفان الوجود والعدم " من اين اتت اصالة العدم؟ نعم عندنا أصالة عدم الحادث الذي هو أمر ممكن يتساوى فيه الوجود والعدم، وهذه ترجع إلى استصحاب العدم، أي " كان الله ولم يكن شيء "، فعند الشك في اختراق هذا العدم نستصحبه.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo