< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

43/07/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفقود واحكامه: بحث بعض المسائل في المفقود زوجها.

     في اشتراط كون الحاكم مجتهدا وعادلا: الروايات خالية من ذلك.

     يتعارض العموم الفوقاني وهو " الطلاق بيد من اخذ بالساق " أي بيد الزوج، مع العموم التحتاني وهو " يطلقها السلطان "، ويقدّم التحتاني على الفوقاني لكونه أخص.

     النتيجة: ظاهر الادلّة عدم الاشتراط فيما لو تمّت جميع الإجراءات المطلوبة شرعا من مدّة الانتظار والفحص والطهر والشاهدين العدلين، لكن في النفس شيء لبعض الإشارات مثل روايات عدم التحاكم إلى حكام الجور والترافع عند أهل الشرع، وهو إشارة إلى عدم اخذ حكام الجور دورا في حياة المتشرّعة، فالأحوط اشتراط كون الحاكم شرعيا.

بقي مسائل [1] : هل يشترط في الحاكم المطلّق أن يكون مجتهدا عادلا؟

نلاحظ ان في الفتاوى التعبير بلفظ رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي، والظاهر ان مرادهم المراد منه المجتهد العادل. لكن حاليا وهو محل ابتلاء رفعت أمرها في هذه المحاكم الشرعية الرسمية التابعة للدولة الموجودة القاضي المعيّن ليس بمجتهد ، فلو تمم الإجراءات كاملة، كالبحث في الصقع الذي غاب فيه وانتظرت أربع سنوات وكانت في طهر مع شاهدين عدلين ثم أخذ القرار بالطلاق وطلّقها، فما حكم هذه الزوجة؟ هل أصبحت طالقا شرعا أو لا؟ ومنشأ الشك ان المطلق لم يكن الحاكم الشرعي، بل الحاكم الزمني.

الجواب: الظاهر من الادلّة والروايات عدم اشتراطه، لعدم وجود أثر له من الروايات وهو أحوط، نعم يجب ان يكون ثقة ومبسوط اليد ولو شرعا، إذ لا يوجد في النصوص إلا لفظ السلطان والوالي والامام، ونقطع بأن ليس المراد منه الامام المعصوم (ع) إذ هو غير متيسر لكل النساء في الأرض وفي كل الأزمنة.

نعم رفع الامر إلى الحاكم الشرعي هو الاحوط خصوصا بعد ملاحظة النهي الوارد في الروايات التي تشير إلى عدم الترافع إلى حكام الجور، كذلك ذكر صفات الحاكم أن يكون مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه، روى حديثنا وعرف حلالنا من حرامنا.

في الواقع انا لم أجد دليلا تقنيا على اشتراط الحاكم الشرعي، بل يكفي السلطان الزمني مع قدرته والثقة به وباجراءاته، وقلنا في الفاحص انه لا يشترط ذلك.

الكلام في المطلّق هل يجب أن يكون الحاكم الشرعي؟ فلننظر في القواعد والادلّة:

الأصل والقاعدة ان يكون الطلاق بيد من اخذ بالساق الذي هو الزوج، خرج الحاكم الشرعي بالدليل والنص في حال المفقود، اما السلطان الزمني فهل يكفي؟

كقاعدة يمكن أن نقول ان اطلاقات الطلاق بيد من أخذ بالساق هذا العموم الفوقاني، يقيّده إطلاق طلاق السلطان والوالي والامام وهو العموم التحتاني الحاكم والمقدّم على العموم الفوقاني لأنه أخص وأضيق، والإخص أظهر من العام فيقدّم عليه.

بيانه: عندنا عموم " الطلاق بين من اخذ بالساق "، استثني منه الحاكم الشرعي الذي له حق الطلاق في حالة المفقود، فغير الحاكم الشرعي يحتاج لدليل فنعود للإطلاقات الأولى، لكن استثناء الحاكم الشرعي لم يرد بنص الحاكم الشرعي بل ورد بنص السلطان والولي والامام، أي هو مطلق يشمل الزمني والشرعي.

عندنا إذن عموم فوقاني وهو الطلاق بيد من اخذ بالساق، وعموم تحتاني مقيّد، ايهما مقدّم العموم الفوقاني أم التحتاني؟ يقدّم العموم التحتاني لأنه أخص فيقيّد العام الفوقاني فنرفع اليد عنه.

وعليه، عموم السلطان يقدّم على عموم أن يكون الطلاق بيد الزوج دون غيره.

لكن في النفس شيء: أولا: الروايات إلى عدم الترافع إلى محاكم الجور، والنهي ذلك، فهي وان وردت في خصوص المرافعات إلا انها تشير إلى عدم الرجوع وتحكيمهم في كل الأمور، أي ان لا نجعل لهم في حياتنا دورا فتشمل ما نحن فيه وهو جل مشكلة المفقود زوجها.

ثانيا: الترافع النظر إلى رجل روى حديثنا، وهذا اشعار لإهمال حكام الجور.

ثالثا: رواية: " اما الحوادث الواقعة" وهذا من الحوادث الواقعة – موضوعا أو حكما - نرجع فيها إلى رواة حديثنا.

لذلك في النفس شيء ان تجعل الطلاق في يد هؤلاء، وانا اعتقد ان الفتوى في الرجوع إلى الحاكم الشرعي فتوى احتياطيّة.

ثم إنه قد يقال ان كلمة " الامام " تقيّد السلطان والولي بخصوص الحاكم الشرعي لانصرافها إلى ذلك، فيكون المراد الامام (ع) ومن كان نائبا عنه، سواء كان بالنيابة العامّة أو الخاصة، وحينئذ تكون كلمة " الامام " مفسرّة لكلمة " والي " و " سلطان " وبناء على حمل المطلق على المقيّد يكون المراد من كلمة " والي " و " سلطان " هو خصوص الحاكم الشرعي.

فانه يقال: أولا: لا نقول بحمل المطلق على المقيّد في الايجابيين.

ثانيا: ان الأصل تطابق المراد في المعنى، فلماذا لا نحمل كلمة " الامام " على السلطان، أي تكون كلمة " والي " و " سلطان " هي المفسّرة للفظ الامام، كما يلاحظ ذلك في غير مورد.

النتيجة: في النفس شيء فالأحوط الرجوع إلى الحاكم الشرعي وان يكون هو المطلّق دون غيره، لكن الادلّة يؤدي في حال تمّت الإجراءات بشكل صحيح من الانتظار أربع سنوات والفحص في الصقع الذي فقد فيه والطهارة من الحيض والشهود العدول، سواء كان مجتهدا أو لا، عادلا أو لا، بإطلاق كلمة سلطان تشملها، ولا تؤدي إلى صحة طلاق السلطان في هذه الحالة.

 


[1] توضيح: بحث الخارج هو تاسيس للقواعد العامّة وتطبيقها، ليس بحث الخارج استعراض آراء، هذا يعود لنشاط الطالب وجبه لإطلاع، اما البحث هو عبارة عن تركيز القواعد وتطبيقها على المسائل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo